bassant عضو ذهبي
المساهمات : 1520 تاريخ التسجيل : 11/12/2008 العمر : 36
| موضوع: مدى استجابة الإغريق لعبادة البطالمة الأربعاء فبراير 18, 2009 9:53 pm | |
| لقد عبد البطالمة إذن عبادة إغريقية عامة في مصر ، وخطا بطليموس الأول الخطوة الأولى نحو إنشاء هذه العبادة ، عندما جعل عبادة الإسكندر الأكبر عبادة رسمية في الدولة ، وقد خطا بطليموس الثاني خطوة حاسمة في تأليه البطالمة ، عندما رفع أولا بطليموس الأول وبرينيكي إلى مصاف الآلهة ، ثم رفع نفسه وزوجه أرسينوي الثانية إلى مرتبة الألوهية وقرن عبادتهما بعبادة الإسكندر . وقد وضع بطليموس الثالث تقليدًا جديدًا عندما قضى بأن يحتفظ سلفاه، الإلهان الأخوان، بألوهيتهما بعد مماتهما وأن يستمر قرنهما في العبادة مع الإسكندر، ولذلك فإنه عندما اقتفى خطوات أبيه ورفع نفسه وزوجه إلى مصاف الآلهة، قرن عبادتهما بعبادة سلفيهما وعبادة الإسكندر، فكانت هذه هي المرة الأولى التي تقرن فيها عبادة الملك الحاكم وزوجه بعبادة سلفيهما وعبادة الإسكندر، ومنذ ذلك الوقت أصبحت القاعدة أن كل بطليموس وزوجه يترقيان العرش يؤلهان ويحتفظان بألوهيتهما بعد مماتهما، وتقرن عبادتهما في الحياة وفي الممات بعبادة أسلافهما وعبادة الإسكندر الأكبر.
ويلاحظ أن هذه العبادة كانت مقصورة في أول الأمر على أشخاص يرفعون إلى مصاف الآلهة بعد وفاتهم، مثل الإسكندر وبطليموس الأولوزوجه، ثم تدرج الحال إلى عبادة أشخاص يرفعون إلى مرتبة الألوهية ي حياتهم ويحتفظون بها بعد مماتهم، مثل بقية ملوك البطالمة وملكاتهم، ابتداء من بطليموس الثاني وزوجه، ويعزي إلى بطليموس الرابع تحويل هذه العبادة إلى عبادة أسرية بوضع الإلهين سوتروس على رأس سلسلة البطالمة المؤلهين الذين تقرن عبادتهم بعبادة الإسكندر. ونتبين من النقوش التيوردت إلينا من عهد بطليموس الثاني وبطليموس الثاني وبطليموس الثالث، أن رعايا البطالمة من الإغريق، وخاصة إغريق أوروبا وآسيا الصغرى، احتاجوا إلى شيء من الوقت لكي يعتادوا على تأليه البطالمة في حياتهم، وإن كانوا لم يجدوا صعوبة في تأليه الملوك بعد وفاتهم، فإننا لم نجد حتى الآن نقشًا غير رسمي من عهد بطليموس الثاني يحدثنا عن ألوهية هذا الملك، وبين النقوش التي وصلت إلينا من عهد بطليموس الثالث، نجد أن بعضها لا يشير إلى ألوهية الملك ولا إلى ألوهية أبويه، بينما يذكر بعضها الآخر أن الملك"ابن الإلهين أدلفوي"، أو يدعو الملك "الإله يورجتيس ابن الإلهين أدلفوي"، أو يدعو الملك وزوجه (الإلهين بورجتيس ابني الإلهين أدلفوي).
أما بعد عهد بطليموس الثالث، فإننا لا نجد إلا نادرًا جدًا، في عهد بطليموس الرابع، وبطليموس الخامس، وثائق تغفل إعطاء الملك لقبه المقدس وإن كانت لا تغفل ذكر ألوهية آبائه، على حين أن تلك التي تغفل ذكر الآباء لا تغفل ذكر اللقب المقدس الذي يحمله الملك أو الملك وزوجه، ولا شك في أن الأفراد لم يروا ضرورة لأن يسردوا في وثائقهم الخاصة سلسلة البطالمة المؤلهين، الذين كانت صيغة الوثائق الرسمية تزدحم بأسمائهم ابتداء من الإسكندر، وكان اليهود يعفون من هذا التقليد الذي لا بد من أنه كان رجسا في نظرهم، لتمسكهم بديانتهم والسماح لهم بممارستها، أما محررو الوثائق الإغريق والمصريون ي كل أنحاء الدولة، فإنه كان يحتم عليهم أن يستخدموا طريقة التأريخ الرسمية في وثائقهم، ويرى بوشيه لكلرك أن البطالمة لم يقصدوا بإنشاء هذه العبادة إيقاظ شعور ديني في رعاياهم الإغريق، بل أن تكون هذه العبادة تعبيرًا رسميًا عن ولاء رعاياهم لهم، يكون بمثابة ستار يخفي عن المصريين الفارق العميق بين معتقدات المصريين ومعتقدات الإغريق، فيما يتعلق بالأساس الذي ترتكز عليه سلطة الملك. وذلك لكيلا يرى المصريون أن فراعنتهم من البطالمة لم يكونوا آلهة في نظر رعاياهم الإغريق مثل ما كانوا آلهة في نظرهم، بما كان يؤثر بمضي الزمن في نظرة المصريين إلى هؤلاء الفراعنة الجدد. وخلاصة القول أن هذا المؤرخ يرى أن البطالمة اتخذوا هذه العبادة وسيلة لدعم مركزهم في مصر، وهو ما يؤيد الرأي الذي ننادى به. | |
|