bassant عضو ذهبي
المساهمات : 1520 تاريخ التسجيل : 11/12/2008 العمر : 36
| موضوع: قراءة في مأساة غزة الأحد فبراير 08, 2009 11:01 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
(1 ) مشهد من الصراع الطائفي
انطلقت النيران الصهيونية لتفتك بأهل فلسطين في حادثة ليست الأولى من نوعها خلال الصراع العربي الإسرائيلي. وانطلقت معها ثورة الرأي العام المحلي والإقليمي والدولي على حد سواء، في مشاهد اعتدنا رؤيتها كذلك في أنحاء شتى من الأرض، مطالبين بوقف هذه المحرقة التي يروح ضحيتها أبرياء لم يرتكبوا ما يستحقون عليه هذا التنكيل الذي يُرتكب ضدهم. وانطلقت في ذات الوقت، كالعادة أيضا، أصوات المنددين بعجز الأنظمة والشعوب العربية على حد سواء عن تقديم مساعدة فعلية لمن هم تحت النار إلا عن الخطب والبيانات السياسية العربية ومخاطبة المشاعر والحث على إبداء التعاطف وتأجيج الثورة على الطغيان والدعوة إلى الصمود في وجه المحتل الغاشم، دون أدنى اقتراب لأي من تلك الأطراف من مسرح العمليات مباشرة سواء على الصعيد القتالي أو على الصعيد السياسي. ورغم ذلك، لا يختلف اثنان على حاجة أبناء غزة اليوم إلى كل ما يرمي إلى وقف تلك المذابح من مواقف إيجابية شجاعة يتخذها حاكم أو مسؤول عربي أو مسلم أو حتى أجنبي ممن يعنيهم الأمر في فلسطين المحتلة، وحاجتهم أيضا إلى كل دعاء صادق من قلوب إخوانهم المسلمين بالنجاة لهم من هذا العدوان، وحاجتهم كذلك إلى كل كلمة أو خطبة أو قصيدة شعر أو حتى تقرير تلفزيوني أو صحفي، يدعم صمودهم في وجه هذا العدو الغاشم ويفضح وحشيته، فضلا عن حاجتهم إلى حث الشارع العربي على الضغط على أنظمته المتخاذلة كي تقوم بخطوة نحو إنقاذ أهلنا في فلسطين من آلة الحرق الإسرائيلية الهمجية.
وفي خضم هذا الزخم المصاحب للعدوان الإسرائيلي على غزة، وفي ظل انقسام أيديولوجي طائفي يعصف حاليا بالوطن بأكمله من الخليج إلى المحيط، تباينت ردود الأفعال العربية والإقليمية بين ما سمّته الإدارة الأمريكية (محور الاعتدال) و (محور المقاومة). ولم تخترع أمريكا هذا الانقسام كما يدعي أصحاب الخطب ممن لديهم معرفة بالقليل من الحقائق والكثير من أنصاف الحقائق، وإنما قامت آلة العدوان الأمريكي-الصهيوني على العرب بترسيخ هذا الانقسام الموجود بالفعل وإظهاره بشكل واقعي بعد أن كان نائما مختبئا في ظل المحاولات الفاشلة "لرأب الصدع"، وتحت شعارات الأخوَّة ووحدة المصير. فرأينا محور "المقاومة"، ويشمل (إيران وحزب الله وحماس وسوريا)، يتخذ موقفا معاديا لإسرائيل في إطار المبدأ القائل: (لا استقلال بدون مواجهة)؛ ورأينا محور "الاعتدال"، ويشمل مصر وباقي الدول العربية التي تربطها علاقات هادئة سواء بأمريكا أو بإسرائيل، متضمنة حركات الفصائل التي تميل إلى تأييد الحوار لا المواجهة وأهمها حركة فتح، يتخذون أيضا موقفا معاديا لإسرائيل في إطار مبدأ آخر يقول: (لا استقلال بدون حوار). ولا يشك ذو إدراك ورؤية في أن هذين المحورين هما في الأساس محوران طائفيان، لرؤوسهما مرجعيتان دينيتان متناحرتان وأغراض سياسية واقتصادية متضاربة. ولن يجدي الحديث طويلا حول ما يفعله كل من المحوريْن في الآخر، وأي المحوريْن على حق وأيهما على باطل. فالانقسام متأصل ومتغلغل منذ عقود، بل قرون، ووصل إلى حد حصول مواجهات بين الطرفين راح ضحيتها رجال بأيدي "إخوة" لهم. فوجدنا النيران الإيرانية لا تتوجه إلا صوب العراقيين، ووجدنا النيران العراقية لا تتوجه إلى صوب الكويتيين، ووجدنا نيران حزب الله تقتل الأبرياء من اللبنانيين، ووجدنا النيران العراقية تقتل العراقيين، ووجدنا النيران الفلسطينية تغتال فلسطينيين (ومؤخرا مصريين)، وكان هذا كله دفاعا عن الأيديولوجيات الطائفية وليس دفاعا عن الحق أو الأرض ضد العدو أو المحتل.
وإذا نظرنا فيما يصنعه كل من المحورين اليوم في مذبحة غزة، لوجدنا مدى كراهية كل محور للآخر ولوجدنا أن تلك الكراهية قد فاقت حب كل منهما لأطفال غزة ونسائها الذين يُغتالون بأيدي المحتل الصهيوني. فلم نجد من أي المحورين دعما حقيقيا للفلسطينيين وقضيتهم، سوى بإظهار المحور الآخر في صورة المتسبب فيما يحدث، وتحميله مسؤولية إصلاح ما أفسده تجاه الفلسطينيين. وجدنا أحمدي نجاد يكرر أن إسرائيل بأفعالها تلك ستعجل من محوها على الخريطة، ولا أدري ماذا ينتظر نجاد كي ينفذ ذلك فالوقت مناسب له الآن كي يمحو إسرائيل من على الخريطة كما وعد، ومبرراته لفعل ذلك واضحة للجميع في ظل انتهاكات إسرائيل الحالية التي تثير حفيظة معظم أطراف المجتمع الدولي. كما وجدنا نصر الله، الضلع الثاني في هذا المحور يدعو رجال القوات المسلحة المصرية إلى الانخراط في المواجهة، وقد نسي أن محوره الذي ينتمي إليه قد وصف الجيش المصري قبل بدء تلك المجزرة بأنه قد أصبح مجموعة من المدنيين الجبناء تركوا السلاح وانشغلوا بتنظيم طوابير الخبز لشعب (مش لاقي يأكل).
وعلى الجانب الآخر، وجدنا محور (الاعتدال) يدعو إلى توقف إطلاق الصواريخ التي تلقيها حماس على مناطق خالية وأرض فضاء فلا تصيب إلا العدد القليل ولا تقتل إلا اثنين أو ثلاثة من الإسرائيليين، فيرد الصهاينة بقتل المئات وإصابة الآلاف، ملقين بالمسؤولية على حماس ومن ساندها تجنبا للمواجهة المباشرة مع إسرائيل أو أمريكا. وبين خطب وشعارات رؤوس وأذناب المحوريْن على حد سواء، ومحاولات إثبات كل منهما أنه الداعم الحقيقي لفلسطين وقضيتها وإثبات أن المحور الآخر هو السبب في موت الأبرياء فيها، يموت الأطفال، وتهدم البيوت، ويزداد الإسرائيليون تجبرا وطغيانا. فكما قال عمرو موسى: (اللي تعرف ديِّته، اقتله) ويبدو أن إسرائيل قد عرفت ديّة العرب! | |
|
ابو كرار الساعدي المشرف العام للمنتدى
المساهمات : 1559 تاريخ التسجيل : 10/08/2008 العمر : 53 الموقع : العراق
| موضوع: رد: قراءة في مأساة غزة الأربعاء فبراير 18, 2009 3:09 am | |
| | |
|
bassant عضو ذهبي
المساهمات : 1520 تاريخ التسجيل : 11/12/2008 العمر : 36
| موضوع: رد: قراءة في مأساة غزة الأربعاء فبراير 18, 2009 8:00 pm | |
| | |
|