خواص الأعداد عند العرب.

وصل العرب إلى درجة كبيرة في تطور الأعداد وبدءوا يتوسعون أكثر فأكثر في دراسة الأعداد إلى أن وصلوا إلى دراسة خواص الأعداد.
وممن اهتم بدراسة خواص الاعداد و الرياضيات عامة الفيلسوف العربي الكندي (ت 252 هـ – 866 م) و قال بأن الفلسفة لا تفهم إلا بالرياضيات ، و الرياضيات تكون بالبراهين لا بالإقناع الشخصي ولا بالظن . و الأعداد متناهية في نفسها، فكل مهما كبيرا متنه، ولكن سلسلة الأعداد غير متناهية ، لأن بإمكاننا أن نزيد كل عدد بلا نهاية. أما المعدودات فهي متناهية لأنها الأجسام.
و يأتي في الدرجة الثانية من حيث الاهتمام بخواص الأعداد ، جماعة أخوان الصفا وخلان الوفا الذين بنوا تفلسفهم على الأعداد تقيدا للفيثاغورس ولكن خالفوهم في " الواحد" الذي جعله الفيثاغورس (نسبة إلى فيثارغوس) مبدأ الأعداد أما أخوان الصفا فقال بأن الأعداد قسمين :- عاد وهو الواحد، ومعدودات وهي جميع الأعداد ، وكل عدد ما عدا الواحد و الاثنين ينشأ بزيادة واجد على العدد الذي يتقدمه ، فالأربعة مثلا ثلاثة يضاف إليها واحد ، و الثلاثة اثنان يضاف إليها واحد ، أما العدد اثنان فقد رأوا أنه الواحد مكرر مرتين ، فالاثنان إذن أول الأعداد . وكل عدد سواء كان صحيحا أو كسرا هو وحدة قائمة بذاتها ، وقالوا بأنه الواحد وحدة حقيقية أما ما عدا الواحد فهو وحدة مجازية و " الواحد أصل العدد ومنشؤه ، و أوله ، و أوله وآخره (……) والواحد لا جزء له ولا مثل في العدد ، (…………) و الواحد محيط بالعدد كله وبعده " و " العدد كله آحاده و عشراته ومئاته و ألوفه، أو ما زاد بالغا ما بلغ ، فأصلها كلها من لاواحد إلى الأربعة، وهي هذه 4321 ، وذلك أن سائر الأعداد كلها من هذه يتركب ومنها ينشأ ، وهي أصل فيها كلها ، بيان ذلك أنه إذا أضيفت ثلاثة إلى أربعة كانت سبعة و إن أضيفت واحد و اثنان و ثلاثة إىل أربعة كانت عشرة"
وقد وقع أخوان الصفا هنا في مغالطة مفادها أنه مادام الأمر في هذه الأرقام مرتبطا بإضافة أرقام أخرى، فما مبرر الوقوف عند رقمه بعينه؟
ولكن على الرغم من وجود أخطاء في نظريات أخوان الصفا بالنسبة لخواص الأعداد و مغالطات إلا أننا جئنا على بيانها كشاهد على اهتمام المسلمين و العرب ومنهم أخوان الصفا بخواص الأعداد، ونحن لسنا هنا بصدد مناقشة أراءهم وفلسفتهم.
وزاد العرب بحثهم في خواص الأعداد أيضا إلى ثلاثة أقسام:-
1. عدد تام.
2. عدد ناقص.
3. عدد زائد.

أ) العدد التام:-
و هو كل عدد إذا جمعت أجزاءه كانت جملته ذلك العدد بأسره ، ومثال ذلك 494,8,6 فكل من هذه الأعداد إذا جمعت عوامله كان الحاصل مساويا العدد نفسه ، فأجزاء العدد 6 هي 3,2,1 ومجموعها يساوي 6 و أجزاء العدد 28 هي 14,7,4,2,1 و مجموعها يساوي 28 ، وكذلك العدد 949
ب) العدد الناقص:-
وهو العدد الذي مجموع قواسمه أقل منه ومثال ذلك العدد 10 فأجزاءه (5,2,1) ومجموعها أقل من 10
العدد الزائد:-
وهو كل عدد إذا جمعت أجزاؤه كانت أكثر منه مثال ذلك العدد 12 فإن أجزاءه (6,4,3,2,1) ومجموعها (16) وهو أكثر من (12) .
كما اهتم العرب و المسلمين بتطوير الأعداد المتحابة. ويقال للعددين أنهما متحابان إذا كان مجموع إحداهما يساوي مجموع عوامل الآخر ، ومجموع أجزاء الثاني يساوي الأول.
مثال ذلك: العددين 284,220 وهما أول عددين متحابين لأن أجزاء العدد 220 ، وهي 110,55,44,22,20,10,5,4,2,1 - مجموعها (284) ، وهي 142,71,4,2,1 جملتها (220) وممن نبغ من علماء المسلمين في استخراج الأعداد المتحابة العالم ثابت بن قرة الذي أوجد طريقة سهلة لاستخراج هذه الأعداد.
1- النظام الستونى عند العرب:-
ينحدر هذا النظام من قدماء البابليين وقد وصل إلى العالم العربي عبر أقنية سريانية وفارسية(1) ويسمى هذا النظام في المصادر العربية، عدا طريق المنجمين ،حساب الزيج* ،أو حساب الدرج والدقائق ، وهذه الأسماء تشير إلى أن استعماله كان قاصرا على المنجمين والفلكين ، وقليلة هي الكتب العربية التي تستخدم هذا النظام ، ولعل أقدمها هو "كتاب في الحساب النجومى" لأبي العنبس بن إسحاق الصيمري (ت 888 م ) ، وكتاب " الحقائق في معرفة حساب الدرج والدقائق" لبدر الدين محمد بن محمد المعروف بسيط المار ديني (ن 1495 م) (2)وهذا الحساب الستيني رغم ملاءمته إلا في الحسابات الفلكية خلال العصور الوسطى، أضحى اليوم خارج التداول عامة إلا فيما خص أجزاء الساعة أو درجات الزوايا، (3)استعمل العرب نظام العشرة التكراري في الترقيم كما فعل الفينيقيون و المصريون والرومان و اليونان ، وكانوا يرمزون إلى الآحاد بخطوط رأسية، وإلى الخمسة بحرف الخاء، والعشرة بالعين، والمائة بالجيم، والألف بحرف الألف(4). وبعد الفتح الإسلامي و انتشار الإسلام شاع لدى المسلمون الأرقام على حساب الجمل على غرار الأبجدية السامية التي كانت شائعة آنذاك لدى الآراميين والبابليين والفينيقيين واليونانيين والرومان وغيرهم من الشعوب و الأمم. 4)) و المقصود بحساب الجمل هو الترتيب النبطي للحروف الأبجدية العربية: أبجد، هوز ، حطي، كلمن ، سعفص، قرشت ، ثخذ، ضظع.(5) هو على النحو التالي(6):-
وعند كتابة الأعداد بهذه الطريقة ( حساب الجمل ) يركب أي عدد بإضافة الحروف بعضها إلى بعض على سبيل الجمع (1)وكانوا يرمزون للأعداد التي تزيد على الألف بضم الحروف بعضها إلى بعض في نظام تجمعيي ضربي (2)على النحو التالي:-
بغ= 3000,2000 = بغ ،دغ = طغ = 9000 ، كغ = 20000
قغ= 100000 (3)فإذا كتب كلمه (كويت ) مثلا كانت قيمة الكلمة : ك + و + ي + ت ثم 400+10+6+20 = 436
وقد استعمل العرب طريقة حساب الجمل في الترقيم على نطاق واسع كحساب الطالع وفي الترايخ العشري للأحداث و المواليد وغيرها عن طريق جمع القيم المطلقة كما بينا حتى وقت متأخر ومثال ومثال ذلك تاريخ تجديد مسجد عمرو بن العاص في مصر على طريقة حساب الجمل في الأبيات التي كتبت على حوائط المسجد و هي (4)
انظر المسجد عمرو بعد ما درست………. *………… رسومه صار يحكي الكوكب الزاهي
نعم العزيز الذي له جدده…………….…. *…………… أمير اللوا مراد الأمير الناهي
له ثواب جزيل غير منقطع …………. *…………… على الدوام بأنظار و أشباه
لاح القبول عليه حين أرخه………..…. *…………… هذا البنا على مراد الله.
وتاريخ تجديد المسجد في الأبيات يبدأ بعد كلمة (أرخه) ووفقنا لقاعدة حساب الجمل يكون التاريخ كما يلي:-
هذا = هـ= + ذ + أ ثم 1 +700+5 = 706
البنا = أ + ل +ب + ن +أ ثم 1+50+2+30+1 = 84
على = ع + ل +ي ثم 10+30+70 = 110
مراد = م +ر + ا + د ثم 4+1+200+40 = 245
الله = أ +ل +ل+هـ ثم 5+30+30+1 = 66
وتجمع النتاجات على النحو التالي : 66+245+110+84+706 = 1221
وهو التاريخ الفعلي لتجديد المسجد على يد الأمير بك عام 1211 م
كما أرخ بعضهم استعمال التدخين من قوله تعالى " يوم تأتي السماء بدخان"(5)
تأتي = ت + أ + ت + ى ثم 10 + 400 + 1+ 400 = 811
السماء = أ + ل + س + م + ا +ء ثم 1+1+40+60+30+1 = 133
بدخان = ب + د + خ + أ + ن ثم50 +1+600 +4+2 = 657 ثم 657+133+ 811 =1601 م
ولقد سهلت طريقة استعمال الحروف على غرار حساب الجمل كتابة الأرقام التي هي دون الستين في النظام الستيني، فصارت تكتب بحرفين أو حرف واحد بعد أن كانت تكتب بالطريقة التكرارية الطويلة، فالرقم 48 فمثلاً مكان يكتب بالنظم البابلي :
111 << صار يكتب بحساب الجمل (مح) (1)
111 <<
11
وطريقة حساب الجمل في نظرنا تعتبر تطور جيد بالنسبة لنظام الترقيم استطاع العرب الاستفادة منه أكثر ممن أخذ عنهم هذا النظام من اليونانيين والرومان الذين نقلوا هذا النظام عن الفينيقيين أصحاب الأبجدية السامية.
أما عن بداية استعمال هذا النظام في المؤلفات الرياضية فيذكر رشدي راشد (2): بأن العمل الأقدم حول نظام الجمل يعود لأبي الوفاء البوزجاني في القرن العاشر الميلادي، وبعده بقليل نجده الكرخي في الكافي في الحساب (ت 1016 م ) ومع استخدام النظام الهندي تضاءل استعمال هذا النظام في الترقيم.
2 – النظام الهندي ومميزاته:-
يعتبر النظام الهندي في الترقيم المصدر الأساسي للأرقام العربية الحديثة المشرقية بلا خلاف.
فبعد اختراع الهنود للنظام العشري للترقيم وما برز فيه مميزات جعلت العرب يقتبسوه ويستعملوه بدلا
من حساب الجمل . و مميزات الأرقام الهندية هي :- (3)
4. اقتصارها على تسعة أشكال فقط – عدا الصفر – للدلالة – على التسعة الأولى وعلى أي عدد فوق ذلك ، مهما يكن كبيرا.
5. بساطة أشكال هذه الأرقام ووضوحها وضوحا لا يشوبه لبس لا تشويه.
6. استخدام الأرقام الهندية للنظام العشري محددة المنازل بحيث يكون للرقم الواحد قيمتان، قيمة في نفسه، وقيمة بالنسبة للمنزلة التي يقع فيها منزله، فالرقم 7 هو سبعة في منزله الآحاد ، وسبعون في منزلة العشرات، وسبعمائة في منزلة المئات وهكذا ، وبما أنه عشري فهو متفق مع نظام العد الطبيعي (4)
و صور الأرقام في الترقيم الهندي كما وردت في الكتب المشرقية كما يلي:-
يقول ابن النديم في أثناء حديثه عن قلم السند(1): " هؤلاء القوم مختلفي اللغات، مختلفي المذاهب ولهم أقلام عدة. قال لي بعض من يجول بلادهم: إن لهم نحو مائتي قلم؛ والذي رأيت صنماً صفراً في دار السلطان ، قيل أنه صور البدّ؛ وهو شخص على كرسي قد عقد بإحدى يديه ثلثين. وعلى الكرسي كتابة هذا مثالها
وذكر هذا الرجل المقدم ذكره، أنهم في الأكثر يكتبون بالتسعة الأحرف على هذا المثال:-
و ابتداؤه أ.ب.ج.د.ه.و.ز.ح.ط فاذا بلغ إلى ط، اعاد إلى الحرف الأول ونقطة تحته على هذا المثال:-

فيكون ي.كث.ل.م.ن.س.ع.ف.ص؛ يزاد عشرة فاذا بلغ إلى صاد، يكتب على هذا المثال وينقط تحت كل حرف نقطتين هكذا:-

وتفسيرها كما ورد في الكتب المشرقية عامة ومنها ابن النديم، هكذا "1 للواحد 2 أو 3 أو م للاثينين ، للثلاثة عو للأربعة، وقد تطورت بالكتابة فاتخذت الأشكال، عم ، 4 للأربعة كذلك ك أو للخمسة ، 1 أو 6 للستة ، 7 أو > للسبعة ، 6 أو 8 للثمانية و 9 للتسعة(2)".