منتديات لعيونكم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات تهتم ببرامج الكمبيوتر والانترنت والشعر والرياضه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة
    المواضيع الأخيرة
    » درس الخلفيـــــة الناريـــة بالفوتوشوب
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالسبت مايو 23, 2015 1:01 am من طرف al_jorany_88

    » كتاب السحر الاشهر>>>منبع اصول الحكمه للعلامه البوني
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 29, 2014 10:06 pm من طرف علي الأكبر

    » برنامج روعة لاصلاح usb بلمسة زر
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 16, 2014 6:44 pm من طرف a1b2c3ma

    » انشودة رمضان - ابو حنين الخادم و ابو زينب العامري , جميلة جداً و هادئه 2014
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد يونيو 29, 2014 6:28 pm من طرف هذيان عاشق

    » تاريخ ناحية النصر
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد مايو 18, 2014 6:02 am من طرف مهندس محمود شاكرالزاملي

    » محافظة ذي قار
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد مايو 18, 2014 5:57 am من طرف مهندس محمود شاكرالزاملي

    » اشتباه في ذكر موضوع في خصوص العشائر العراقيه
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد مايو 18, 2014 5:36 am من طرف مهندس محمود شاكرالزاملي

    » كتاب السحر العجيب فى جلب الحبيب
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالجمعة مايو 16, 2014 1:42 pm من طرف شوان

    » سجل في هذا الموقع لمعرفة باسوورد حسابات الفيس بوك
    مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 01, 2013 5:01 pm من طرف ابو كرار الساعدي

    بحـث
     
     

    نتائج البحث
     
    Rechercher بحث متقدم
    ازرار التصفُّح
     البوابة
     الفهرس
     قائمة الاعضاء
     البيانات الشخصية
     س .و .ج
     ابحـث
    التبادل الاعلاني
    أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
    ابو كرار الساعدي
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    bassant
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    bobo
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    ابراهيم الساعدي
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    حبيبة بابا
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    nona
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    حيدر العتابي
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    الهلالي
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    حمادة الساعدي
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    احسان العراقي
    مربون عبر التاريخ I_vote_rcapمربون عبر التاريخ I_voting_barمربون عبر التاريخ I_vote_lcap 
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 2 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 2 زائر

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 66 بتاريخ الأربعاء يوليو 09, 2014 4:54 am

    أخبر صديقك عن موقعنا


     

     

     مربون عبر التاريخ

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد فبراير 01, 2009 11:33 pm

    مصعب بن عمير.. أول سفراء الإسلام


    مصعب بن عمير.. أول سفراء الإسلام

    هذا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.



    غرّة فتيان قريش، وأوفاهم جمالا، وشبابا..



    يصف المؤرخون والرواة شبابه فيقولون: " كان أعطر أهل مكة"..



    ولد في النعمة، وغذيّ بها، وشبّ تحت خمائلها.



    ولعله لم يكن بين فتيان مكة من ظفر بتدليل أبويه بمثل ما ظفر به "مصعب بن عمير"..



    ذلك الفتى الريّان، المدلل المنعّم، حديث حسان مكة، ولؤلؤة ندواتها ومجالسها، أيمكن أن يتحوّل الى أسطورة من أساطير الايمان والفداء..؟



    بالله ما أروعه من نبأ.. نبأ "مصعب بن عمير"، أو "مصعب الخير" كما كان لقبه بين المسلمين.



    انه واحد من أولئك الذين صاغهم الاسلام وربّاهم "محمد" عليه الصلاة والسلام..



    ولكن أي واحد كان..؟



    إن قصة حياته لشرف لبني الإنسان جميعا..



    لقد سمع الفتى ذات يوم، ما بدأ أهل مكة يسمعونه من محمد الأمين صلى الله عليه وسلم..



    "محمد" الذي يقول أن الله أرسله بشيرا ونذيرا.. وداعيا الى عبادة الله الواحد الأحد.



    وحين كانت مكة تمسي وتصبح ولا همّ لها، ولا حديث يشغلها إلا الرسول عليه الصلاة والسلام ودينه، كان فتى قريش المدلل أكثر الناس استماعا لهذا الحديث.



    ذلك أنه كان على الرغم من حداثة سنه، زينة المجالس والندوات، تحرص كل ندوة أن يكون مصعب بين شهودها، ذلك أن أناقة مظهره ورجاحة عقله كانتا من خصال "ابن عمير" التي تفتح له القلوب والأبواب..



    ولقد سمع فيما سمع أن الرسول ومن آمن معه، يجتمعون بعيدا عن فضول قريش وأذاها.. هناك على الصفا في درا "الأرقم بن أبي الأرقم" فلم يطل به التردد، ولا التلبث والانتظار، بل صحب نفسه ذات مساء إلى دار الأرقم تسبقه أشواقه ورؤاه...



    هناك كان الرسول صلى الله عليه وسلم يلتقي بأصحابه فيتلو عليهم القرآن، ويصلي معهم لله العليّ القدير.



    ولم يكد مصعب يأخذ مكانه، وتنساب الآيات من قلب الرسول متألقة على شفتيه، ثم آخذة طريقها الى الأسماع والأفئدة، حتى كان فؤاد ابن عمير في تلك الأمسية هو الفؤاد الموعود..!



    ولقد كادت الغبطة تخلعه من مكانه، وكأنه من الفرحة الغامرة يطير.



    ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بسط يمينه الحانية حتى لامست الصدر المتوهج، والفؤاد المتوثب، فكانت السكينة العميقة عمق المحيط..

    وفي لمح البصر كان الفتى الذي آمن وأسلم يبدو ومعه من الحكمة ما يفوق ضعف سنّه وعمره، ومعه من التصميم ما يغيّر سير الزمان..!!!



    كانت أم مصعب "خنّاس بنت مالك" تتمتع بقوة فذة في شخصيتها، وكانت تهاب إلى حد الرهبة..



    ولم يكن مصعب حين أسلم ليحاذر أو يخاف على ظهر الأرض قوة سوى أمه.



    فلو أن مكة بل أصنامها وأشرافها وصحرائها، استحالت هولا يقارعه ويصارعه، لاستخف به مصعب إلى حين..



    أما خصومة أمه، فهذا هو الهول الذي لا يطاق..!



    ولقد فكر سريعا، وقرر أن يكتم إسلامه حتى يقضي الله أمرا.



    وظل يتردد على دار الأرقم، ويجلس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو قرير العين بإيمانه، وبتفاديه غضب أمه التي لا تعلم خبر إسلامه خبرا..



    ولكن مكة في تلك الأيام بالذات، لا يخفى فيها سر، فعيون قريش وآذانها على كل طريق، ووراء كل بصمة قدم فوق رمالها الناعمة اللاهبة، الواشية..



    ولقد أبصر به "عثمان بن طلحة" وهو يدخل خفية إلى دار الأرقم.. ثم رآه مرة أخرى وهو يصلي كصلاة محمد صلى الله عليه وسلم، فسابق ريح الصحراء وزوابعها، شاخصا إلى أم مصعب، حيث ألقى عليها النبأ الذي طار بصوابها...



    ووقف مصعب أمام أمه، وعشيرته، وأشراف مكة مجتمعين حوله يتلو عليهم في يقين الحق وثباته، القرآن الذي يغسل به الرسول قلوبهم، ويملؤها به حكمة وشرفا، وعدلا وتقى.



    وهمّت أمه أن تسكته بلطمة قاسية، ولكن اليد التي امتدت كالسهم، ما لبثت أن استرخت وتنحّت أمام النور الذي زاد وسامة وجهه وبهاءه جلالا يفرض الاحترام، وهدوءا يفرض الاقناع..



    ولكن، إذا كانت أمه تحت ضغط أمومتها ستعفيه من الضرب والأذى، فإن في مقدرتها أن تثأر للآلهة التي هجرها بأسلوب آخر..



    وهكذا مضت به إلى ركن قصي من أركان دارها، وحبسته فيه، وأحكمت عليه أغلاقه، وظل رهين محبسه ذاك، حتى خرج بعض المؤمنين مهاجرين إلى أرض الحبشة، فاحتال لنفسه حين سمع النبأ، وغافل أمه وحراسه، ومضى إلى الحبشة مهاجرا أوّابا..



    ولسوف يمكث بالحبشة مع إخوانه المهاجرين، ثم يعود معهم إلى مكة، ثم يهاجر إلى الحبشة للمرة الثانية مع الأصحاب الذين يأمرهم الرسول بالهجرة فيطيعون.



    ولكن سواء كان مصعب بالحبشة أم في مكة، فإن تجربة إيمانه تمارس تفوّقها في كل مكان وزمان، ولقد فرغ من اعداة صياغة حياته على النسق الجديد الذي أعطاهم محمد نموذجه المختار، واطمأن مصعب إلى أن حياته قد صارت جديرة بأن تقدّم قربانا لبارئها الأعلى، وخالقها العظيم..




    خرج يوما على بعض المسلمين وهم جلوس حول رسول الله، فما أن بصروا به حتى حنوا رؤوسهم وغضوا أبصارهم وذرفت بعض عيونهم دمعا شجيّا..



    ذلك أنهم رأوه.. يرتدي جلبابا مرقعا باليا، وعاودتهم صورته الأولى قبل إسلامه، حين كانت ثيابه كزهور الحديقة النضرة، وألقا وعطرا..



    وتملى رسول الله مشهده بنظرات حكيمة، شاكرة محبة، وتألقت على شفتيه ابتسامته الجليلة، وقال:

    " لقد رأيت مصعبا هذا، وما بمكة فتى أنعم عند أبويه منه، ثم ترك ذلك كله حبا لله ورسوله".!!



    لقد منعته أمه حين يئست من ردّته كل ما كانت تفيض عليه من نعمة.. وأبت أن يأكل طعامها إنسان هجر الآلهة وحاقت به لعنتها، حتى ولو يكون هذا الإنسان ابنها..!!



    ولقد كان آخر عهدها به حين حاولت حبسه مرّة أخرى بعد رجوعه من الحبشة. فآلى على نفسه لئن هي فعلت ليقتلن كل من تستعين به على حبسه..



    وأنها لتعلم صدق عزمه إذا همّ وعزم، فودعته باكية، وودعها باكيا..



    وكشفت لحظة الوداع عن إصرار عجيب على الكفر من جانب الأم، وإصرار أكبر على الإيمان من جانب الابن.. فحين قالت له وهي تخرجه من بيتها: اذهب لشأنك، لم أعد لك أمّا. اقترب منها وقال: "يا أمّه إني لك ناصح، وعليك شفوق، فاشهدي بأنه لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله"...

    أجابته غاضبة مهتاجة: " قسما بالثواقب، لا أدخل في دينك، فيزرى برأيي، ويضعف عقلي"..!!



    وخرج مصعب من النعمة الوارفة التي كان يعيش فيها مؤثرا الشظف والفاقة.. وأصبح الفتى المتأنق المعطّر، لا يرى إلا مرتديا أخشن الثياب، يأكل يوما، ويجوع أياما، ولكن روحه المتأنقة بسمو العقيدة، والمتألقة بنور الله، كانت قد جعلت منه إنسانا آخر يملأ الأعين جلال والأنفس روعة...



    وآنئذ، اختاره الرسول لأعظم مهمة في حينها: أن يكون سفيره إلى المدينة، يفقّه الأنصار الذين آمنوا وبايعوا الرسول عند العقبة، ويدخل غيرهم في دين الله، ويعدّ المدينة ليوم الهجرة العظيم..



    كان في أصحاب رسول الله يومئذ من هم أكبر منه سنّا وأكثر جاها، وأقرب من الرسول قرابة.. ولكن الرسول اختار مصعب الخير، وهو يعلم أنه يكل إليه بأخطر قضايا الساعة، ويلقي بين يديه مصير الإسلام في المدينة التي ستكون دار الهجرة، ومنطلق الدعوة والدعاة، والمبشرين والغزاة، بعد حين من الزمان قريب..



    وحمل مصعب الأمانة مستعينا بما أنعم الله عليه من رجاحة العقل وكريم الخلق، ولقد غزا أفئدة المدينة وأهلها بزهده وترفعه وإخلاصه، فدخلوا في دين الله أفواجا..



    لقد جاءها يوم بعثه الرسول إليها وليس فيها سوى اثني عشر مسلما هم الذين بايعوا النبي من قبل بيعة العقبة، ولكنه لم يكد يتم بينهم بضعة أشهر حتى استجابوا لله وللرسول..!!



    وفي موسم الحج التالي لبيعة العقبة، كان مسلمو المدينة يرسلون إلى مكة للقاء الرسول وفدا يمثلهم وينوب عنهم.. وكان عدد أعضائه سبعين مؤمنا ومؤمنة.. جاءوا تحت قيادة معلمهم ومبعوث نبيهم إليهم "مصعب ابن عمير".



    لقد أثبت "مصعب" بكياسته وحسن بلائه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف كيف يختار..



    فلقد فهم مصعب رسالته تماما ووقف عند حدودها.. عرف أنه داعية إلى الله تعالى، ومبشر بدينه الذي يدعوا الناس إلى الهدى، وإلى صراط مستقيم. وأنه كرسوله الذي آمن به، ليس عليه إلا البلاغ..



    هناك نهض في ضيافة "أسعد بن زرارة" يفشيان معا القبائل والبيوت والمجالس، تاليا على الناس ما كان معه من كتاب ربه، هاتفا بينهم في رفق عظيم بكلمة الله (إنما الله إله واحد)..



    ولقد تعرّض لبعض المواقف التي كان يمكن أن تودي به وبمن معه، لولا فطنة عقله، وعظمة روحه..



    ذات يوم فاجأه وهو يعظ الانس "أسيد بن خضير" سيد بني عبد الأشهل بالمدينة، فاجأه شاهرا حربته و يتوهج غضبا وحنقا على هذا الذي جاء يفتن قومه عن دينهم.. ويدعوهم لهجر آلهتهم، ويحدثهم عن إله واحد لم يعرفوه من قبل، ولم يألفوه من قبل..!

    إن آلهتهم معهم رابضة في مجاثمها و إذا احتاجها أحد عرف مكانها وولى وجهه ساعيا إليها، فتكشف ضرّه وتلبي دعاءه... هكذا يتصورون ويتوهمون..

    أما إله محمد الذي يدعوهم إليه باسمه هذا السفير الوافد إليهم، فما أحد يعرف مكانه، ولا أحد يستطيع أن يراه..!!

    وما أن رأى المسلمون الذين كانوا يجالسون مصعبا مقدم أسيد بن حضير متوشحا غضبه المتلظي، وثورته المتحفزة، حتى وجلوا.. ولكن مصعب الخير ظل ثابتا وديعا، متهللا..



    وقف أسيد أمامه مهتاجا، وقال يخاطبه هو وأسعد بن زرارة:

    "ما جاء بكما إلى حيّّنا، تسهفان ضعفاءنا..؟ اعتزلانا إذا كنتما لا تريدان الخروج من الحياة"..!!



    وفي مثل هدوء البحر وقوته..

    وفي مثل تهلل ضوء الفجر ووداعته.. انفرجت أسارير مصعب الخير وتحرّك بالحديث الطيب لسانه فقال:

    "أولا تجلس فتستمع..؟! فإن رضيت أمرنا قبلته.. وإن كرهته كففنا عنك ما تكره".



    الله أكبر.. ما أروعها من بداية سيسعد بها الختام..!!



    كان أسيد رجلا أريبا عاقلا.. وها هو ذا يرى مصعبا يحتكم معه إلى ضميره، فيدعوه أن يسمع لا غير.. فإن اقتنع، تركه لاقتناعه وإن لم يقتنع ترك مصعب حيّهم وعشيرتهم، وتحول إلى حي آخر وعشيرة أخرى غير ضارّ ولا مضارّ..



    هنالك أجابه أسيد قائلا: أنصفت.. وألقى حربته إلى الأرض وجلس يصغي..



    ولم يكد مصعب يقرأ القرآن، ويفسر الدعوة التي جاء بها محمد بن عبدالله عليه الصلاة والسلام، حتى أخذت أسارير أسيد تبرق وتشرق.. وتتغير مع مواقع الكلم، وتكتسي بجماله..!!

    ولم يكد مصعب يفرغ من حديثه حتى هتف به أسيد بن حضير وبمن معه قائلا:

    "ما أحسن هذا القول وأصدقه.. كيف يصنع من يريد أن يدخل في هذا الدين"..؟؟



    وأجابوه بتهليلة رجّت الأرض رجّا، ثم قال له مصعب:

    "يطهر ثوبه وبدنه، ويشهد أن لا إله إلا الله".



    فغاب أسيد عنهم غير قليل ثم عاد يقطر الماء الطهور من شعر رأسه، ووقف يعلن أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله..



    وسرى الخبر كالضوء.. وجاء سعد بن معاذ فأصغى لمصعب واقتنع، وأسلم ثم تلاه سعد بن عبادة، وتمت بإسلامهم النعمة، وأقبل أهل المدينة بعضهم على بعض يتساءلون: إذا كان أسيد بن حضير، وسعد بن معاذ، وسعد بن عبادة قد أسلموا، ففيم تخلفنا..؟ هيا إلى مصعب، فلنؤمن معه، فإنهم يتحدثون أن الحق يخرج من بين ثناياه..!!



    لقد نجح أول سفراء الرسول صلى الله عليه وسلم نجاحا منقطع النظير.. نجاحاً هو له أهل، وبه جدير..



    وتمضي الأيام والأعوام، ويهاجر الرسول وصحبه إلى المدينة، وتتلمظ قريش بأحقادها.. وتعدّ عدّة باطلها، لتواصل مطاردتها الظالمة لعباد الله الصالحين.. وتقوم غزوة بدر، فيتلقون فيها درسا يفقدهم بقية صوابهم ويسعون إلى الثأر، و تجيء غزوة أحد.. ويعبئ المسلمون أنفسهم، ويقف الرسول صلى الله عليه وسلم وسط صفوفهم يتفرّس الوجوه المؤمنة ليختار من بينها من يحمل الراية.. ويدعو مصعب الخير، فيتقدم ويحمل اللواء..



    وتشب المعركة الرهيبة، ويحتدم القتال، ويخالف الرماة أمر الرسول عليه الصلاة والسلام، ويغادرون موقعهم في أعلى الجبل بعد أن رأوا المشركين ينسحبون منهزمين، لكن عملهم هذا، سرعان ما يحوّل نصر المسلمين إلى هزيمة.. ويفاجأ المسلمون بفرسان قريش تغشاهم من أعلى الجبل، وتعمل فيهم على حين غرّة السيوف الظامئة المجنونة..



    حين رأوا الفوضى والذعر في صفوف المسلمين، ركزا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لينالوه..



    وأدرك مصعب بن عمير الخطر الغادر، فرفع اللواء عاليا، وأطلق تكبيرة كالزئير، ومضى يجول ويتواثب.. وكل همه أن يلفت نظر الأعداء إليه ويشغلهم عن الرسول صلى الله عليه وسلم بنفسه، وجرّد من ذاته جيشا بأسره.. أجل، ذهب مصعب يقاتل وحده كأنه جيش لجب غزير..

    يد تحمل الراية في تقديس.. ويد تضرب بالسيف في عنفوان..

    ولكن الأعداء يتكاثرون عليه، يريدون أن يعبروا فوق جثته إلى حيث يلقون الرسول..



    لندع شاهد عيان يصف لنا مشهد الختام في حياة مصعب العظيم..!!

    يقول ابن سعد: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن شرحبيل العبدري، عن أبيه قال:

    [حمل مصعب بن عمير اللواء يوم أحد، فلما جال المسلمون ثبت به مصعب، فأقبل ابن قميئة وهو فارس، فضربه على يده اليمنى فقطعها، ومصعب يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..

    وأخذ اللواء بيده اليسرى وحنا عليه، فضرب يده اليسرى فقطعها، فحنا على اللواء وضمّه بعضديه إلى صدره وهو يقول: وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل..

    ثم حمل عليه الثالثة بالرمح فأنفذه وأندق الرمح، ووقع مصعب، وسقط اللواء].



    وقع مصعب.. وسقط اللواء..!!



    وقع حلية الشهادة، وكوكب الشهداء..!!



    وقع بعد أن خاض في استبسال عظيم معركة الفداء والإيمان..



    كان يظن أنه إذا سقط، فسيصبح طريق القتلة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خاليا من المدافعين والحماة..

    ولكنه كان يعزي نفسه في رسول الله عليه الصلاة والسلام من فرط حبه له وخوفه عليه حين مضى يقول مع كل ضربة سيف تقتلع منه ذراعا:

    (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل)

    هذه الآية التي سينزل الوحي فيما بعد يرددها، ويكملها، ويجعلها، قرآنا يتلى..



    وبعد انتهاء المعركة المريرة، وجد جثمان الشهيد الرشيد راقدا، وقد أخفى وجهه في تراب الأرض المضمخ بدمائه الزكية..

    لكأنما خاف أن يبصر وهو جثة هامدة رسول الله يصيبه السوء، فأخفى وجهه حتى لا يرى هذا الذي يحاذره ويخشاه..!!

    أو لكأنه خجلان إذ سقط شهيدا قبل أن يطمئن على نجاة رسول الله، وقبل أن يؤدي إلى النهاية واجب حمايته والدفاع عنه..!!



    لك الله يا مصعب.. يا من ذكرك عطر الحياة..!!



    وجاء الرسول وأصحابه يتفقدون أرض المعركة ويودعون شهداءها..



    وعند جثمان مصعب، سالت دموع وفيّة غزيرة..



    يقول خبّاب بن الأرت:

    [هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل اله، نبتغي وجه الله، فوجب أجرنا على الله.. فمنا من مضى، ولم يأكل من أجره في دنياه شيئا، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد.. فلم يوجد له شيء يكفن فيه إلا نمرة.. فكنا إذا وضعناها على رأسه تعرّت رجلاه، وإذا وضعناها على رجليه برزت رأسه، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:" اجعلوها مما يلي رأسه، واجعلوا على رجليه من نبات الأذخر"].



    وعلى الرغم من الألم الحزين العميق الذي سببه رزء الرسول صلى الله عليه وسلم في عمه حمزة، وتمثيل المشركين بجثمانه تمثيلا أفاض دموع الرسول عليه السلام، وأوجع فؤاده..

    وعلى الرغم من امتلاء أرض المعركة بجثث أصحابه وأصدقائه الذين كان كل واحد منهم يمثل لديه عالما من الصدق والطهر والنور..

    على الرغم من كل هذا، فقد وقف على جثمان أول سفرائه، يودعه وينعاه..



    أجل.. وقف الرسول صلى الله عليه وسلم عند مصعب بن عمير وقال وعيناه تلفانه بضيائهما وحنانهما ووفائهما: (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)



    ثم ألقى في أسى نظرة على بردته التي كفن بها وقال: "لقد رأيتك بمكة، وما بها أرق حلة، ولا أحسن لمّة منك، ثم هأنتذا شعث الرأس في بردة"؟!



    وهتف الرسول عليه الصلاة والسلام وقد وسعت نظراته الحانية أرض المعركة بكل من عليها من رفاق مصعب وقال:

    "إن رسول الله يشهد أنكم الشهداء عند الله يوم القيامة".



    ثم أقبل على أصحابه الأحياء حوله وقال:

    "أيها الناس زوروهم،وأتوهم، وسلموا عليهم، فوالذي نفسي بيده، لا يسلم عليهم مسلم إلى يوم القيامة، إلا ردوا عليه السلام"..
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد فبراير 01, 2009 11:34 pm

    التابعي : عبدالله بن المبارك



    عبدالله بن المبارك



    - ابن واضح ، الإمام ، شيخ الإسلام، عالم زمانه و أمير الأتقياء في وقته ، أبو عبد الرحمن الحنظلي مولاهم التركي ثم المروزي، الحافظ الغازي ، أحد الأعلام.



    - مولده في سنة ثمان عشرة ومئة .



    - قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك يُكثر الجلوس في بيته ، فقيل له : ألا تستوحش ؟ فقال : كيف استوحش و أنا مع النبي صلى الله عليه وسلم و أصحابه ؟



    - قال أشعث بن شعبة المصِّيصي : قدم الرشيد الرقة ، فانجفل الناس خلفَ ابن المبارك ، وتقطعت النعال و ارتفعت الغبرة ، فأشرفت أم ولد لأمير المؤمنين من برج من قصر الخشب ، فقالت : ماهذا ؟ قالوا : عالم من أهل خراسان قدم ، قالت : هذا والله المُلكُ ، لا ملكُ هارون الذي لا يجمع الناس إلا بشُرط و أعوان .



    - قال محمد بن علي بن الحسن بن شقيق : سمعت أبي قال : كان ابن المبارك إذا كان وقت الحج اجتمع إليه إخوانه من أهل مرو ، فيقولون : نصحبك ، فيقول : هاتوا نفقاتكم ، فيأخذ نفقاتهم فيجعلها في صندوق ويُقفل عليها ، ثم يكتري له ويخرجهم من مرو إلى بغداد ، فلا يزال يُنفق عليهم ويطعمهم أطيب الطعام و أطيب الحلوى ، ثم يخرجهم من بغداد بأحسن زي و أكمل مُروءة ، حتى يصلوا إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، فيقول لكل واحد : ما أمرك عيالك أن تشتري لهم من المدينة من طُرفها ؟ فيقول : كذا وكذا فيشتري لهم ، ثم يخرجهم إلى مكة فإذا قضوا حجهم قال لكل واحد منهم : ما أمرك عيالُك أن تشتري لهم من متاع مكة ؟ فيقول : كذا وكذا ، فيشتري لهم ، ثم يُخرجهم من مكة، فلا يزال يُنفق عليهم إلى أن يصيروا إلى مرو ، فيجصص بيوتهم و أبوابهم ، فإذا كان بعد ثلاثة أيام عمل لهم وليمة و كساهم، فإذا أكلوا وسرّوا دعا بالصندوق ، ففتحه ودفع إلى كل رجل منهم صُرته عليها اسمه .



    - قال سفيان الثوري : إني لأشتهي من عمري كله أن أكون سنة مثل ابن المبارك ، فما أقدر أن أكون ولا ثلاثة أيام .



    - قال ابن عُيينة : نظرت في أمر الصحابة ، و أمر عبدالله ، فما رأيت لهم عليه فضلاً إلا بصحبتهم النبي صلى الله عليه وسلم ، وغزوهم معه.



    - قال القاسم بن محمد بن عباد : سمعت سُويد بن سعيد يقول : رأيت ابن المبارك بمكة أتى زمزم فاستقى شربة ، ثم استقبل القبلة ، فقال : اللهم إن ابن أبي الموال حدثنا عن محمد بن المُنكدر عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (( ماء زمزم لما شُرب له )) وهذا أشربه لعطش القيامة ، ثم شربه .



    - قال نعيم بن حماد : كان ابن المبارك إذا قرأ كتاب الرقاق يصير كأنه ثور منحور أو بقرة منحورة من البكاء، لا يجترئ أحد منا أن يسأله عن شيء إلا دفعه .



    - قال أبو حاتم الرازي : حدثنا عبدة بن سليمان المروزي قال : كنا سرية مع ابن المبارك في بلاد الروم ، فصادفنا العدو ، فلما التقى الصفان ، خرج رجل من العدو فدعا إلى البراز ، فخرج إليه رجل فقتله ، ثم آخر فقتله ، ثم دعا إلى البراز ، فخرج إليه رجل ، فطارده ساعة فطعنه فقتله فازدحم إليه الناس ، فنظرت فإذا هو عبد الله بن المبارك و إذا هو يكتم وجهه بكمه ، فأخذت بطرف كمه فمددته فإذا هو هو . فقال : و أنت يا أبا عمرو ممن يُشنع علينا .



    - وقال أبو حسان عيسى بن عبد الله البصري : سمعت الحسن بن عرفة يقول : قال لي ابن المبارك : استعرت قلماً بأرض الشام ، فذهبت على أن أرده فلما قدمت مرو نظرت فإذا هو معي ، فرجعت إلى الشام حتى رددته على صاحبه .



    - قال أسود بن سالم : كان ابن المبارك إماماً يُقتدى به ، كان من أثبت الناس في السنة، إذا رأيت رجلاً يغمز ابن المبارك فاتهمه على الإسلام .



    اجتمع جماعة فقالوا : تعالوا نعد خصال ابن المبارك من أبواب الخير ، فقالوا : العلم ، والفقه ، والأدب ، والنحو ، و اللغة ، و الزهد ، و الفصاحة ، و الشعر ، و قيام الليل ، و العبادة ، و الحج ، و الغزو ، و الشجاعة ، و الفروسية ، و القوة ، و ترك الكلام فيما لا يعنيه ، والإنصاف ، وقلة الخلاف على أصحابه .



    - قال حبيب الجلاب : سألت ابن المبارك ، ماخير ما أعطي الإنسان ؟ قال : غريزة عقل ، قلت : فإن لم يكن ؟قال : حسن أدب ، قلت : فإن لم يكن؟ قال : أخٌ شفيق يستشيره، قلت : فإن لم يكن ؟ قال : صمت طويل ، قلت : فإن لم يكن ؟ قال : موت عاجل .



    - عن عبد الله قال :إذا غلبت محاسن الرجل على مساوئة لم تذكر المساوئ ، و إذا غلبت المساوئ على المحاسن لم تذكر المحاسن .



    - قيل لابن المبارك : إذا أنت صليت لم لا تجلس معنا ؟ قال : أجلس مع الصحابة و التابعين ، أنظر في كتبهم و آثارهم فما أصنع معكم ؟ أنتم تغتابون الناس .



    - وجاء أن ابن المبارك سُئل : من الناس ؟ فقال : العلماء ، قيل : فمن الملوك ؟ قال : الزهاد ، قيل : فمن الغوغاء ؟ قال : خزيمة و أصحابه ( يعني من أمراء الظلمة ) ، قيل : فمن السفلة ؟ قال : الذين يعيشون بدينهم .



    - وعنه قال : إن البصراء لا يأمنون من أربع : ذنب قد مضى لا يدري ما يصنع فيه الرب عز و جل ، وعمر قد بقي لا يُدرى مافيه من الهلكة ، وفضل قد أُعطي العبد لعله مكر واستدراج ، وضلالة قد زينت يراها هدىً ، وزيغ قلب ساعة فقد يسلب المرء دينه ولا يشعر .



    - عن ابن المبارك قال : من استخف بالعلماء ذهبت آخرته ، ومن استخف بالأمراء ذهبت دنياه ، ومن استخف بالإخوان ذهبت مروءته .



    - عن محمد بن إبراهيم بن أبي سُكينة ، قال : أملى علي ابن المبارك سنة سبع وسبعين ومئة ، وأنفذها معي إلى الفضيل بن عياض من طرسوس :



    ياعابد الحرمين لو أبصرتنا *** لعلمت أنك في العبادة تلعب&g;

    من كان يخضب جيده بدموعـه *** فنحورنا بدمـائنا تتخـضـب

    أو كان يُتعب خيله في باطلٍ *** فخيولنا يوم الصبيحة تتعب

    ريحُ العبير لكم ونحن عبيرنا *** رهج السنابك والغبارالأطيب

    ولقد أتانا من مقال نبينا *** قـول صحـيح صـادق لا يكـذب

    لا يستوي وغبار خيل الله في *** أنف امرئ ودخان نار تلهـب

    هذا كتابُ الله ينطق بيننا *** ليـس الشهـيد بميت لا يُكـذبُ



    فلقيت الفُضيل بكتابه في الحرم فقرأ و بكى ثم قال : صدق أبوعبد الرحمن ونصح .



    - وجاء من طرق عن ابن المبارك ، ويُقال : بل هي لحميد النحوي :



    اغتنم ركعتين زُلفى إلى الله **** إذا كـنت فارغاً مُستريحاً

    و إذا ما هممت بالنطق بالباطل **** فاجعل مكـانه تسبيـحاً

    فاغتنم السكوت أفضل من **** خوض وإن كنت بالكلام فصيحاً



    - عن يحيى الليثي قال : كنا عند مالك ، فاستؤذن لعبد الله بن المبارك بالدخول فأذن له ، فرأينا مالكاً تزحزح له في مجلسه ، ثم أقعده بلصقه ، وما رأيت مالكاً تزحزح لأحد في مجلسه غيره ، فكان القارئ يقرأ على مالك ، فربما مر بشيء فيسأله مالك : ما مذهبكم في هذا ؟ أو ما عندكم في هذا ؟ فرأيت ابن المبارك يُجاوبه ، ثم قام فخرج فأعجب مالك بأدبه ، ثم قال لنا مالك : هذا ابن المبارك فقيه خراسان .



    - وسئل ابن المبارك بحضور سفيان بن عيينة عن مسألة فقال : إنا نهينا أن نتكلم عند أكابرنا .



    - وقال إسماعيل بن إبراهم المصيصي : رأيت الحارث بن عطية في النوم ، فسألته ، فقال : غفر لي ، قلت :فابن المبارك ، قال : بخ بخ ذاك في علِّيين ممن يلج على الله كل يوم مرتين .
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد فبراير 01, 2009 11:35 pm

    العز بن عبدالسلام


    العزّ بن عبد السلام .. سلطان العلماء





    - العزّ بن عبد السلام اسماً ونسباً ولقباً وشهرة ومذهباً:

    ولد سنة 578هـ الإمام عبد العزيز بن عبد السلام السُّلمي، المغربي أصلاً، الدمشقي مولداً، المصري داراً ووفاة، أبو محمد، الملقب بعز الدين، وبسلطان العلماء، والمعروف ببائع الملوك.

    وهو سلطان العلماء، لقبه بهذا اللقب تلميذه الأول شيخ الإسلام ابن دقيق العيد.





    صفاته الخُلُقية :



    إن صفات العز الخُلُقية كثيرة، وهي في مجملها تدل على تمتعه بأكمل الصفات، وأجمل الخصال، وأنبل المزايا، فمن صفاته:





    q الورع :



    لما مرض مرض الموت أرسل له الملك الظاهر بيبرس وقال له: عين مناصبك لمن تريد من أولادك، فقال: ما فيهم من يصلح، وهذه المدرسة الصالحية تصلح للقاضي تاج الدين بن بنت الأعز أحد تلاميذه، ففوضت إليه.

    ومنها عزله لنفسه من القضاء أكثر من مرة خوفاً من حمله الثقيل، وتبعاته العظيمة.





    q الزهد :



    كان العز من الزهاد حقاً وصدقاً، بل كان شديد الزهد، فلم يجمع من الدنيا إلا القليل، وإذا عرضت عليه أعرض عنها، وقصصه في ذلك كثيرة، منها:

    بعد أن انتهت محنته مع الملك الأشرف، أراد الملك أن يسترضيه، فقال: "والله لأجعلنه أغنى العلماء" ولكن العز لم يأبه لذلك، ولم ينتهز هذه الفرصة لمصالحه الشخصية، ولم يقبل درهماً من الملك، بل رفض الاجتماع به لأمور شخصية.

    ولما مرض الملك الأشرف مرض الموت وطلب الاجتماع به ليدعو له، ويقدم له النصيحة اعتبر العز ذلك قربة لله تعالى، وقال: نعم، إن هذه العبادة لمن أفضل العبادات، لما فيها من النفع المتعدي إن شاء الله تعالى.

    وذهب ودعا للسلطان لما في صلاحه من صلاح المسلمين والإسلام، وأمره بإزالة المنكرات، وطلب منه الملك العفو والصفح عما جرى في المحنة، قائلاً: يا عز الدين، اجعلني في حل.. فقال الشيخ: أما محاللتك فإني كل ليلة أحالل الخلق، وأبيت وليس لي عند أحد مظلمة، وأرى أن يكون أجري على الله.

    وفي نهاية الجلسة أطلق له السلطان ألف دينار مصرية، فردها عليه، وقال: هذه اجتماعة لله لا أكدرها بشيء من الدنيا.



    ولما استقال العز من القضاء عند فتواه ببيع الأمراء، ورفض السلطان لذلك، خرج من القاهرة، وكل أمتعته في الحياة، مع أسرته، حِمل حمار واحد، ممايدل على قناعته بالقليل، وزهده في المال والمتاع.

    ومن ذلك ما ذكرته من عرض الظاهر بيبرس عليه أن يجعل أي أبنائه شاء خلفاً له في مناصبه بعد وفاته وإبائه لذلك، عندها قال له الظاهر: من أين يعيش ولدك؟ قال: من عند الله تعالى. قال: نجعل له راتباً؟ قال: هذا إليكم.

    والحقيقة أن ولد العز الشيخ عبد اللطيف كان عالماً فقيهاً، ويصلح للتدريس، ولكن ورع العز وزهده منعه من جعل منصب التدريس وراثة لأولاده.

    قال الداودي: "وكان كل أحد يضرب به المثل في الزهد والعلم".




    q الكرم والسخاء والبذل :



    وهي صفة تؤكد صفة الزهد فيه رحمه الله، فقد كان باسط اليد فيما يملك، يجود بماله على قلته طمعاً في الأجر والثواب.

    حكى قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة رحمه الله، أن الشيخ لما كان بدمشق وقع مرة غلاء كبير حتى صارت البساتين تباع بالثمن القليل، فأعطته زوجته مَصاغاً لها، وقالت: اشتر لنا به بستاناً نَصيف به.

    فأخذ المصاغ، وباعه، وتصدق بثمنه، فقالت: يا سيدي اشتريت لنا؟ قال: نعم، بستاناً في الجنة، إني وجدت الناس في شدة فتصدقت بثمنه، فقالت له: جزاك الله خيراً.



    ولما جاء أستاذ الدار الغِرزخليل برسالة الملك الأشرف بدمشق للشيخ العزّ بعزله عن الإفتاء، قال له: يا غرز من سعادتي لزومي لبيتي، وتفرغي لعبادة ربي، والسعيد من لزم بيته، وبكى على خطيئته، واشتغل بطاعة الله تعالى، وهذا تسليك من الحق، وهدية من الله تعالى إلي، أجراها على يد السلطان وهو غضبان، وأنا بها فرحان، والله يا غرز لو كانت عندي خلعة تصلح لك على هذه الرسالة المتضمنة لهذه البشارة لخلعت عليك، ونحن على الفتوح، خذ هذه السجادة صل عليها.

    فقبِلها وقبّلها، وودعه وانصرف إلى السلطان، وذكر له ما جرى بينه وبينه. فقال لمن حضره: قولوا لي ما أفعل به، هذا رجل يرى العقوبة نعمة، اتركوه، بيننا وبينه الله".



    قال ابن السبكي: "وحكي أنه كان مع فقره كثير الصدقات، وأنه ربما قطع من عمامته، وأعطى فقيراً يسأله إذا لم يجد معه غير عِمامته".





    q التواضع :



    على الرغم من الهيبة التي حظي بها العز والتي كان يخشاه لأجلها السلطان والأمراء، وعلى الرغم من المكانة الاجتماعية والعلمية، فقد كان الشيخ العز متواضع النفس مع نفسه ومع ربه ومع الناس جميعاً.

    ومما يذكر له في ذلك أن نائب السلطنن في مصر عندما جاءه حاملاً سيفه ليقتل العز لفتواه ببيع الأمراء المماليك قام لاستقباله، فاعترضه ابنه خشية عليه من القتل، فقال له: "يا ولدي، أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله".

    وكان رحمه الله يترك التكلف في لباسه، فقد قال ابن السبكي بعد أن ذكر كثرة صدقاته وأنه قد يتصدق بعمامته: "وفي هذه الحكاية ما يدل على أنه كان يلبس العمامة، وبلغني أنه كان يلبس قبّع لباد، وأنه كان يحضر المواكب السلطانية به، فكأنه كان يلبس تارة هذا، وتارة هذا، على حسب ما يتفق له من غير تكلف".

    وقد سبق أنه خرج من مصر وكل متاعه حِمل حمار مما يدل على تواضعه في معيشته، وتركه للتكلف فيها.




    q الهيبة :



    كان العز رحمه الله مهيباً في شخصيته، وكان يظهر أثر ذلك في دروسه وخطبه، وفي اجتماعه مع الناس، ومعاملته مع طلابه ومعاصريه، بل كانت هذه الهيبة تضفي آثارها الجسيمة على المتجبرين والمتكبرين والمتعالين والمتجرئين على الله والناس.

    ومما يستشهد به لهذا الخلق قصته مع الأمراء الأتراك في مصر، وهم جماعة ذكر أن الشيخ لم يثبت عنده أنهم أحرار، وأن حكم الرق مستصحب عليهم لبيت مال المسلمين، فبلغهم ذلك، فعظم الخطب عندهم فيه، وأضرم الأمر، والشيخ مصمم لا يصحح لهم بيعاً ولا شراء ولا نكاحاً، وتعطلت مصالحهم بذلك، وكان من جملتهم نائب السلطنة، فاستشاط غضباً، فاجتمعوا وأرسلوا إليه، فقال: نعقد لكم مجلساً وينادى عليكم لبيت مال المسلمين، ويحصل عتقكم بطريق شرعي، فرفعوا الأمر إلى السلطان، فبعث إليه، فلم يرجع، فجرت من السلطان كلمة فيها غلظة، حاصلها الإنكار على الشيخ في دخـوله في هذا الأمر، وأنه لا يتعلق به، فغضب الشيخ، وحمل حوائجه على حمار، وأركب عائلته على حمار آخر، ومشى خلفهم خارجاً من القاهرة، قاصداً نحو الشام، فلم يصل إلى نحو نصف بريد إلا وقد لحقه غالب المسلمين، لم تكد امرأة ولا صبي ولا رجل لا يؤبه إليه يتخلف، لا سيما العلماء والصلحاء والتجار وأنحاؤهم.

    فبلغ السلطان الخبر، وقيل له: متى راح ذهب ملكك، فركب السلطان بنفسه، ولحقه واسترضاه وطيب قلبه، فرجع واتفقوا معهم على أنه ينادى على الأمراء، فأرسل إليه نائب السلطنة بالملاطفة، فلم يفد فيه، فانزعج النائب وقال: كيف ينادي علينا هذا الشيخ ويبيعنا ونحن ملوك الأرض؟ والله لأضربنه بسيفي هذا، فركب بنفسه في جماعته، وجاء إلى بيت الشيخ والسيف مسلول في يده، فطرق الباب، فخرج ولد الشيخ - أظنه عبد اللطيف - فرأى من نائب السلطنة ما رأى، فعاد إلى أبيه، وشرح له الحال، فما اكترث لذلك ولا تغير، وقال: يا ولدي، أبوك أقل من أن يقتل في سبيل الله، ثم خرج كأنه قضاء الله قد نزل على نائب السلطنة، فحين وقع بصره على النائب يبست يد النائب، وسقط السيف منها، وأرعدت مفاصله، فبكى، وسأل الشيخ أن يدعو له، وقال: يا سيدي خير، أيش تعمل؟ قال: أنادي عليكم وأبيعكم. قال: ففيم تصرف ثمننا، قال: في مصالح المسلمين. قال: من يقبضه؟ قال: أنا. فتم له ما أراد، ونادى على الأمراء واحداً واحداً، وغالى في ثمنهم، وقبضه، وصرفه في وجوه الخير، وهذا ما لم يسمع بمثله عن أحد، رحمه الله تعالى ورضى عنه".



    وقال الأستاذ محمود رزق عن بيبرس: "وكان يهاب سلطان العلماء في زمانه، وهو عز الدين بن عبد السلام".



    ومما يذكر له في هذا الشأن أنه عندما عزل من مناصبه في دمشق وأمر أن يلزم بيته، استأجر بستاناً متطرفاً عن البساتين، وكان مخوفاً، "واتفقت له فيه أعجوبة، وهو أن جماعة من المفسدين قصدوه في ليلة مقمرة، وهو في جوسق عال، ودخلوا البستان، واحتاطوا بالجوسق، فخاف أهله خوفاً شديداً، فعند ذلك نزل إليهم، وفتح باب الجوسق، وقال: أهلاً بضيوفنا، وأجلسهم في مقعد حسن، وكان مهيباً مقبول الصورة، فهابوه، وسخرهم الله له، وأخرجوا لهم من الجوسق ضيافة حسنة، فتناولوها، وطلبوا منه الدعاء، وعصم الله أهله وجماعته منهم بصدق نيته وكرم طويته، وانصرفوا عنه".
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأحد فبراير 01, 2009 11:38 pm

    الحسن البصري.. سيد التابعين

    نسبه ونشأته:

    هو الحسن بن يسار (أبو سعيد) ولد قبل سنتين من نهاية خلافة عمر بن الخطاب رضى الله عنه.



    كان والد الحسن مولى زيد بن ثابت الأنصاري، وأمه مولاة لأم سلمة أم المؤمنين. وقد اعتقا قبل زواجهما. كانت أم الحسن منقطعة لخدمة أم سلمة رضي الله عنها، فترسلها في حاجاتها فيبكي الحسن وهو طفل فتسكته أم سلمة بثديها، وبذلك فإنه رضع من أم سلم رضي الله عنها، وتربى في بيت النبوة. وكانت أم سلمة تخرجه إلى الصحابة فيدعون له، ودعا له عمر بن الخطاب، فقال: "اللهم فقه في الدين وحببه إلى الناس". ولقد حفظ الحسن القرآن قبل بلوغه الرابعة عشر.



    نشأة الحسن في الحجاز بمكان يسمى وادي القرن، وحضر الجمعة مع عثمان بن عفان رضي الله عنه وسمعه يخطب، وشهد يوم استشهاده (يوم تسلل عليه القتلة الدار) وكان عمره أربع عشر سنة.



    وفي سنه(37)هـ انتقل الى البصرة، فكانت مرحله التلقي والتعلم، حيث استمع الى الصحابه الذين استقروا في البصرة لمده ست سنوات وفي السنه (43)هـ عمل كاتبا في غزوه لأمير خراسان الربيع بين زياد لمده عشر سنوات رجع من الغزو واستقر في البصرة حيث اصبح اشهر علماء عصره ومفتي البصرة حتى وفاته.




    صفاته وشمائله:

    كان الحسن البصري رحمه الله مليح الصورة، بهيا، وكان عظيم الزند قال محمد بن سعد: "كان الحسن فقيها، ثقة، حجة، مأمون، ناسكا، كثير العلم، فصيحا، وسيما".



    وكان من الشجعان الموصوفين في الحروب، وكان المهلب بن أبي صفرة يقدمهم إلى القتال، واشترك الحسن في فتح كابور مع عبدالرحمن بن سمرة.



    قال أبو عمرو بن العلاء: "ما رأيت أفصح من الحسن البصري". وقال الغزالي: "وكان الحسن البصري أشبه الناس كلاما بكلام الأنبياء، وأقربهم، هديا من الصحابة، وكان غاية الصحابة تتصبب الحكمة فيه.

    كان الحسن كثير الحزن، عظيم الهيبة، قال أحد الصحابة: "ما رأيت أحدا أطول حزنا من الحسن، ما رأيته إلا حسبته حديث عهد بمصيبة".

    أما عن سببب حزنه فيقول الحسن رحمة الله: "يحق لمن يعلم أن الموت مورده، وأن الساعة موعده، وأن القيام بين يدي الله تعالى مشهده، أن يطول حزنه".



    وكان الحسن البصري يصوم الأيام البيض، والشهر الحرم، والأثنين والخميس.





    علمه:

    لقد كان الحسن أعلم أهل عصره، يقول قتادة: "ما جمعت علم إلى أحد العلماء إلا وجدت له فضلا عليه، غير أنه إذا أشكل عليه كتب فيه على سعيد بن المسيب يسأله، وما جالست فيها قط فضل الحسن".



    وكان للحسن مجلسان للعلم: مجلس خاص بمنزله، ومجلس عام في المسجد يتناول فيه الحديث والفقه وعلوم القرآن واللغة وغيرها وكان تلاميذه كثر.



    رأى الحسن عددا كبيرا من الصحابة وروى عنهم مثل النعمان بن البشير، وجابر بن عبدالله، وابن العباس، وأنس رضوان الله عليهم، ونتيجة لما سبق فقد لقبه عمر بن عبد العزيز بسيد التابعين حيث يقول: "لقد وليت قضاء البصرة سيد التابعين".




    من مواقفه و أقواله:

    عاش الحسن رحمه الله الشطر الأكبر من حياته في دولة بني أمية، وكان موقفه متحفظاً على الأحداث السياسية، وخاصة ما جرّ إلى الفتنة وسفك الدماء، حيث لم يخرج مع أي ثورة مسلحة ولو كانت باسم الإسلام، وكان يرى أن الخروج يؤدي إلى الفوضى والإضطراب، وفوضى ساعة يرتكب فيها من المظالم ما لا يرتكب في استبداد سنين، ويؤدي الخروج إلى طمع الأعداء في المسلمين، ولأن الناس يخرجون من يد ظالم إلى ظالم، وإن شق على دراية إصلاح الحاكم فما زال لإصلاح المحكومين مُيسراً. أما إن كان الحاكم ورعاً مطبقاً لأحكام الله مثل عُمر بن عبد العزيز، فإن الحسن ينصح له، ويقبل القضاء في عهده ليعينه على أداء مهمته.



    كتب الحسن لعُمر بن عبد العزيز ينصحه فقال: "فلا تكن يا أمير المؤمنين فيما ملكك الله كعبد أئتمنه سيده واستحفظه ماله وعياله فنبذ المال وشرد العيال، فأفقر أهله وبدد ماله".



    ولقد عنف الحسن البصري طلبة العلم الشرعي الذين يجعلون علمهم وسيلة للاستجداء فقال لهم: "والله لو زهدتم فيما عندهم، لرغبوا فيما عندكم، ولكنكم رغبتم فيما عندهم، فزهدوا فيكم".





    ومن أقواله في المال: "بئس الرفيقان، الدينار والدرهم، لا ينفعانك حتى يفارقاك".





    وفاته:



    توفي الحسن رحمه الله عشية يوم الخميس في أول رجب سنة عشر وسنة وعاش ثمان وثمانين سنة، وكانت جنازته مشهودة، صلى عليه المسلمون عقب صلاة الجمعة بالبصرة.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 04, 2009 12:22 am

    الشيخ / عز الدين القسام


    ولد الشيخ عز الدين القسام في بلدة جبلة بالقرب من اللاذقية سنة 1871 وكان منذ صغره يميل إلى العزلة والتفكير، وفي شبابه رحل إلى مصر ودرس في الأزهر وكان من عدد تلاميذ الشيخ محمد عبده. ولما عاد إلى بلاده عمل مدرسا في جامع السلطان إبراهيم وفي سنة 1920 عندما اشتعلت الثورة ضد الفرنسيين شعارك القسام في الثورة، فحاولت السلطة العسكرية الفرنسية شراءه وإكرامه بتوليته القضاء، فرفض ذلك وكان جزاؤه أن حكم عليه الديوان السوري العرفي بالإعدام.
    ولجأ القسام إلى مدينة حيفا في 5 شباط 1922 ولجأ معه من رفاق الجهاد الشيخ محمد الحنفي والشيخ علي الحاج عبيد وحتى سنة 1935 لم يكن سكان حيفا يعرفون عن عز الدين القسام سوى أنه واعظ ديني ومرشد ورئيس جمعية الشبان المسلمين في مدينة حيفا وكان بنظرهم شيخا محمود السيرة في تقواه وصدقه ووطنيته كما كانت منطقة الشمال تعرفه إماما وخطيبا بارعا ومأذونا شرعيا وما جاء يوم العشرين من تشرين الثاني "نوفمبر" سنة 1935 حتى أضحى القسام علما من أعلام الجهاد يتردد اسمه في بلاد فلسطين كلها.
    استشهد القسام مع بعض رفاقه وهو يؤدي واجبه في مقاومة السلطة الانتدابية باصطدام مسلح، وهكذا أخلص القسام للثورة التي بدأها وما كان ليرضيه أنه البادئ بالثورة وإنما هي الثورة التي خطط لها وكانت العناوين البارزة في الصحف (معركة هائلة بين عصبة الثائرين والبوليس) و (حادث مريع هز فلسطين من أقصاها إلى أقصاها).
    وعلم الشعب لأول مرة أن الشيخ القسام كان قد اعتصم مع إخوانه في أحراش قرية يعبد وكانوا مسلحين ولايهابون خطر المجابهة مع البوليس ولا عواقبها، إلا أن البوليس كان قد أعد قوة هائلة تفوق عدد الثوار بمئات المرات وكان كقطيع كبير من الجيش مصمما على القضاء على هذه العصابة الإرهابية حسب رأيه فلذلك أحاطت القوات بالمنطقة منذ الفجر ووضع البوليس العربي في الخطوط الهجومية الثلاث الأولى من ثم يليه البوليس الإنكليزي من خلفه، وقبل بدء المعركة نادى أحد أفراد البوليس العربي الثائرين طالبا منهم الاستسلام فرد عليه القسام صائحا \"إننا لن نستسلم، إننا في موقف الجهاد في سبيل الله ثم التفت إلى رفاقه وقال موتوا شهداء في سبيل الله خير لنا من الاستسلام للكفرة الفجرة\" دامت المعركة القصيرة ساعتين كان خلالها الرصاص يصم الآذان والطائرات المحلقة على ارتفاع قليل تكشف للبوليس موقع الثوار وقوتهم وفي نهاية الساعتين أسفرت المجابهة عن استشهاد القسام ورفاقه الذين معه وهم يوسف عبد الله الزيباري وسعيد عطيه المصري ومحمد أبو قاسم خلف وألقى البوليس القبض على الباقين من الجرحى والمصابين.
    وقد اكشف البوليس عند نهاية المعركة مع الشيخ ذي اللحية البيضاء والمجندل على التراب بملابسه الدينية مصحفا وأربعة عشر جنيها ومسدسا كبيرا وكان الشيخ نمر السعدي مازال حيا جريحا حيث استطاع صحفي عربي أن ينقل عن لسانه أول الحقائق الخفية عن عصبة القسام وكانت هذه الحقيقة دليلا على أن المجابهة المسلحة هذه كانت بقرار بدء الثورة منهم جميعا.
    وعلى إثر معركة يعبد التي استشهد بها القسام وبعدها بعشرين يوما انتهز الوطنيون مناسبة ذكرى احتلال القدس وأقاموا اجتماعا كبيرا في يافا في 9 كانون الأول (ديسمبر) 1935 اتخذوا فيه قرارات بالثناء على القسام ورفاقه المجاهدين وحث الشعب على المضي على طريقهم الذي رسموه للأمة العربية والإسلامية في فلسطين معلنين أن القسام آمن بشيئين هما العروبة والإسلام وأنه لا سبيل للعرب والمسلمين سوى هذين السبيلين ولا حل لمشكل المسلمين إلا بإعلان الجهاد في سبيل الله ولا حل للقضية لفلسطينية إلا بالجهاد الإسلامي وكانت نظرة القسام إلى الجاه والمركز نظرة بغضاء مطلقا.
    منذ أن قدم القسام إلى حيفا بدأ يعمل في الإعداد النفسي للثورة وقد ساعده عدد من المؤمنين بالإسلام ومن هؤلاء الشيخ كامل القصاب وهاني أبو مصلح والأول سوري والثاني لبناني إلا أن القسام تلقن درسا س الحكم العسكري الفرنسي في سوريا أن المستعمرين ملة كفر واحدة ولابد من الجهاد في سبيل الله للتغلب عليهم: وكانت أعماله الخارجية من وعظ وتدريس ستارا لعملية اختيار الصالحين من التلاميذ والمستمعين وكذلك سعى القسام لعقد الصلات مع القرى المجاورة عن طريق مهنته كمأذون شرعي للعقود وهكذا السنوات تمر والأنصار يتكاثرون حتى أذن الله لـه في الثورة والاستشهاد في سبيل الله.
    ويرجع المؤرخ أمين سعيد عدم انضمام المثقفين للقسام لأن القسام كان يصرف كل جهده للعمال والكادحين من الفلاحين وغيرهم لأنهم أكثر الفئات انقيادا للتضحية في سبيل الله، وقد عبر عن هذه الحقيقة شاب اسمه حسين الباير الذي استسلم للبوليس إثر المعركة وقال في إفادته الرسمية.
    أنا حسين الباير من قرية بلقيس كنت أسرق وارتكب المحرمات فجاءني الشيخ عز الدين القسام وأخذ يهديني يوما بعد يوم ويعلمني الصلاة وينهاني عن مخالفة الشرع وعن فعل كل منكر أمر الله باجتنابه وبعد مدة أخذني الشيخ عز الدين القسام إلى أحد جبال بلقيس وهناك أعطاني بندقية فسألته لم هذه فأجاب لكي تتمرن عليها وتجاهد مع إخوانك المجاهدين في سبيل الله.
    ومن هؤلاء أبو دره ( بياع الكاز على الطنبر) وأبو خليل الذي يبيع الفحم والفلاييني الذي يلحم التنك والحديد والذي أصبحت مهنته صنع القنابل البدائية لمهاجة العدو.
    ويقول أحد السياسيين الفلسطينين إن ثورة القسام كانت ثورة علينا جميعا شبابا وكهولا إذ كل واحد منا مثقل بعدد كبير من العيال يخاف عليهم من التشريد بعده ولا نشعر أمام ثورته إلا بتبكيت الضمير واحمرار الوجوه سائلين الله أن ينور قلوبنا بالإيمن.
    تألفت الخلايا السرية لعز الدين القسام على شكل حلقات سرية مثل حلقات الأرقم بن أبي الأرقم. خمسة أشخاص مسؤول عنهم (نقيب) وكل خمس وحدات منظمة لها نظامها الخاص والمشرف عليها بمختلف المهمات هو القسام نفسه.
    لاقت ثورة القشام حين قيامها تأييدا واحتراماً من الشعب بلغ الحد الأقصى وذلك على الرغم من أنها لم تكن ثورة شاملة بالمعنى السياسي والتاريخي للكلمة ولكن يمكن القول بأنها كانت نمونجا مثاليا لما يجب أن تكون عليه الثورة كما كانت، انطلاقتها انطلاقة عقائدية وشجاعة في مرحلة كاد اليأس فيها يعم البلاد والواقع أن القسام لم تكتشف حقيقة الأبعاد النضالية والسياسية لحركته إلا بعد استشهاده بسنوات، وخاصة لأن رفاقه من بعده استمروا في النضال محافظين على السرية التامة لوحداتهم النضالية.
    لم يطلق القسام على خلايا الجهاد التي أنشأها اسما معينا، كان هناك فقط شعار عام ينضوي تحت لوائه المجاهدون وتنطوي تحته كل مفاهيم الثورة هذا جهاد نصر أو استشهاد كما روى عنه إبراهيم الشيخ خليل في كتابه ورسالة من مجاهد قديم: ذكريات عن القسام ثم أصبح يقال للمجاهدين من إخوانه بعد استشهاده \"القساميون\" وشاعت هذه الكلمة في سائر بلاد فلسطين شيوعا كبيرا لأن اسمه اقترن بهالة من الخلود والتقديس فقد كثر المتبركون باسمه، خاصة لأنه كان واعظا دينيا إضافة للإمامة وخطبة المسجد وأصبح تلاميذه يرددون باعتزاز بأنهم قساميون أما رفاقه المجاهدون فكانوا يستعملون كلمة قسامي فيما بينهم وحتى بعد مرور عشر سنوات على استشهاده أو أن هذا من جماعة القسام.
    جاءت هذه التسمية على البلاغات الحكومية والأخبار الرسمية حيث دعتهم بالعصابة الإرهابية لكثرة جهادهم واستشهاد الكثير منهم ولكثرة الإصابات في الجيش والشرطة لقوة هذه العصابة وإخلاصها في الجهاد.
    إن المشكلة في عدم تسمية القسام للخلايا السرية التي أنشأها باسم الحزب أو اسم اللجنة أو غيرهما من التسميات الشائعة يضاف إلى هذا السرية التامة عن التنظيم وكان ذلك مدعاة لنفي الصبغة التنظيمية السياسية عن عصبة القسام لدى بعض الناس ومن بين هؤلاء عزة دروزة الذي كان ينفي وجود تنظيم أو حزب للقسام وبالتالي رفض اعتبار عصبة القسام إحدى التنظيمات الفلسطينية السياسية، ومن جهة أخرى مغايرة لتزايد عدد الكتاب من عرب وأجانب في السنوات العشر التي تلت ثورته والذين يكتبون عن عصبة القسام حقائق وتفاصيل لا توجد عادة إلا في أكثر الأحزاب دقة تطورا.
    مع أن عزة دروزه ليس مؤرخا فقط بالنسبة لقضية القسام بل كان رفيق جهاد في أثناء الثورة الكبرى فقد كان عزة في دمشق كحلقة وصل بين المفتي المقيم في لبنان وقادة الفصائل التي تتبع قيادة القسام وغيره من قواد فصائل الثورة.
    فالتشكيلات السياسية بأهدافها ونظمها المختلفة وأعمالها العلنية والسرية كانت تفتقر إلى الكوادر المنظمة والعمل المتواصل وعصبة القسام كانت من أفضلها تنظيما ودراية ونشاطا حيث تنطبق عليها مقاييس المؤسسات الحزبية الحديثة رحم الله القسام فقد فتح بإخلاصه ودينه طريقا عظيما يخلد فيه كل جيل قادم طريقا كطريق القسام ومنهجا كمنهجه
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 04, 2009 12:23 am

    لطفيل بن عمرو الدوسي - الفطرة الراشدة


    الطفيل بن عمرو الدوسي - الفطرة الراشدة


    في أرض دوس نشأ بين أسرة شريفة كريمة..

    وأوتي موهبة الشعر، فطار بين القبائل صيته ونبوغه..

    وفي مواسم عكاظ حيث يأتي الشعراء العرب من كل فج ويحتشدون ويتباهون بشعرائهم، كان الطفيل يأخذ مكانه في المقدمة..



    كما كان يتردد على مكة كثيرا في غير مواسم عكاظ..

    وذات مرة كان يزورها، وقد شرع الرسول يجهر بدعوته..
    وخشيت قريش أن يلقاه الطفيل ويسلم، ثم يضع موهبته الشعرية في خدمة الاسلام، فتكون الطامة على قريش وأصنامها..

    من أجل ذلك أحاطوا به.. وهيئوا له من الضيافة كل أسباب الترف والبهجة والنعيم، ثم راحوا يحذرونه لقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويقولون له:

    " ان له قولا كالسحر، يفرّق بين الرجل وابيه.. والرجل وأخيه.. والرجل وزوجته.. ونا نخشى عليك وعلى قومك منه، فلا تكلمه ولا تسمع منه حديثا"..!!

    ولنصغ للطفيل ذاته يروي لنا بقية النبأ فيقول:

    " فوالله ما زالوا بي حتى عزمت ألا أسمع منه شيئا ولا ألقاه..

    وحين غدوت الى الكعبة حشوت أذنيّ كرسفا كي لا أسمع شيئا من قوله اذا هو تحدث..

    وهناك وجدته قائما يصلي عند الكعبة، فقمت قريبا منه، فأبي الله الا أن يسمعني بعض ما يقرأ، فسمعت كلاما حسنا..

    وقلت لنفسي: واثكل أمي.. والله اني لرجل لبيب شاعر، لا يخفى عليّ الحسن من القبيح، فما يمنعني أن أسمع من الرجل ما يقول، فان كان الذي يأتي به حسن قبلته، وان كان قبيحارفضته.

    ومكثت حتى انصرف الى بيته، فاتبعته حتى دخل بيته، فدخلت وراءه، وقلت له: يا محمد، ان قومك قد حدثوني عنك كذا وكذا.. فوالله ما برحوا يخوّفوني أمرك حتى سددت أذنيّ بكرسف لئلا أسمع قولك..

    ولكن الله شاء أن أسمع، فسمعت قولا حسنا، فاعرض عليّ أمرك..

    فعرض الرسول عليّ الاسلام، وتلا عليّ من القرآن..

    فأسلمت، وشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله: اني امرؤ مطاع في قومي واني راجع اليهم، وداعيهم الى الاسلام، فادع الله أن يجعل لي آية تكون عونا لي فيما أدعهوهم اليه، فقال عليه السلام: اللهم اجعل له آية"..




    **




    لقد أثنى الله تعالى في كتابه على " الذين يسمعون القول فيتبعون أحسنه"..

    وها نحن أولاء نلتقي بواحد من هؤلاء..

    انه صورة صادقة من صور الفطرة الرشيدة..

    فما كاد سمعه يلتقط بعض آيات الرشد والخير التي أنزلها الله على فؤاد رسوله، حتى تفتح كل سمعه، وكل قلبه. وحتى بسط يمينه مبايعا.. ليس ذلك فحسب.. بل حمّل نفسه من فوره مسؤولية دعوة قومه وأهله الى هذا الدين الحق، والصراط المستقيم..!



    من أجل هذا، نراه لا يكاد يبلغ بلده وداره في أرض دوس حتى يواجه أباه بالذي من قلبه من عقيدة واصرار، ويدعو أباه الى الاسلام بعد أن حدّثه عن الرسول الذي يدعو الى الله.. حدثه عن عظمته.. وعن طهره وأمانته.. عن اخلاصه واخباته لله رب العالمين..

    وأسلم أبوه في الحال..

    ثم انتقل الى أمه، فأسلمت

    ثم الى زوجه، فأسلمت..

    ولما اطمأن الى أن الاسلام قد غمر بيته، انتقل الى عشيرته، والى أهل دوس جميعا.. فلم يسلم منهم أحد سوى أبي هريرة رضي الله عنه..

    ولقد راحوا يخذلونه، وينأون عنه، حتى نفذ صبره معهم وعليهم. فركب راحلته، وقطع الفيافي عائدا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يشكو اليه ويتزوّد منه بتعاليمه..

    وحين نزل مكة، سارع الى دار الرسول تحدوه أشواقه..

    وقال للنبي:

    " يا رسول الله..

    انه ق غلبني على دوس الزنى، والربا، فادع الله أن يهلك دوسا"..!!

    وكانت مفاجأة أذهلت الطفيل حين رأى الرسول يرفع كفيه الى السماء وهو يقول:

    " اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!

    ثم التفت الى الطفيل وقال له:

    " ارجع الى قومك فادعهم وارفق بهم".



    ملأ هذا المشهد نفس الطفيل روعة، وملأ روحه سلاما، وحمد اله أبلغ الحمد أن جعل هذا الرسول الانسان الرحيم معلمه وأستاذه. وأن جعل الاسلام دينه وملاذه.

    ونهض عائدا الى أرضه وقومه وهناك راح يدعوهم الى الاسلام في أناة ورفق، كما أوصاه الرسول عليه السلام.

    وخلال الفترة التي قضاها بين قومه، كان الرسول قد هاجر الى المدينة وكانت قد وقعت غزوة بدر، أحد والخندق.

    وبينما رسول الله في خيبر بعد أن فتحها الله على المسلمين اذا موكب حافل ينتظم ثمانين اسرة من دوس أقبلوا على الرسول مهللين مكبّرين ..

    وبينما جلسوا يبايعون تباعا..

    ولما فرغوا من مشهدهم الحافل، وبيعتهم المباركة جلس الطفيل بن عمرو مع نفسه يسترجع ذكرياته ويتأمل خطاه على الطريق..!!

    تذكر يوم قدوم الرسول يسأله أن يرفع كفيه الى السماء ويقول:

    اللهم اهلك دوسا، فاذا هو يبتهل بدعاء آخر أثار يومئذ عجبه..

    ذلك هو:

    " اللهم اهد دوسا وأت بهم مسلمين"..!!

    ولقد هدى الله دوسا..

    وجاء بهم مسلمين..

    وها هم أولاء.. ثمانون بيتا، وعائلة منهم، يشكلون أكثرية أهلها، يأخذون مكانهم في الصفوف الطاهرة خلف رسول الله الأمين.




    **




    ويواصل الطفيل عمله مع الجماعة المؤمنة..

    ويوم فتح مكة، كان يدخلها مع عشرة آلاف مسلم لا يثنون أعطافهم زهوا وصلفا، بل يحنون جباههم في خشوع واذلال، شكرا لله الذي أثابهم فتحا قريبا، ونصرا مبينا..

    ورأى الطفيل رسول الله وهو يهدم أصنام الكعبة، ويطهرها بيده من ذلك الرجس الذي طال مداه..

    وتذكر الدوسي من فوره صنما كان لعمرو بن حممة. طالما كان عمرو هذا يصطحبه اليه حين ينزل ضيافته، فيتخشّع بين يديه، ويتضرّع اليه..!!

    الآن حانت الفرصة ليمحو الطفيل عن نفسه اثم تلك الأيام.. هنالك تقدم من الرسول عليه الصلاة والسلام يستأذنه في أن يذهب ليحرق صنم عمرو بن حممة وكان هذا الصنم يدعى، ذا الكفين، وأذن له النبي عليه السلام..

    ويذهب الطفيل ويوقد عليه النار.. وكلما خبت زادها ضراما وهو ينشد ويقول:

    يا ذا الكفين لست من عبّادكا

    ميلادنا أقدم من ميلادكا!!

    اني حشوت النار في فؤادكا



    وهكذا عاش مع النبي يصلي وراءه، ويتعلم منه، ويغزو معه.

    وينتقل الرسول الى الرفيق الأعلى، فيرى الطفيل أن مسؤوليته كمسلم لم تنته بموت الرسول، بل انها لتكاد تبدأ..

    وهكذا لم تكد حروب الردة تنشب حتى كان الطفيل يشمّر لها عن ساعد وساق، وحتى كان يخوض غمراتها وأهوالها في حنان مشتاق الى الشهادة..

    اشترك في حروب الردة حربا.. حربا..

    وفي موقعة اليمامة خرج مع المسلمين مصطحبا معه ابنه عمرو بن الطفيل".

    ومع بدء المعركة راح يوضي ابنه أن يقاتل جيش مسيلمة الكذاب قتال من يريد الموت والشهادة..

    وأنبأه أنه يحس أنه سيموت في هذه المعركة.

    وهكذا حمل سيفه وخاض القتال في تفان مجيد..

    لم يكن يدافع بسيفه عن حياته.

    بل كان يدافع بحياته عن سيفه.

    حتى اذا مات وسقط جسده، بقي السيف سليما مرهفا لتضرب به يد أخرى لم يسقط صاحبها بعد..!!

    وفي تلك الموقعة استشهد الطفيل الدوسي رضي الله عنه..

    وهو جسده تحت وقع الطعان، وهو يلوّح لابنه الذي لم يكن يراه وسط الزحام..!!

    يلوّح له وكأنه يهيب به ليتبعه ويلحق به..

    ولقد لحق به فعلا.. ولكن بعد حين..

    ففي موقعة اليرموك بالشام خرج عمرو بن الطفيل مجاهدا وقضى نحبه شهيدا..

    وكان وهو يجود بأنفاسه، يبسط ذراعه اليمنى ويفتح كفه، كما لو كان سيصافح بها أحدا.. ومن يدري..؟؟

    لعله ساعتئذ كان يصافح روح أبيه..!!
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 04, 2009 12:24 am

    خولة بنت الأزور




    الفارس الملثم ..




    سبق الفارس الملثَّم جيش المسلمين، وفى شجاعة نادرة اخترق صفوف الروم، وأعمل السيف فيهم، فأربك الجنود، وزعزع الصفوف، وتطايرت الرءوس، وسقطت الجثث على الأرض، وتناثرت الأشلاء هنا وهناك، وتعالت الصَّرَخات من الأعداء والتكبيرات من جيش المسلمين.
    ليت شعري من هذا الفارس؟ وأيم اللَّه، إنه لفارس شجاع...كلمات قالها خالد بن الوليد قائد جيش المسلمين في معركة أجنادين عندما لمح الفارس وهو يطيح بسيفه هامات الأعداء، بينما ظن بعض المسلمين أن هذا الفارس لا يكون إلا خالدًا القائد الشجاع.لكن خالدًا قد قرب منهم، فسألوه في تعجب، من هذا الفارس الهُمام؟ فلا يجبهم، فتزداد حيرة المسلمين وخوفهم على هذا الفارس ولكن! ما لبث أن اقترب من جيش المسلمين وعليه آثار الدماء بعد أن قتل كثيرًا من الأعداء، وجعل الرعب يَدُبُّ فى صفوفهم، فصاح خالد والمسلمون: للَّه درُّك من فارس بذل نفسه فى سبيل اللَّه ! اكشف لنا عن لثامك. لكن الفارس لم يستجب لطلبهم، وانزوى بعيدًا عن المسلمين، فذهب إليه خالد وخاطبه قائلا: ويحك لقد شغلتَ قلوب الناس وقلبى لفعلك، من أنت؟ فأجابه: إننى يا أمير لم أُعرِضْ عنك إلا حياءً منك لأنك أمير جليل وأنا من ذوات الخدور وبنات الستور. فلما علم خالد أنها امرأة سألها -وقد تعجَّب من صنيعها-: وما قصتك؟ فقالت المرأة: علمتُ أن أخى ضرارًا قد وقع أسيرًا فى أيدى الأعداء، فركبتُ وفعلتُ ما فعلتُ.قال خالد: سوف نقاتلهم جميعًا ونرجو اللَّه أن نصل إلى أخيكِ فنفكه من الأسر.
    واشتبك جيش المسلمين مع الأعداء وقتلوا منهم عددًا كبيرًا، وكان النصر للمسلمين، وسارت تلك الفارسة تبحث عن أخيها، وتسأل المسلمين عنه، فلم تجد ما يشفى صدرها ويريح قلبها، فجلست تبكى على أخيها وتقول: "يابن أمى ليت شِعْرِي... فى أية بَيْدَاء طَرَحُوكَ، أم بأى سِنَانٍ طعنوك، أم بالْحُسام قتلوكَ. يا أخى لك الفداء، لو أنى أراك أنقذكَ من أيدى الأعداء، ليت شِعْرِى أترى أنى لا أراك بعدها أبدًا؟
    لقد تركتَ يابن أمى في قلب أختك جمرة لا يخمد لهيبها، ليت شعري، لقد لحقت بأبيك المقتول بين يدَى النبي (، فعليك منى السلام إلى يوم اللقاء. فما إن سمعها الجيش حتى بكوا وبكى خالد بن الوليد.
    وما هى إلا لحظات حتى أتى الخبر بالبشرى بأن أخاها مازال على قيد الحياة، وأن جيش الأعداء قد أرسله إلى ملك الروم مكبَّلا بالأغلال، فأرسل "خالدٌ" "رافعَ بن عميرة" فى مائة من جيش المسلمين ليلحق بالأعداء ويفك أسْرَ أخيها، فما إن سمعتْ بخروج "رافع بن عميرة" حتى أسرعتْ إلى خالد تستأذنه للخروج مع المسلمين لفك أسر أخيها، فذهبتْ معهم حيث أعدوا كمينًا فى الطريق، وما إن مرَّ الأعداء بالأسير حتى هجموا عليهم هجمة رجل، واحد وما لبثوا أن قضوا عليهم وفكوا أسر أخيها وأخذوا أسلحة العدو.
    تلك هي الفارسة الفدائية خولة بنت الأَزْوَر، صحابية جليلة، أَبْلت بلاء حسنًا فى فتوح الشام ومصر. وكانت من أشجع نساء عصرها.
    وتمر الأيام، وتظهر بسالة تلك المرأة، ومدى دفاعها عن الإسلام، ففى موقعة "صجورا" وقعت هي ونسوة معها فى أسر جيش الروم. ولكنها أبت أن تكون عبدة فى جيش الروم، فأخذت تحث أخواتها على الفرار من الأسر، فقامت فيهن قائلة: يا بناتَ حِمْيَر وبقية تبع، أترضين لأنفسكن أن يكون أولادكن عبيدًا لأهل الروم، فأين شجاعتكن وبراعتكن التي تتحدث بها عنكن أحياء العرب؟ وإنى أرى القتل عليكن أهون مما نزل بكُنَّ من خدمة الروم. فألهبت بكلامها حماس النسوة، فأبَيْن إلا القتال والخروج من هذا الذُّل والهوان.
    وقالت لهن: خذوا أعمدة الخيام، واجعلوها أسلحة لكُن، وكنَّ فى حلقة متشابكات الأيدى مترابطات، لعل اللَّه ينصرنا عليهم، فنستريح من معرَّة العرب. فهجمت وهجم معها النسوة على الأعداء وقاتلن قتال الأبطال حتى استطعن الخروج من معسكر الأعداء وتخلصن من الأسر.
    ولم تنته معارك خَوْلة فى بلاد الشام، فقد أُسِرَ أخوها ضرار مرة أخرى فى معركة مرج راهط، فاقتحمت الصفوف من أجله.
    وخاضت مع المسلمين معركة أنطاكية حتى تمَّ النصر فيها للمسلمين، كما اشتركتْ -أيضًا- فى فتح مصر، وغدتْ مفخرة نساء العرب ورجالهم.
    وظلتْ السيدة خَوْلة -رضى الله عنها- على إيمانها وحبها للفداء والتضحية، ودفاعها عن دين الله، ورفْع لواء الإسلام حتى تُوُفِّيتْ فى آخر خلافة عثمان بن عفان -رضى الله عنه-.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    مربون عبر التاريخ Empty
    مُساهمةموضوع: رد: مربون عبر التاريخ   مربون عبر التاريخ I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 04, 2009 12:26 am

    الداعية الشيخ محمد الغزالي



    حين أكتب عن الشيخ محمد الغزالي السقا، فإنما أكتب من خلال معرفتي به عن قرب ، ومعايشتي له ، وقراءتي وسماعي له ، وهذا بعض حقه علي وشيء من الوفاء لمن تتلمذات على يديه وهي ذكريات وخواطر مضى على بعضها قرابة نصف قرن وقد سبقني للكتابة عنه في حياته وبعد مماته الكثير من الإخوان الذين يعرفون قدر الغزالي ومنزلته وعلى رأسهم العلامة الدكتور يوسف القرضاوي الذي كان أكثر قرباً ، وأطول رفقة .


    معرفتي به :



    عرفت أستاذنا الغزالي من خلال ما كنت أقرأ له من مقالات في مجلة ( الإخوان المسلمين ) التي كانت تصل إلينا بمكتبة الإخوان المسلمين في الزبير سنة 1946م.
    ولما قدمت إلى مصر للدراسة الجامعية سنة 1949م تعرفت إليه عن طريق الإخوة الزملاء : مناع القطان ، محمد بكري ، يوسف القرضاوي ، يعقوب عبد الوهاب ، أحمد العسال ، محمد الصفطاوي ، محمد الدمرداش ، والحاج وهبة حسن وهبة .
    كانت لنا مع شيخنا الغزالي لقاءات متكررة كثيرة يزودنا فيها بالعلم النافع ، ويثير في نفوسنا الحماس للعمل في سبيل الله والمستضعفين ويبصرنا بمكائد الأعداء في الداخل والخارج ، ويكشف مخططاتهم الماكرة لحرب الإسلام والمسلمين ، ويفضح دعاوى الشيوعية والعلمانية والماسونية والإلحاد والوجودية والصليبية والصهيونية ، ويحذرنا من التحالف المشؤوم بين قوى الشر ضد الإسلام ودعاته ، ويوضح لنا سبل التصدي لمقاومة هذه الهجمة الشرسة من قوى الكفر مجتمعة .
    إن أستاذنا الشيخ الغزالي داعية متوقد الذهن ، جياش العاطفة ، عميق الإيمان ، مرهف الإحساس ، قوي العزم ، شديد المراس ، بليغ العبارة ، يتأثر ويؤثر ، حلو المعشر ، رفيق القلب ، كريم الطبع ... يلمس هذا فيه كل من عاش معه أو رافقه أو التقاه ، فهو لا يحب التكلف ، ويكره التعالم والتحذلق ، يعيش الواقع بكل مشكلاته ، ويتصدى للمعضلات ، ويكشف الحقائق ، ويدق جرس الخطر ، ليحذر الأمة من الوقوع في المهالك والسقوط في الهاوية التي يقود إليها شياطين الإنس والجن في الشرق والغرب على حد سواء .
    والشيخ الغزالي من أعلام الإسلام في العصر الحديث ، وهو داعية قل نظيره في العالم الإسلامي اليوم ، يتمتع ببديهة حاضرة ، وديباجة مشرقة تأخذ بمجامع القلوب ، حتى إنني كنت أحفظ مقاطع بل صفحات كاملة من كتبه ، وأرتجلها في الخطب بنصها ، وقد ذكر ذلك الدكتور القرضاوي ف كتابه ( الشيخ الغزالي كما عرفته ) فقال : ( أذكر أن الأخ عبد الله العقيل حين كان يدرس في كلية الشريعة بالأزهر في أوائل الخمسينيات كان يحفظ مقدمة الطبعة الثانية لكتاب ( الإسلام والأوضاع الاقتصادية ) ومطلعها : لم تستذل شعوب كما استذلت شعوب الشرق ، ولم يستغل شيء في هضم حقوقها كما استغل الدين ... الخ ) انتهى .

    لقاؤه الندوي

    يقول الشيخ أبو الحسن الندوي في كتابه القيمِّ ( مذكرات سائح في الشرق العربي ) : ( كنت حريصاً على الاجتماع بالشيخ محمد الغزالي الذي حدثني عنه الطالب عبد الله العقيل وأثنى عليه بصفه خاصة وأهداني بعض مؤلفاته فهو من شخصيات الإخوان المسلمين البارزة ، وأحد كتاب النهضة الدينية بمصر وقابلت مؤلف ( الإسلام والأوضاع الاقتصادية) و( الإسلام والمناهج الاشتراكية ) و( الإسلام المفترى عليه ) و ( من هنا نعلم) قابلت الرجل الذي يغذي جماعة الإخوان المسلمين بالغذاء الفكري والروحي الصحيح والأدب الإسلامي الدسم ، وسررت لهذه المقابلة لأني رأيت فيه رجلاً صالحاً مثقفاً نشيطاً صاحب قلب حي وعقل نير ووجه يفيض بالبشر ورأيت أن كلاً منا يعرف صاحبه عن طريق الكتب والرسائل ويرى في هذه الكتب صورة أفكاره ومبادئه .. ) انتهى .



    مولده ونشأته ومشايخه

    لقد ولد شيخنا الغزال في يوم 22/9/1917م في قرية (نكلا العنب ) من إيتاي البارود بمحافظة البحيرة بمصر .
    ونشأ في أسرة محافظة يغلب عليها العمل بالتجارة ، وكان والده من حفظة القرآن الكريم وقد نشأ الابن على ذلك ، حيث حفظ القرآن الكريم وعمره عشر سنوات ، وتلقى تعليمه في كتاب القرية ، ثم التحق بالمعهد الديني بالإسكندرية حيث أكمل المرحلتين الابتدائية والثانوية ثم انتقل إلى القاهرة حيث درس بكلية أصول الدين سنة 1357هـ 1937م وحصل على الشهادة العالمية سنة 1361هـ 1941م ثم تخصص في الدعوة والإرشاد حيث نال شهادة الماجستير سنة 1362هـ ، 1943م ، وقد تزوج وهو طالب بكلية أصول الدين ورزق بتسعة من الأولاد .
    من أهم مشايخه الذين تأثر بهم فترة الدراسة الشيخ عبد العزيز بلال ، والشيخ إبراهيم الغرباوي ، والشيخ عبد العظيم الزر قاني وغيرهم .



    عمله

    بعد تخرجه عمل إماماً وخطيباً في مسجد ( العتبة الخضراء) ثم تدرج في الوظائف حيث صار مفتشاً في المساجد ، ثم واعظاً بالأزهر ثم وكيلاً لقسم المساجد ، ثم مديراً للمساجد ، ثم مديراً للتدريب فمديراً للدعوة والإرشاد ، وقد قضى في معتقل الطور سنة 1369هـ ،1949 م ، حوالي السنة ، وقضى في سجن طرة عام 1985هـ 1965م ، فترة من الزمن ، وفي سنة 1391هـ ، 1971م أعير للمملكة العربية السعودية كأستاذ في ( جامعة أم القرى ) بمكة المكرمة وكلية الشريعة بقطر وفي سنة 1401هـ ،1981م عين وكيلاً لوزارة الأوقاف بمصر كما تولى رئاسة المجلس العلمي لجامعة الأمير عبد القادر الجزائري الإسلامية بالجزائر لمدة خمس سنوات وكانت آخر مناصبه .

    أول معرفته بالإمام البنا

    وعن صلته بالإمام الشهيد حسن البنا، يروي الأستاذ محمد المجذوب في كتابه ( علماء ومفكرون عرفتهم ) على لسان الغزالي قوله : ( ... كان ذلك أثناء دراستي الثانوية في المعهد الديني بالإسكندرية ، وكان من عادتي ملازمة مسجد عبد الرحمن بن هرمز في منطقة رأس التين بعد المغرب من كل يوم لمذاكرة الدروس وذات مساء وإذا بالإمام البنايلقي على الناس موعظة قصيرة شارحاً فيها الحديث الشريف : ( اتق الله حيثما كنت ، وأتبع السيئة الحسنة تمحها ، وخالق الناس بخلق حسن ) وكان حديثاً مؤثراً يتصل بأعماق القلب ، فما إن فرغ منه حتى وجدت نفسي مشدود القلب إليه ، ومنذ تلك الساعة توثقت علاقتي به ، ومضيت معه عقب صلاة العشاء إلى مجلس يضم بعض رجال الدعوة ثم استمر عملي في ميدان الكفاح الإسلامي مع هذا الداعية العملاق إلى أن استشهد سنة 1369هـ ، 1949م) انتهى .

    علاقة الغزالي بمرشدي الإخوان المسلمين

    وكتب الغزالي في مقدمة كتابه ( دستور الوحدة الثقافية للمسلمين ) فقال :
    ( ... ملهم هذا الكتاب وصاحب موضوعه الأستاذ الإمام حسن البنا الذي وصفه ويصفه معي كثيرون بأنه مجدد القرن الرابع عشر للهجرة فقد وضع الإمام البنا جملة من المبادئ تجمع الشمل المتفرق ، وتوضح الهدف الغائم ، وتعود بالمسلمين إلى كتاب ربهم وسنة نبيهم وتتناول ما عراهم من خلال الماضي من أسباب العوج والاسترخاء بيد آسية ، وعين لماحة فلا تدع سبباً لضعف أو خمول .. ) انتهى .
    وعن الأستاذ حسن الهضيبي المرشد الثاني للإخوان المسلمين ، كتب الغزالي يقول : ( .. من حق الرجل أن أقول عنه ، إنه لم يسع إلى قيادة الإخوان المسلمين ولكن الإخوان هم الذين سعوا إليه ومن حقه أن يعرف الناس عنه ، أنه تحمل بصلابة وبأس ، كل ما نزل به ، فلم يجزع ولم يتراجع ، وبقي في شيخوخته المثقلة عميق الإيمان واسع الأمل حتى خرج من السجن .
    الحق يقال إن صبر الذي أعز الإيمان رفعه في نفسي ، وإن المآسي التي نزلت به وبأسرته لم تفقده صدق الحكم على الأمور ولم تبعده عن منهج الجماعة الإسلامية منذ بدأ تأريخها ، وقد ذهبت إليه بعد ذهاب محنته وأصلحت ما بيني وبينه ويغفر الله لنا أجمعين ) انتهى .
    وعن الأستاذ التلمساني المرشد الثالث للإخوان المسلمين كتب الغزالي يقول : ( ... في سنة 1369هـ 1949م ونحن في معتقل الطور مع الألوف من الإخوان بعد استشهاد الإمام حسن البنا رأيت الأستاذ عمر التلمساني في خطواته الوئيدة ، ونظراته الهادئة ، يمشي في رمال المعتقل باسماً متفائلاً يصبِّر الإخوان على لأواء الغربة وقسوة النفي ويؤمل الخير في المستقبل ، ورأيتني أمام رجل من طراز فذ تحركه في الدنيا مشاعر الحب والسلام وكان يكره الشقاق والنفاق وسوء الأخلاق ويؤثر العزلة ، ويرى أنسه في الانقطاع إلى الله ، ولم تكن رذائل الرياء والتطلع تعرف طريقاً إلى فؤاده ، ذهبت إليه لأتعاون معه في خدمة الإسلام فقال لي : تعلم أن هذا عبء ثقيل تحملته برغمي وقبلته وأنا كاره ؟ قلت : نعم أعلم ذلك فأنت ما سعيت إلى صدارة ولا تطلعت إلى إمارة ومثلك جدير برعاية الله وتسديده ..) انتهى .
    هذا الذي قاله الغزالي عن الإمام البنا ثم الهضيبي ثم التلمساني يكشف لنا عن نفسه الشيخ الغزالي وأصالته ونفاسة معدنه.



    شهادات بحق الغزالي

    وحسبه فخراً واعتزازاً أن يتلقى وهو في مرحلة الشباب الرسالة التالية من الإمام حسن البنا سنة 1945م وهذا نصها : ( .. أخي العزيز الشيخ محمد الغزالي السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد .. قرأت مقالك ( الإخوان المسلمون والأحزاب ) في العدد الأخير من مجلة ( الإخوان المسلمين ) فطربت لعبارته الجزلة ، ومعانيه الدقيقة ، وأدبه العف الرصين ، هكذا يجب أن تكتبوا أيها الإخوان المسلمون ، اكتب دائماً وروح القدس يؤيدك ، والله معك والسلام عليكم ورحمة الله بركاته .
    حسن البنا. انتهى.

    يقول د . عبد الصبور شاهين : ( ... ما اكتبه هنا شرف لي قبل أن يكون تقديماً للكتاب والحق أن كتابا يوضع على علاقة اسم الأستاذ الغزالي لا يحتاج إلى تقديم فحسبه في تقديري أن يتوج بهذا العلم الخفاق وقد قرأت الدنيا له عشرات الكتب في الإسلام ودعوته وتلقت عنه ما لم تتلق عن أحد من معاصريه ، حتى إن عصرنا هذا يمكن أن يطلق عليه في مجال الدعوة عصر الأستاذ الغزالي ) انتهى.
    ويقول الأستاذ عمر عبيد حسنة - مدير تحرير مجلة الأمة القطرية ..
    ( .. كتابات الشيخ الغزلي تحمل عاطفة ألام على وليدها المريض ، الذي تخشى أن يفترسه المرض ، وبصيرة الطبيب الذي يقدم العلاج وقد يكون العلاج جراحة عضوية إن احتاج الأمر إلى ذلك وكانت كتبه تواجه التحديات الداخلية والخارجية على حد سواء ونجد الشيخ الغزالي في الخندق الأول ، حيث أدرك الثغرات التي يمكن أن يتسلل منها أعداء الإسلام ) انتهى .
    ويقول الأستاذ قطب عبد الحميد قطب : ( إنني واحد من عشرات الألوف المؤلفة التي تعشق من أعماق قلوبها الداعية الإسلامي الكبير الشيخ محمد الغزالي .. وأشهد أن حبي لهذا العالم الكبير والداعية الشهير أكبر من حبي لنفسي فهو من القلة النادرة التي تربى على علمها وفضلها أكثر من جيل ، لا في مصر وحدها ولكن في كثير من البلدان العربية والإسلامية كيف لا وهو الذي تربى في أحضان الدعوة ورضع من لبانها وتتلمذ على جهابذة العلم وأساتذة الفكر وأساطين الدعوة وعلى رأسهم الإمام الشهيد حسن البناء) انتهى .
    ويقول د . عبد الستار فتح الله سعيد : ( .. لا ينسى تاريخ الإسلام ، ما قام به الأئمة الأعلام من جهد ناصب لرد الغارة الجاهلية العارمة ، وحشد الأمة حول معالم الإسلام الشامل ، الذي لا يقبل التجزئة والتفريق ولقد قامت أفواج متلاحقة تذود عن معالم الوحي والحق ، وفي ظلال المدرسة الربانية المجاهدة ، التي أسسها الإمام الشهيد حسن البنا تربى شيخنا محمد الغزالي وحمل أعباء الدعوة مع رجالها الكبار ، ثم صار- بفضل الله علماً من أعلامها ، ومضى يرفع لواءها شامخاً في وجه الاستبداد والإلحاد ، ويذود عن شرف الإسلام بقلمه ولسانه ، ويجلي حقائق الوحي الأعلى ، ويقارع الجاهلية الطامسة يوم ضرب الطغيان على أمتنا ليلاً بهيماً) انتهى .
    أما شيخ الأزهر الدكتور عبد الحليم محمود فقد كان يقدر الشيخ الغزالي ويعرف له حقه وفضله ، ويفخر به ويعتز ويقول : ( ليس لدينا إلاّ غزالي الأحياء والإحياء ) يعني الغزالي المعاصر ، والغزالي أبا حامد صاحب إحياء علوم الدين .
    لقد استفاد شباب الصحوة الإسلامية المباركة من علم الشيخ الغزالي وجراه وصراحته وصدقه ووضوحه ، وكان له تلامذه في الأزهر في مصر وفي أم القرى في مكة المكرمة وفي كلية الشريعة في قطر و في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية في الجزائر ، ومن خلال الخطب والدروس والمحاضرات والندوات والكتب والمقالات ، والاجتماعات والمؤتمرات .
    وهؤلاء التلاميذه يعدون بالألوف من أنحاء العالم الإسلامي ، وهم أوفياء لدعوة الإسلام حملوا الراية مع أستاذهم وشيخهم وانطلقوا يبلغون دعوة الله وينشرون رسالة الإسلام ويقودون الأمة إلى مواطن الخير والفلاح والنصر والنجاح .
    وقد برز منهم أساتذة كبار وعلماء فحول تقر بهم العيون وتعلّق عليهم الآمال ومن هؤلاء العلامة الدكتور يوسف القرضاوي والشيخ مناع القطاع والدكتور أحمد العسال وغيرهم .

    إنتاجه العلمي

    إن لشيخنا الغزالي مؤلفات كثيرة جاوزت الستين كتاباً في موضوعات مختلفة بالإضافة للمحاضرات والندوات والخطب والمواعظ والدروس والمناظرات التي كان يلقيها داخل مصر وخارجها وإن خطبه في الجامع الأزهر وجامع عمرو بن العاص وخطب العيد في ميدان عابدين وجامع محمود لها شأن عظمي وأثر بالغ كبير ، حيث كان يحضرها الألوف من الناس .. ومن أهم مؤلفاته التي طبعت أكثر من مرة في مصر وخارجها ، الإسلام والأوضاع الاقتصادية ، الإسلام والمناهج الاشتراكي ، ومن هنا نعلم ، الإسلام والاستبداد السياسي ، عقيدة المسلم ، فقه السيرة ، ظلام من الغرب ، قذائف الحق ، حصاد الغرور ، جدد حياتك ، الحق المر، ركائز الإيمان بين العقل والقلب، التعصب والتسامح بين المسيحية والإسلام ، مع الله ، جهاد الدعوة بين عجز الداخل وكيد الخارج ، الطريق من هنا ، المحاور الخمسة للقرآن الكريم ، الدعوة الإسلامية تستقبل قرنها الخامس عشر ، دستور الوحدة الثقافية للمسلمين ، الجانب العاطفي من الإسلام، قضايا المرأة بين التقاليد الراكدة والوافدة ، السنة النبوية بين أهل الفقه وأهل الحديث ، مشكلات في طريق الحياة الإسلامية ، سر تأخر العرب والمسلمين ، كفاح دين ، هذا ديننا ، الإسلام في وجه الزحف الأحمر ، علل وأدوية ، صيحة تحذير من دعاة التنصير ، معركة المصحف في العالم الإسلامي ، هموم داعية ، مائة سؤال عن الإسلام ، خطب في شؤون الدين والحياة ( خمسة أجزاء) ، الغزو الفكري يمتد في فراغنا كيف نتعامل مع القرآن الكريم مستقبل الإسلام خارج أرضه كيف نفكر فيه ؟ نحو تفسير موضوعي لسور القرآن الكريم ، من كنوز السنة ، تأملات في الدين والحياة ، الإسلام المفترى عليه بين الشيوعيين والرأسماليين ، كيف نفهم الإسلام في مطلع القرن الخامس عشر ، فن الذكر ، والدعاء عند خاتم الأنبياء ، حقيقة القومية العربية وأسطورة البعث العربي ، دفاع عن العقيدة والشريعة ضد مطاعن المستشرقين ، الإسلام والطاقات المعطلة الاستعمار أحقاد وأطماع ، حقوق الإنسان بين تعاليم الإسلام وإعلان الأمم المتحدة ، نظرات في القرآن ، ليس من الإسلام ، في موكب الدعوة خلق المسلم ... الخ .
    ولقد ترجم الكثير من هذه المؤلفات القيمة إلى العديد من اللغات كالإنجليزية والتركية والفارسية والأوردية والإندونيسية وغيرها .
    ومعظم الذين قاموا بهذه التراجم هم من تلامذة الشيخ الغزالي ومحبيه وعار في فضله الذين استفادوا من فيض علمه وعطائه .



    صفاته



    يقول العلامة الدكتور القرضاوي : ( قد تخالف الغزالي أو يخالفك في قضايا تصغر أو تكبر وتقل أو تكثير ، ولكنك إذا عرفته حق المعرفة لا تستطيع إلا أن تحبه وتقدر ، لما تحسه من إخلاص لله ، وتجرد للحق واستقامة في الاتجاه وغيرة صادقة على الإسلام صحيح أنه أخذ على الشيخ أنه سريع الغضب وأنه إذا غضب هاج كالبحر حتى يغرق وثار كالبركان حتى يحرق وسر هذا أن الرجل يبغض الظلم والهوان لنفسه وللناس ، ولا يحب أن يظلم أو يظلم ولا أن يستخف بكرامة أحد كما لا يستخف بكرامة أحد ، كما أنه لا يطيق العوج والانحراف وبخاصة إذا لبس لبوس الاستقامة ، أو تستر بزي الدين فهو الذي يقاتله سراً وعلانية .
    ثم إن من صفات الشيخ الغزالي أنه – إن كان سريع الغضب - فهو سريع الفيء - رجاع إلى الحق إذا تبين له ، ولا يبالي أن يعلن خطأه على الناس علانية وهذه شجاعة لا تتوافر إلا للقليل النادر من الناس .. فهو شجاع عندما يهاجم ما يعتقد خطأ شجاع عندما يعترف بأنه لم يحالفه الصواب فيما كان قد رآء .
    قد يأخذ الناس على الشيخ الغزالي بعض آرائه وفتاويه لأنها ليست على مشربهم ولكن الذي أعلمه أن الشيخ الغزالي لم يخرج في فتوى أو رأي على إجماع الأمة المستيقن ، وقد أتهم شيخ الإسلام ابن تيمية قديماً ، بأنه خرق الإجماع في قضايا الطلاق وما يتعلق وهي التي قال فيها تلميذه الحافظ الذهبي : ( وله فتاوى نيل من عرضه بسببها وهي مغمورة في بحر علمه ) .
    والغزالي يعترف بالفضل لإخوانه وزملائه أمثال الشيخ سيد سابق والشيخ عبد المعز عبد الستار والشيخ زكريا الزوكه والشيخ إسماعيل حمدي وغيرهم .
    بل كان يخجلني بقوله أمام الملأ : ( أسألوا يوسف القرضاوي فهو أولى منى ، لقد كان فيما مضى تلميذي وأما اليوم فأنا تلميذه ) وهذه منزلة لا يرقى إليها إلا الصادقون ) انتهى .
    لقد كثرت لقاءاتي مع الشيخ الغزالي وتعددت منذ التقيته أول مرة بمصر سنة 1949م وإلى أن لقي ربه .
    فقد زار الكويت أكثر من مرة وخطب وحاضر ، وسعدنا به في الندوة الأسبوعية مساء الجمعة وكانت آخر ندوة له هي التي شاركه فيها الشيخ عبد العزيز المطوع والدكتور عصام البشير ، كما كانت زياراتي له بالقاهرة أكثر من مرة وأخرها قبل فترة وجيزة من وفاته .
    ثم شاء الله أن يحضر مؤتمر الجنادرية ليشارك في ندوة ( الإسلام والغرب) وكنت وقتها في زيارة لسورية بدمشق فإذا بالأنباء توافينا بالخبر الذي زلزل كياني حزنا على فقده فهو شيخي وأستاذي وأنا مدين له بفضل كبير .
    لقد كان الغزالي علماً شامخاً وداعية مجدداً ، ومجاهداً صلباً ومقاتلاً شجاعاً وكاتباً قمة في البلاغة والأدب قل نظيره في دنيا العروبة والإسلام كما ذكر ذلك الأستاذ عبد العزيز عبد الله السالم في جريدة الرياض .

    وفاته

    وقد توفى في الرياض يوم 9/3/ 6 199م -1416 هـ ونقل إلى المدينة المنورة حيث دفن في مقابر البقيع وكان لصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود دوره المشكور في تقدير الرجل وتكريمه في حياته رحم الله شيخنا الجليل الشيخ محمد الغزالي السقا وجزاه الله عن الإسلام والمسلمين خير ما يجزي عباده الصالحين ، وحشرنا الله وإياه مع الأنبياء والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقاً .

    محمد الغزالي : الرجل الذي يكتب كما يتكلم ، ويتكلم كما يكتب
    الإمام الشهيد حسن البنا.





    من كتاب : من أعلام الدعوة والحركة الإسلامية المعاصرة

    المستشار : عبد الله عقيل سليمان العقيل
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    مربون عبر التاريخ
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتديات لعيونكم :: الصفحه الرئيسيه :: منتدى التأريخ-
    انتقل الى: