الفارق بين عبادة البطالمة عبادة إغريقية عامة وعبادتهم عبادة مصرية عامة

وفي هذه العبادة الإغريقية، كان الملك الحاكم يعبد مقرونًا بأسلافه، وأما في العبادة المصرية فإن العبادة كانت لا توجه إلا إلى فرعون الحاكم، الذي أقيمت له التماثيل في المعابد وقرن بالآلهة الحقيقية ، لأن صفة فرعون كإله دنيوي كانت تنتهي بوفاته وتنتقل إلى خليفته .

وقد كان فرعون المتوفى ينضم إلى زمرة الموتى المؤلهين في العالم الآخر، لأن المصريين كانوا يعتقدون أنهم يشبهون جميعًا بأوزيرس بعد مماتهم بفضل طقوس الموتى، فلم يكن لفرعون، وقد انتقل إلى العالم الآخر، أي حق إلا في العبادة التي أعد، كأي فرد آخر في خلال حياته، الوسائل لإقامتها .


1- ظل كاهن هذه العبادة يعرف لعدة سنوات في هذا العهد، على نحو ما كان يعرف في العهد السابق، باسم "كاه بطلميوس سوتر وبطليموس إبيفانس يوخاريستوس".

وهناك فارق آخر بين عبادة البطالمة عبادة إغريقية عامة وعبادتهم بوصفهم فراعنة عبادة مصرية عامة، ففي العبادة الإغريقية كانت زوج الملك تشرك معه، أما في العبادة المصرية فإن الملك كان ينفرد بالعبادة دون زوجه. وذلك على الرغم من أن المرأة في مصر القديمة كانت تقوم بدور هام في وراثة العرش، فهي لم تكن فقط قادرة على صيانة الدم الملكي نقيًا، بل كانت أيضـًا تنقل من فرعون إلى آخر صفته الإلهية، وقد حفظ لنا التاريخ أسماء سيدات شهيرات، بعضهم حملن صولجان الملك، وبعضهم تولين الوصاية، وبعضهم تمتعن بنفوذ كبير على أزواجهن، وقد صورت هذه الزوجات العظيمات على جدران المعابد إلى جانب الفراعنة وأحيانًا بدلا منهم، ومع ذلك يبدو أنهن لم يشركن في عبادة فرعون الحاكم إلا عن طريق الاستثناء.

عبادة البطالمة عبادة محلية في مدينة بطوليميس بالوجه القبلي:

وقد أنشئت في مدينة بطوليميس عبادة محلية لأفراد أسرة البطالمة، لها كهنة تؤرخ الوثائق بأسمائهم. ولذلك بينما كانت الوثائق في كل أنحاء مصر الأخرى تؤرخ بأسماء كهنة العبادة الإغريقية العامة، التي كان مقرها في الإسكندرية، كانت وثائق بطولمييس وكل منطقة طيبة كثيرًا ما تؤرخ أيضًا بكهنة العبادة المحلية، التي كان مقرها في مدينة بطولمييس. وكان بطليموس الأول سوتر، مؤسس هذه المدينة، يحتل مكان الصدارة بين البطالمة المؤلهين في هذه العبادة المحلية، ويرى أوتو أن بطليموس الثاني هو الذي أنشأ هذه العبادة إجلالاً لأبيه، عندما رفعه إلى مصاف الآلهة بعد وفاته، وأنه إذا كانت هذه العبادة لم تذكر في الوثائق قبل العام الثامن من حكم بطليموس الرابع (215/ 214 ق.م) فإن ذلك قد يرجع إلى إهمال الكتاب وإلى أن التأريخ بكهنة هذه العبادة كان مقصورًا على منطقة طيبة؛ وأنه إذا كانت قد وصلت إلينا وثائق كثيرة من منطقة طيبة من عهد بطليموس الثاني والثالث ولم يرد بها ذكر هذه العبادة، فإنه يستخلص من ذلك أن تأريخ الوثائق في هذه المنطقة بكهنة هذه العبادة أتى متأخرًا عن إنشاء العبادة نفسها؛ وأنه إذا كانت الوثائق تحدثنا بأن أفراد أسرة البطالمة، ابتداء من بطليموس الرابع، قد أشركوا مع بطليموس الأول في هذه العبادة، فإنه لا يبعد أن يكون بطليموس الثاني وبطليموس الثالث قد أشركا مع بطليموس الأول من قبل.

أما بلاومان (Plaumann) فيرى أنه كان يوجد في بطولمييس عبادتان: إحداهما خاصة ببطليموس الأول الإله سوتر أو الإله الأعظم سوتر Megistos Theos Storer باعتباره مؤسس هذه المدينة، والأخرى عبادة محلية لبطليموس الأول وغيره من البطالمة. ويرى أن العبادة الأولى قد أنشئت في خلال حياة بطليموس الأول، لأنه إذا كانت بعض المدن خارج مصر، مثل جزر الكيكلاد ورودس وهالكيار ناسوس، قد اعترفت بفضله وعبدته في حياته، فقد كانت المدينة التي أسسها وتحمل اسمه أحق بالاعتراف بهذا الفضل، ولا سيما أن عبادة مؤسسي المدن كانت شائعة بين الإغريق قبل العصر الهلينيسي. ويرى هذا المؤرخ أن بطليموس الرابع هو الذي أنشأ العبادة الثانية، لأنها لم تذكر في الوثائق إلا في عهد هذا الملك، وأنه لا يمكن الجزم هل استمرت العبادتان منفصلتين بعد ذلك أو أدمجتا في بعضهما بعضًا.

ونحن نرجح أنه بعد تأسيس مدينة بطوليميس، أنشئت هناك عبادة لبطليموس الأول باعتباره مؤسسها، وأن الوثائق كانت لا تؤرخ بهذه العبادة، أما في عهد بطليموس الرابع، فإن هذا الملك جعل هذه العبادة عبادة رسمية تؤرخ بها الوثائق في منطقة طيبة، على أن يشرك الملك الحاكم مع رأس الأسرة في هذه العبادة، أي أنه لم تكن هناك عبادتان بل عبادة واحدة، طرأت عليها عدة تطورات منذ عهد بطليموس الرابع ويؤيد هذا الرأي أن كل الوثائق التي لدينا خاصة بالعبادة التي أشرك فيها أفراد أسرة البطالمة، منذ عهد بطليموس الرابع، مع بطليموس الأول وقد طرأت التطورات التالية على هذه العبادة منذ عهد بطليموس الرابع.

أولاً: في عهد بطليموس الرابع (221 ـ 203) أشرك الإلهان فيلوباتورس مع بطليموس سوتر فكان كاهن هذه العبادة يدعي كاهن بطليموس سوتر والإلهين فيلوباتورس، وأصبحت وثائق منطقة طيبة تؤرخ بكاهن هذه العبادة منذ عام 215 – 214 ق.م. ولدينا وثائق مؤرخة على هذا النحو من العام الثامن والثاني عشر والخامس عشر من عهد هذا الملك (215 ـ 214، 211 ـ 210، 208 – 207 ق.م) وكان أسماء الكهنة على التوالي نيكاندروس ونيكانور ونينيوس.

ثانيًا: في عهد بطليموس الخامس (203 ـ 180) أصبح كاهن هذه العبادة يدعى "كاهن بطليموس سوتر والإله إبيفانس يوخاريستوس". ولدينا وثائق مؤرخة على هذا النحو من العام السابع والعام الثالث والعشرين من عهد هذا الملك (198 – 197، 182 ـ 181 ق.م).

ثالثًا: وقبل العام الثالث والعشرين (182 – 181) أو على الأقل في خلال ذلك العام من عهد بطليموس الخامس، أنشئت في هذه العباة كاهنة، (Kanephoros) لأرسينوي فيلادلفوس، وأصبحت تذكر في الوثائق منذ ذلك الوقت.

رابعًا: طرأت في عهد بطليموس السادس فيلومتور (180- 145) أربعة تطورات :

ولما كنا نعرف بن بريدات ديموتيقية بعضها من العام السادس من عهد بطليموس السادس (176 – 175) وإحداها، من العام الحادي عشر من عهد هذا الملك (171 – 170) وكذلك من نقش إغريقي من عهد بطليموس السادس أيضًا أن هيبالوس حاكم منطقة طيبة كان يشغل كذلك منصب هذا الكاهن، فإن هذا يدل على أنه في عبادة بطولمييس، مثل عبادة الإسكندرية، كان من الممكن أن يتولى شخص واحد منصب الكهانة عدة مرات.

2- ظهر في الوثائق كاهن جديد يدعى "كاهن الملك بطلميوس وكليوبترة الأم" (كليو بترة الإلهة إبيفانس زوج بطليموس الخامس الإله إبيفانس). وكان هذا الكاهن يذكر بعد "كاهن بطليموس سوتر والإله إبيفانس يوخاريسوس" وقبل "كاهنة أرسنوي فيلادلفوس"، وبذلك أصبح يوجد فيعبادة بطولمييس كاهنان وكاهنة، ونستدل على ذلك من وثائق ترجع إلى العام الثالث والعام السادس، والعام الحادي عشر من عهد هذا الملك (179 – 178 ، و 176 ـ 175 و 171 ـ 170).

3- بين العام الحادي والعشرين (161 ـ 160) والعام الثامن والعشرين (154 – 153) من عهد بطليموس السادس وضع نظام جديد لعبادة بطولمييس، فقد أصبح الآن لكل ملك من ملوك البطالمة كاهن سنوي خاص به. وكانت القائمة تبدأ بكاهن بطليموس الأول فكاهن الملك الحاكم (بطليموس السادس فيلومتور) فكهنة بطليموس الثاني ثم الثالث ثم الرابع ثم الخامس ثم بطليموس يوباتور... ومن الثابت أن هذا النظام قد استمر في عهد بطليموس الثامنيورجتيس الثاني، ويحتمل أنه استمر كذلك فيما بعد حتى نهاية أسرة البطالمة، لكنه لا توجد لدينا أدلة على ذلك، إذ أنه عندما طالت قائمة الكهنة كان الكتاب يكتفون بأن يقولوا "عندما كان يوجد كهنة وكاهنات في بطولميس بمنطقة طيبة".

4- وفي هذا العهد أيضًا، أضيف إلى كاهنة أرسينوي فيلادلفوس ثلاث كاهنات إحداهما لكليوبترة الأم (كليوبترة الأولى) والثانية للملكة كليوبترة (كليوبترة الثانية) والثالثة لكليوبترة الابنة (كليوبترة الثالثة فيما بعد)ـ وأول وثيقة ورد فيها ذكر كاهنة كليوبترة الأولى ترجع إلى عام 154/153 ق.م، أي بعد وفاة هذه الملكة بنحو عشرين عامًا، وأول ويثقة ذكرت فيها كاهنة كليوبترة الثانية ترجع إلى عام 161 – 160 ق.م. أما كاهنة كليوبترة الابنة فقد ذكرت لأول مرة في وثيقتين ترجعان إلى العام السادس والثلاثين من حكم بطليموس السادس (146 – 145 ق.م). وكانت كليوبترة وابنتها تذكران، وهما على قيد الحياة قبل كليوبترة الأولى التي توفيت، ثم تأتي أرسينوي في المؤخرة.

خامسًا: في عهد بطليموس الثامن يورجتيس الثاني، أضيف كاهن جديد يدعي "كاهن العرش الذهبي للملك بطليموس الإله يورجتيس، الملك العظيم يوخاريستوس". وكان هذا الكاهن يذكر بعد كاهن بطليموس سوتر وكاهن بطليموس الثامن، أي أن ترتيبه كان الثالث، وقد ورد ذكر هذا الكاهن وفي وثائق ترجع إلى عام 139، وعام 127 ـ 126 وعام 153.

ويبدو إذن مما مر بنا أن هذه العبادة كانت أكثر تعقيدًا من العبادة الرسمية العامة التي كانت الإسكندرية مقرها، لأنه في هذه العبادة العامة، إذا استثنينا كاهنات الملكات كان كاهن واحد يقوم بطقوس سائر ملوك البطالمة المؤلهين، وكان انتقال الحكم من ملك إلى آخر لا يؤدي إلى إضافة زوجين جديدين سلسلة الآلهة، أما في العبادة التي كانت بطولميسس مقرها، فيبدو أنه منذ حوالي منتصف عهد بطليموس السادس أصبح لكل ملك كاهن خاص، ولم يكن لهذه العبادة من الأهمية ما كان للعبادة الرسمية العامة، لأن تاريخ الوثائق بكهنة عبادة بطولمييس لم يكن إجباريًا حتى في منطقة طيبة، ولم يفكر احد من محرر الوثائق خارج تلك المنطقة في استعمال هذا التأريخ على الرغم من أن بطولييمس كانت، إذا جاز القول، عاصمة الإغريق في الوجه القبلي، ويحتمل أن هذه العبادة أنشئت في بطولييمس لتوازن نفوذ هيئة الكهنة المصريين في طيبة، ولإيجاد مناصب فخرية تلهو بها الارستقراطية المحلية، وقد كان في الإمكان الجمع بين هذه المناصب الفخرية ومناصب أخرى لها خطرها وامتيازاتها، فقد أسلفنا أنه شغل منصب "كاهن بطليموس سوتر وبطلميوس إبيفانس يوخاريستوس" لعدة سنوات في عهد بطلميوس السادس فيلومتور، شخص يدعى هيبالوس (Hippalos) كان من "الأصدقاء الأول" و "إبيستراتيجوس، Episrtategos"، أي حاكمًا عامًا. وسنرى أنه لم يكن على الأرجح حاكمًا عامًا لمنطقة طيبة فحسب، بل لمصر بأجمعها.

وعلى نقيض ما يراه أوتو، لم يقض الفتح الروماني على عبادة بطليموس سوتر في بطولمييس، إذ تدل القرائن على أنه كما احترم الرومان عبادة الإسكندر بوصفه مؤسس الإسكندرية احترموا كذلك عبادة بطلميوس الأول بوصفة مؤسس بطولمييس، فقد استمرت العبادتان قائمتين مدة طويلة في عصرهم.

عبادة البطالمة عبادة غير رسمية:

ولقد كان البطالمة يعبدون كذلك عبادة إغريقية غير رسمية يقيم شعائرها الناس، أفراد كانوا أو جماعات، مثل الجمعيات الدينية التي سيأتي ذكرها فيما بعد، فإن بعض هذه الجمعيات كانت تتخذ الملك أو الملكة إلهًا أو أحد الآلهة التي تتجه إليها بالعبادة، مثل جمعية فناني ديونيسوس والإلهين أدلفوي في بطولمييس، وبوجه خاص جمعيات الحاميات العسكرية، مثل جمعية الملكين (Basilistai) ـ التي أنشأها ضباط حامية أسوان في معبد جزيرة سيتيس (Setis) على عهد بطليموس السادس لإقامة الحفلات السنوية إجلالاً للملك بطليموس وزوجته وأولادهما ـ وجمعية أصدقاء. الملك (Philobasilistai) التي أنشأها العسكريون في طيبة وفي هرمونثيس.

وكان الناس يقيمون هيكلاً أو مذبحًا للملك أو الملكة، ومثل ذلك أن شخصًا "من ليبيا من طبقة السلالة" كان يعيش ف يكروكديلوبوليس بمديرية أرسينوي في عصر بطلميوس الثالث، وأوصى إلى رجل رودسي بهيكل كان قد أقامه لبرينيكي وأفرديتي أرسينوي، فقد انتشرت الملكات البطالة عبادات خاصة نتجت من تشبههن أو مقارنتهن بإلهة أو بأخرى كانت في أكثر الحالات أفرودتي أو إيزيس وتدل وفرة القرائن على أنه لا يجوز الإقلال من شأن هذه العبادات التي كان لها كثير من الأتباع.

وإذا كانت أرسينوي الثانية قد حظيت بنصيب الأسد من العبادات التي وجهت إلى ملكات البطالمة، فإنه كان أيضًا لكليوبترة الثالثة وكليوبترة السابعة نصيب موفور من هذه العبادات، بل إن هاتين الملكتين تمتازان حتى على ارسينوي الثانية بأنهما ظفرتا في حياتهما بقدر كبير من التأليه.

وكانت الحكومة تمنح المنشآت الدينية المقامة لأسرة البطالمة إمتيازات قد تشمل أهم ما كانت المعابد تطمع فيه، وهو حق حماية اللاجئين إليها. فقد وصل إلينا من يوهمريا (Euhemeria) بالفيوم نقش مشوه يبدو أنه كان من معبد أقامته إحدى الجمعيات إجلالاً للملك الحاكم وآبائه، ويشير هذا النقش إلى أن هذا المعبد منح حق حماية اللاجئين إليه مثل المعابد المجاورة له.

ولا شك في أن عبادة البطالمة لم تكن مقصورة على مصر وحدها، بل وجدت كذلك في ممتلكات مصر الخارجية، لكن يبدو أن عبادة البطالمة هناك لم تكن رسمية لأنه إذا كانت الاهداءات المتعددة "للإلهة فيلادلفوس" تشير إلى رغبة أشخاص كثيرين في التقرب إلى ملك مصر، فإننا لا نجد في الوثائق، التي وصلت إلينا من ممتلكات مصر الخارجية، ما يشير إلى عبادة البطالمة هناك عبادة رسمية على نمط عبادتهم في مصر.

ولقد امتلكت مصر جزيرة قبرص مدة طويلة، بل كانت قبرص أطول ممتلكات مصر بقاء تحت سيطرة البطالمة، فلو أن البطالمة فرضوا عبادتهم في ممتلكاتهم الخارجية، لكانت قبرص في مقدمة هذه الممتلكات، ولوجدنا في وثائقها ما يشير إلى ذلك. ونحن نعرف أن نائب الملك قبرص كان أيضًا "كبير الكهنة" هناك منذ عهد بطليموس الخامس، لكننا لا نعرف هذا هذا الحاكم، باعتباره كبير الكهنة، كان أيضًا كاهن البطالمة المؤلهين، لأن لقبه كان إما "كبير الكهنة". فقط أو "كبير كهنة آلهة قبرص"، أو "كبير كهنة آلهة الجزيرة"، أو "كبير كهنة الجزيرة"، ويضاف إلى ذلك أن منصبه كان لمدة غير محدودة، ولم يكن يعين سنويًا، مثل كهنة عبادة الإسكندرية أو كهنة عبادة بطولمييس.

ونجد في نقش من مدينة بافوس (Paphos) بجزيرة قبرص، من عهد بطليموس التاسع سوتر الثاني أن أهل هذه المدينة أصدروا قرارًا إجلالاً لشخص يدعى أونساندروس (Onesandros) بوصفه "كاهنًا لمدى الحياة للملك بطليموس الإله سوتر وللهيكل الذي أسسه، وبوصفه مسجل مدينة بافوس والمشرف على المكتبة الكبيرة بالإسكندرية، ومن المحتمل أن هذه العبادة كانت خاصة في أول الأمر، ثم تحولت إلى عبادة محلية في المدينة.

ويبدو أن حاميات ممتلكات مصر الخارجية اقتفت أثر حاميات الحدود المصرية، في إظهار ولائها لملوك البطالمة باتخاذهم آلهة لها. وكانت هذه العبادة توجه خاصة إلى الملكين الحاكمين (الملك وزوجه)، ومثل ذلك أنه في كيتيون (Kition) كان ملانكوماس (Melankomas) الأيتولي، قائد الحامية هناك، "كاهن الإلهين يورجتيس" في عهد بطليموس الثامن يورجتيس الثاني.

ونستخلص إذن مما مر بنا أن البطالمة كانوا موضع أربع عبادات مختلفة وهي:

1- عبادتهم في المعابد المصرية رسمية عامة، بوصفهم فراعنة، ولم يكن للإغريق أي دخل في هذه العبادة، فقد كانوا يجهلون كل ما يحدث في المعابد المصرية وكل ما يكتب باللغة الهيروغليفية، لكن لا بد من أن الملوك عنوا دائمًا، بواسطة عملائهم المصريين، بأن يقيم لهم الكهنة المصريون من الطقوس ما يعبر بجلاء عن ولائهم وما يتناسب مع مركزهم.
2- عبادتهم عبادة إغريقية رسمية عامة في مصر، تلك العبادة التي نتجت من الدين الرسمي الذي وضع بطليموس الأول أساسه، عندما جعل عبادة الإسكندر دينا رسميًا في مصر، لأنه استن بذلك سنة تأليه حكام مصر بعد مماتهم، ومنذ عهد بطليموس الثاني أصبح ملوك وملكات البطالمة يرفعون إلى مصاف الآلهة في حياتهم ويحتفظون بألوهيتهم بعد مماتهم ويقرنون مع الإسكندر في العبادة.
3- العبادة الرسمية المحلية التي أنشأتها المدن الإغريقية إجلالا لهم، أما في مصر مثل بطوليميس أو خارج مصر مثل جزر الكيكلادو رودس.
4- العبادة الإغريقية غير الرسمية التي كان الأفراد والجماعات يقيمون شعائرها حسبما يتراءى لهم.