منتديات لعيونكم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.


منتديات تهتم ببرامج الكمبيوتر والانترنت والشعر والرياضه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول
مواضيع مماثلة
    المواضيع الأخيرة
    » درس الخلفيـــــة الناريـــة بالفوتوشوب
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالسبت مايو 23, 2015 1:01 am من طرف al_jorany_88

    » كتاب السحر الاشهر>>>منبع اصول الحكمه للعلامه البوني
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالإثنين ديسمبر 29, 2014 10:06 pm من طرف علي الأكبر

    » برنامج روعة لاصلاح usb بلمسة زر
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء يوليو 16, 2014 6:44 pm من طرف a1b2c3ma

    » انشودة رمضان - ابو حنين الخادم و ابو زينب العامري , جميلة جداً و هادئه 2014
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأحد يونيو 29, 2014 6:28 pm من طرف هذيان عاشق

    » تاريخ ناحية النصر
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأحد مايو 18, 2014 6:02 am من طرف مهندس محمود شاكرالزاملي

    » محافظة ذي قار
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأحد مايو 18, 2014 5:57 am من طرف مهندس محمود شاكرالزاملي

    » اشتباه في ذكر موضوع في خصوص العشائر العراقيه
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأحد مايو 18, 2014 5:36 am من طرف مهندس محمود شاكرالزاملي

    » كتاب السحر العجيب فى جلب الحبيب
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالجمعة مايو 16, 2014 1:42 pm من طرف شوان

    » سجل في هذا الموقع لمعرفة باسوورد حسابات الفيس بوك
    السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأحد سبتمبر 01, 2013 5:01 pm من طرف ابو كرار الساعدي

    بحـث
     
     

    نتائج البحث
     
    Rechercher بحث متقدم
    ازرار التصفُّح
     البوابة
     الفهرس
     قائمة الاعضاء
     البيانات الشخصية
     س .و .ج
     ابحـث
    التبادل الاعلاني
    أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
    ابو كرار الساعدي
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    bassant
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    bobo
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    ابراهيم الساعدي
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    حبيبة بابا
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    nona
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    حيدر العتابي
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    الهلالي
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    حمادة الساعدي
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    احسان العراقي
    السلطة المركزيـة I_vote_rcapالسلطة المركزيـة I_voting_barالسلطة المركزيـة I_vote_lcap 
    دخول
    اسم العضو:
    كلمة السر:
    ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
    :: لقد نسيت كلمة السر
    المتواجدون الآن ؟
    ككل هناك 13 عُضو متصل حالياً :: 0 عضو مُسجل, 0 عُضو مُختفي و 13 زائر

    لا أحد

    أكبر عدد للأعضاء المتواجدين في هذا المنتدى في نفس الوقت كان 66 بتاريخ الأربعاء يوليو 09, 2014 4:54 am

    أخبر صديقك عن موقعنا


     

     

     السلطة المركزيـة

    اذهب الى الأسفل 
    كاتب الموضوعرسالة
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:34 pm

    أداة الحكـم

    1- ألقاب الملـك

    لقد رأينا أن البطالمة، على الرغم من أنهم كانوا سادة مصر بحق الفتح، لم يعتمدوا على هذا الحق وحده لتبرير سلطانهم بل لجأوا إلى الديانة لصبغ مركزهم بصبغة شرعية، فاتخذوا صفات الفراعنة وتشبهوا بهم أمام رعاياهم المصريين، ورفعوا أنفسهم إلى مصاف الآلهة في نظر رعاياهم الإغريق .

    ولكن تأليه البطالمة لم يؤد – كما كان يحدث أحيانًا في المماليك الشرقية – إلى أن يعيشوا في أعماق قصورهم، بعيدين عن رعاياهم ، تكتنفهم الأسرار. فقد كانوا يقابلون الجميع ويظهرون أمام الملأ ويسمعون شكاوي رعاياهم ويعيشون دون كلفة مع أصدقائهم .


    اسم بطلميوس في الأسرة المالكة:


    وعلى نقيض الفراعنة القدماء الذين كان لكل منهم اسم خاص به، كان كل ملوك البطالمة يحملون اسم بطلميوس. ويبدو أنهم أرادوا بذلك إثبات دوام الملكية في أسرتهم بالرغم من انتقالها من فرد إلى آخر. أما الفراعنة فإنهم لم يعنوا إلا بإثبات دوام الملكية التي تعتمد على حق الملوك الإلهي، ولذلك كانوا جميعًا يحملون اسم حورس، وكان يعبر في العقائد المصرية عن حق الملوك الإلهي. ونرى أثر هذه الرغبة البطلمية نفسها فيما درجوا عليه حتى آخر عهدهم، من وضع صورة مؤسس أسرتهم على أحد وجهي العملة التي كانوا يسكونها. وهل كان البطالمة يحملون هذا الاسم الملكي – اسم بطلميوس – عندما يرتقون العرش أم أن هذا الاسم كان يعطى لأولياء العهد منذ إشراكهم في الحكم، أو منذ ميلادهم؟

    بما أن كل ملوك البطالمة كانوا يحملون اسم بطلميوس، وبما أننا نجد في نصوص لا يرقى الشك إلى صحتها أن أكبر أبناء الملوك كانوا يدعون بطلميوس حتى قبل إشراكهم في الملك، فإننا نستخلص من ذلك أن أولياء العهد كانوا يدعون منذ ميلادهم بطلميوس، وأنه إذا آل الملك إلى شخص آخر فإن هذا الشخص كان يترك اسمه الأصلي الخاص به ويحمل اسم بطلميوس. ونحن لا نعرف الاسم الذي كان بطلميوس الثاني يحمله، قبل حرمان أخيه بطلميوس كراونوس من وراثة العرش. أما القول بأنه كان يدعى فيلادلفوس فمردود لسببين: وأحدهما أنه لم يطلق على بطلميوس الثاني لقب فيلادلفوس إلا في القرن الثاني قبل الميلاد، والآخر أن فيلادلفوس لم تكن اسمًا بل لقبًا وأن أرسينوي الثانية كانت أول من حمله. ولسنا نعرف أيضًا الاسم الذي كان يحمله بطلميوس الثامن يورجتيس الثاني قبل ارتقائه العرش، لكن إذا كنا نجهل اسم بطلميوس الثاني وبطلميوس الثامن قبل أن يؤول إليهما الملك، فإننا نعرف أنه كان لبطلميوس الثاني، إلى جانب خليفته بطليموس الثالث، ابن صغير يدعى ليسيماخوس، وأنه كان لبطلميوس الثالث أيضًا، إلى جانب خليفته بطلميوس الرابع، ابن صغير يدعى ماجاس، وأن بطلميوس العاشر، منافس أخيه الأكبر بطلميوس التاسع سوتر الثاني، كان يميز عن أخيه الأكبر بتلقيبه بالاسكندر، وليس ببعيد أنه قد كان اسمه في بادئ الأمر قبل ارتقائه العرش.

    ولما كانت لا توجد قرينة على أن الأبناء الآخرين للبطالمة، عدا الذين كانوا أولياء العهد منذ ميلادهم، كانوا يدعون كذلك "بطلميوس"، فإنه يبدو أن هذا الاسم كان مقصورًا في الأسرة الملكية على الملك وخليفته. لكن البطالمة لم يحتكروا هذا الاسم، إذ أنهم سمحوا لرعاياهم بحمله.
    ملكات البطالمة واسم كليوباترا:

    ومنذ زواج بطلميوس الخامس من كليوباترا الأولى ابنة أنطيوخوس الثالث، كانت كل ملكات البطالمة تحملن اسم كليوباترا منذ ميلادهن، فيما عدا برينيكي الثالثة ابنة بطلميوس التاسع، وبرينيكي الرابعة ابنة بطلميوس الثاني عشر.

    لكل ملك لقب إلهي إغريقي:

    وإذا كان سائر ملوك البطالمة قد حملوا جميعًا اسم "بطلميوس"، إما اعتزازًا بانتسابهم إلى رأس الأسرة ولإثبات حقهم في الملك، أو للتدليل على أن الملكية لم تتغير بانتقالها من فرد إلى آخر، فقد كان لكل منهم لقب إلهي إغريقي يميزه عن غيره. ولسنا نعرف منشأ كل هذه الألقاب، التي يعبر بعضها عن خدمات جليلة أو صفات رفيعة مثل المنقذ والخير، على حين أن بعضها الآخر يعبر عن صلات أسرية مثل المحب لأبيه أو المحب لأمه. فهل الملوك هم الذين كانوا يتخذون هذه الألقاب أم أن رعاياهم الذين كانوا يخلعونها عليهم؟ يجب أولاً استبعاد الرأي القائل بأن الكهنة المصريين هم الذين كانوا يخلعون هذه الألقاب على الملوك، فإن ديباجة الوثائق المصرية تعطي الملك الألقاب الخمسة التقليدية ثم تضيف إليها خارج الخرطوش ترجمة لقبه الإلهي الإغريقي الذي لا شك في أن صيغته الإغريقية هي الأصل. ويضاف إلى ذلك أن طابع هذه الألقاب الإلهية إغريقي، ولا يمت بصلة عن قرب أو بعد إلى صفات الآلهة المصرية. ويبدو أنه لم توجد قاعدة ثابتة لهذه الألقاب، لأنه إذا كان أهل رودوس هم الذين خلعوا على بطلميوس الأول لقب المنقذ، فإنه من المحتمل أن البطالمة الآخرين هم الذين اختاروا لأنفسهم الألقاب التي حملوها.

    وهل هذه الألقاب تعبر عن صفات حقيقية أو منتحلة في الملوك، أو أنها تخلد ذكرى حوادث معينة؟ لا شك في أن أهل رودس خلعوا على بطلميوس الأول لقب سوتر (المنقذ) اعترافًا بصنيعه، ولا في أن بطلميوس الثاني وزوجه أرسينوي لقبا بالإلهين أدلفوي (الأخوين) تخليدًا لذكرى زواجهما أما بطلميوس الثالث، فلا يعرف لماذا لقب بيورجتيس (الخير)، وإن كان معروفًا أن مجمع الكهنة المصريين في 238 لم يخع عليه هذا اللقب. ولا يستبعد أنه اتخذ هذا اللقب عند ارتقائه العرش تخليدًا للخدمة التي أسداها لمصر بضم ملك قورينايئة إليها، نتيجة لزواجه من برينيكي ابنة ماجاس. ولعل السبب نفسه هو الذي حدا ببطلميوس الثامن إلى اتخاذ هذا اللقب الإلهي نفسه، عندما ارتقى عرش مصر بعد أن كان ملك قورينايئة.

    وليس هناك سبيل إلى الشك في أن البطالمة، منذ عهد بطلميوس الرابع، هم الذين كانوا يختارون ألقابهم منذ ارتقائهم العرش، لكنه يصعب علينا تفسير هذه الألقاب وإن كنا نرجح أن بطلميوس الرابع لقب نفسه فيلوباتور، أي المحب لأبيه، ليحاول بذلك أن يكتسب لنفسه المحبة التي كان أبوه يتمتع بها بين الشعب. ونرجح أيضًا أن بطلميوس السادس لقب بفيلومتور أي المحب لأمه، لأن أمه تولت الوصاية عليه في حداثته لكننا لا نعرف لماذا لقب بطلميوس الخامس "الإله إبيفانس". ويبدو أنه منذ عهد بطلميوس الثامن، إما أن يكون معين البطالمة في اختيار ألقابهم الإلهية قد نضب أو أنهم أرادوا التشبه بأجدادهم، فأخذا يكررون ألقاب أسلافهم مثل يورجتيس، سوتر، فيلادلفوس، فيلوباتور.

    ولقد كان للبطالمة عدة ألقاب تذكر في ديباجة الوثائق، غير أنهم لم يستخدموا عادة من هذه الألقاب إلى لقب "ملك" ولقب "إله" فضلاً عن اللقب الإلهي الخاص بكل منهم. وكان اللقب الأول يذكر قبل الاسم واللقب الثاني بعد الاسم، وإنما قبل اللقب الإلهي مباشرة، فكان بطلميوس الثالث مثلاً يدعى "الملك بطلميوس الإله يورجتيس". وكان ينقش على نقود البطالمة الاسم مشفوعًأ بلقب ملك فقط أو باللقب الإلهي فقط دون ذكر كلمة إله. وحسبنا دليلاً على أن اللقب الإلهي كان الاسم الذي يعبد تحته الملك، أن عبارة إله كانت لا تضاف إلى اسم بطلميوس بل إلى اللقب الإلهي، فكان لا يقال "الإله بطلميوس" بل مثلاً "بطلميوس الإله الخير أو المحب لأبيه. أو المحب لأمه الخ". وتعتبر عبارة "الملك بطلميوس الإله الاسكندر" خطأ فاحشًا، مرجعه أن الكاتب اعتبر الاسكندر لقبًا إلهيًا. ومما يجدر بالملاحظة أن البطالمة لم يجدوا داعيًا لأن يدعوا أنفسهم في الوثائق الإغريقية ملوك مصر العليا ومصر السفلى، على نحو ما كان الفراعنة يفعلون، أو لأن يشفعوا أسماءهم بأسماء ممتلكاتهم الخارجية، كما يفعل بعض ملوك العصر الحديث.

    تعدد ألقاب البطالمة الإلهية:

    ومنذ عهد بطلميوس الخامس ظهر تقليد جديد هو تعدد الألقاب الإلهية، بدل أن كان كل ملك يكتفي فيما مضى بلقب إلهي واحد، فقد كان بطلميوس الخامس الإله إبيفانس يورخاريستوس، وكانت كليوباترا الثانية الإلهة فيلومتور سوتيرا، عندما انفردت بالملك بعد فرار بطلميوس الثامن.

    وكانت كليوباترا الثالثة عندما اشتركت في الحكم مع ابنها بطلميوس التاسع، تدعى وحدها الإلهة المحبة لأمها المنقذة العادة المنتصرة، وتعرف هي وابنها بطلميوس التاسع، وكذلك هي وابنها بطلميوس العاشر "بالإلهين المحبين لأمهما المنقذين". وكان بطلميوس الثاني عشر يعرف أول الأمر "بالإله فيلوباتور" لكنه عندما تزوج أخته أضاف إلى ذلك لقب "فيلادلفوس"، ولم يلبث أن أضاف إلى ذلك لقبًا آخر هو "ديونيسوس الجديد". ويمكننا أن نستخلص من استقراء الحوادث، أنه منذ أيام بطلميوس الثالث كان الملك يتخذ لقبًا إلهيًا أساسيًا نتيجة لتأليهه عقب ارتقائه العرش، لكنه منذ أيام بطلميوس الخامس كان يضاف أحيانًا إلى هذا اللقب لقب آخر، وذلك فيما يبدو نتيجة لحوادث معينة.

    ويعزو بعض المؤرخين الألقاب الإضافية إلى الرغبة في تفادي الخلط بين الملوك، عندما درج البطالمة الأواخر على أن يتخذوا لأنفسهم ألقابًا إلهية كان أسلافهم قد حملوها من قبل. لكننا لا نرى هذا الرأي، لأن بطلميوس الثامن، وكان أول من حمل لقبًا إلهيًا سبقه إليه بطلميوس آخر هو بطلميوس الثالث، لم يكن له سوى لقب إلهي واحد هو يورجتيس. وفضلاً عن ذلك فإن بطلميوس التاسع الذي حمل لقب مؤسس الأسرة سوتر، لم يحمل لقبًا إلهيًا ثانيًا. ويضاف إلى ذلك أن هذا الرأي لا يفسر لنا لماذا حمل بطلميوس الخامس لقبين إلهيين هما إبيفانس وبوخاريستوس، إذ أنه لم يحمل أي بطلميوس قبله أي لقب من هذين اللقبين. لقد كانت هناك وسيلة أخرى لتفادي هذا الخلط وهي ترقيم البطالمة، لكنه لم يلجأ إلى هذه الوسيلة سوى بعض المؤرخين القدماء.

    ألقاب السخرية:

    أما ألقاب السخرية التي كثيرًا ما عرف بها الملوك فيما كتبه المؤرخون القدماء بدلاً من ألقابهم الرسمية. فلا شك في أنها خلعت على الملوك إبان حكمهم، ولا في أنها أكثر ألقابهم مطابقة للحقيقة باعتبارها تمثل شخصيتهم في نظر الرأي العام. ويكفي أن نثبت هنا بعض هذه الألقاب، فقد أطلق مثلاً على بطلميوس الثالث وعلى بطلميوس الرابع "الخليع، Tryphon"، وعلى بطلميوس الثامن "البطين، Physkon" و"الشرير Kakergetes" و"الخليع"، وعلى بطلميوس التاسع "حمص، Lathyros"، وعلى بطلميوس الثاني عشر "الزمار، Auletes". أما ألقاب التشريف التي كانت تضاف إلى ألقابهم الرسمية في عبارات الإهداء وبعض الوثائق الأخرى، فقد أغفل ذكرها المؤرخون لأنها وليدة المداهنة.

    ألقاب زوجة الملك:

    وكانت زوجة الملك تحمل لقب "الملكة" وتشارك عادة زوجها "لقبه الإلهي". لكن لقب "الملكة" كان يمنح كذلك لأميرة لم ترتق العرش، مثل فيلوتيرا شقيقة بطلميوس الثاني، وبرينيكي ابنة بطلميوس الثالث. وفي أواخر عهد البطالمة، كان أبناء الملك يدعون آلهة ويمنحون ألقاب أبويهما المقدسة، ففي وثيقة بتاريخ 31 مايو عام 52 نجد ذكر الملك بطلميوس الإله الجديد ديونيسوس وأبنائه الآلهة الصغيرة فيلادلفوي. وكما كان يحدث أيام الفراعنة، كان يطلق كذلك على ملكات البطالمة، منذ زواج بطلميوس الثاني من أخته أرسينوي، لقب "الأخت"، حتى عندما لم تكن الملكة أخت الملك، ومثل ذلك برينيكي زوج بطلميوس الثالث، وبرينيكي زوج بطلميوس العاشر، فإن هاتين السيدتين لم تكونا، على نحو ما مر بنا، أختي هذين الملكين.





    2- وراثـة العـرش

    للوراثة بوجه عام قواعد نظم انتقال الميراث إلى الورثة المباشرين، وتعين حالات حرمان هؤلاء الورثة إرثهم، ووسائل انتقال حق الميراث إلى الورثة غير المباشرين. وهذه القواعد في كل البلاد جزء أساسي من القانون الخاص، ولا يمكن الاستغناء عنها بوجه خاص لتنظيم وراثة العرش، ولاسيما أن هذا الإرث لا يقبل التقسيم كأي إرث آخر.

    وعندما ارتقى البطالمة عرش الفراعنة، وجدوا للوراثة في مصر قانونًا تقليديًا. ولا شك في أنهم كانوا يلمون جيدًا بتقاليد بلادهم، فهل قبلوا التقاليد المصرية كافة، أم بقوا على ولائهم كل التقاليد الإغريقية والمقدونية، أم أنهم اختاروا من التقاليد المصرية والتقاليد الإغريقية والمقدونية ما راق لهم؟ إنه لم يصل إلينا أي نص قانوني عن الوراثة في الأسر المالكة، سواء في مصر أم في بلاد الإغريق أم في مقدونيا، ولذلك يجب أن نستخلص قانون الوراثة من مجرى التاريخ برغم ما يكتنفه من الغموض والإبهام.

    الوراثة عند المصريين:

    ويرى كثيرون من علماء الدراسات المصرية القديمة أن أهم ظاهرة في القانون العام وفي القانون الخاص عند المصريين، هي حق المرأة في الميراث على قدم المساواة مع الرجل، ولذلك كان يحق لابنة الملك أن ترث العرش مثل أخيها، ولهذا السبب كان الفراعنة يتزوجون من أخواتهم محافظة على وحدة الملك. لكن بوشيه لكارك لا يرى هذا لسببين: وأحدهما أن الحالات التي حملت فيها التاج أو تولت الوصاية سيدة مصرية حالات قليلة ومتباعدة، وقد تكون من قبيل الاستثناء الذي يثبت القاعدة. والسبب الآخر أنه يمكن تفسير زواج الإخوة من أخواتهم تفسيرًا آخر، وهو الرغبة في الاحتفاظ بالدم الملكي نقيًا خالصًا.

    ولا جدال في أنه وفقًا للقانون الخاص عند المصريين كان للمرأة الحق في الميراث على قدم المساواة مع الرجل، لكن يبدو أنه كان لوراثة العرش وضع خاص وأن المرأة كانت تلعب فيها دورًا هامًا، فقد كان يشترط في ولي العهد أن يسري في عروقه دم ملكي من ناحية الأم بوجه خاص، إذ كان المصريون يعتقدون أن الملكة المنحدرة من سلالة ملكية أقدر من الملك على نقل حق وراثة العرش. وبدو أن مرد ذلك إلى أنها لم تكن فقط قادرة على صيانة الدم الملكي نقيًا، بل كانت أيضًا تنقل من فرعون إلى آخر الصفة الإلهية التي كانت تعزى إلى الفراعنة منذ أقدم العصور، إذ كان المصريون يعتقدون أن هذه الصفة تنتقل عن طريق النساء لا عن طريق الرجال. ولذلك إذا تزوج ملك سيدة لم تكن من سلالة ملكة، فإنه لم يكن لأبنائه منها حق شرعي في العرش إلا إذا تزوج أحد هؤلاء الأبناء أميرة من سلالة ملكية. وخير مثل لذلك أن تحتمس الأول تزوج عددًا من السيدات لم تكن من بينهن سيدة من سلالة ملكية إلا أحمس وأنجب من زوجاته الأخريات أبناء ذكورًا كان أكبرهم قبل وفاته تحتمس الثاني على حين أنه لم ينجب ذكورًا من الملكة أحمس وإن أنجبت له حتشبسوت. وفي أواخر أيام تحتمس الأول زوج تحتمس الثاني إلى حتشبسوت حتى يضمن العرش لسلالته. وعندما مات أمنحتب الأول دون أن يترك من بعده ابنًا ليخلفه على العرش كانت ابنته أحمس هي صاحبة الحق في وراثة الملك فتزوجها أمير من أمراء البيت المالك يدعى تحتمس الأول ومن ثم أصبح له الحق في ولاية العرش.

    ويمكننا أن نستخلص مما أسلفناه أنه كان لا يحق للبنت وراثة العرش إلا إذا مات أبوها دون أن يترك ذرية من الأولاد الذكور، أو مات عن ذرية لم تتوافر العناصر الأساسية للحق الشرعي في وراثة العرش لأحد من أفراد هذه الذرية إلا للبنت. غير أنه لما كان المصريون يكرهون أن يروا امرأة تتولى الملك، فإنه كان يتعين عليها أن تتزوج، وكان العرش لا يؤول إليها وإنما إلى زوجها، حتى ولو لم يكن من الأسرة المالكة، لكنه يبدو أنها في بعض الحالات كانت تعتبر شريكة لزوجها في الملك بدليل أنها كانت تحمل مثله لقب ملك الوجهين.

    وإزاء كل هذه الاعتبارات يصعب إنكار حق المرأة في وراثة العرش وإن كان في اوقت نفسه يصعب التسليم بأنها كانت أحق بالعرش من أخوتها الذكور أو حتى بأنها كانت ترث العرش على قدم المساواة معهم، إذ أنه وفقًا للتقاليد المصرية وطبيعة المرأة ذاتها كان يتعذر عليها النهوض بأعباء الملك الرئيسية مثل عبادة الآلهة الكبرى وقيادة الجيوش وتصريف العدالة.

    ووسط هذه الظروف كان من اليسير أن تنجم مشاكل خطيرة حول ارتقاء العرش. ويبدو أنه لتفادي ذلك درج الفراعنة منذ عهد الأسرة الثانية عشرة على إشراك ولي العهد في الملك مع أبيه وقد حدث ذلك أيضًا في حالات كثيرة في عصر الدولة الحديثة.

    ويذهب بوشيه لكلرك إلى أنه كان لا يرتقي العرش إلا أكبر أبناء فرعون الذين ولدوا إبان تربعه على العرش، لكن الشواهد التاريخية لا تؤيد هذا الرأي. ويبدو أن نقاء الدم كان العنصر الأساسي للحق الشرعي، ولكي يصونه الفراعنة لخلفائهم دأبوا على اتخاذ إحدى أخوانهم الشقيات أو غير الشقيقات زوجة عظمى أو ملكة، وكان الابن البكر المولود من هذا الزواج يعتبر وارثًا منتظرًا يرتقي العرش عند موت والده. غير أن الدم الإلهي وحق الابن البكر وإن كان الشرطين الأساسيين فإنهما لم يكونا كافيين لارتقاء العرش، بل كان يتعين أن يهب إله الشمس "وظيفته" بطريق التنصيب المقدس وأن يجعل من ابنه خلفًا له. وفي هذا الاحتفال كان الإله يضع التاج المزدوج على رأس الملك، ويربط حورس وتحوت النباتين الرمزيين للوجهين القبلي والبحري تحت عرشه وتكتب الإلة سشات اسمه على ورق الشجرة المقدسة.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:35 pm

    الوراثة عند الإغريق:

    أما عند الإغريق، فإن المرأة كانت تعتبر دائمًا قاصرًا وتحرم الميراث لمصلحة أخواتها، وكانوا يقتسمونه فيما بينهم بالتساوي. وكانت المرأة لا ترث إلا إذا كانت الوحيدة (epikleros)، وفي هذه الحالة كان يتحتم عليها أن تتزوج من أقرب أقاربها لكي تحتفظ بالإرث في الأسرة. فما أقرب وجه الشبه بين الظروف التي كان يحق فيها للمرأة الإغريقية الحصول على الإرث العادي والظروف التي كان يحق فيها للمرأة المصرية وراثة العرش. وعند الإغريق، لمن كان يؤول الملك؟ لم توجد ملكية في بلاد الإغريق في العصور التاريخية إلا في إسبرطة، حيث كانت تحرم النساء ارتقاء العرش، ويتولى املك الابن الأكبر الذي ولد إبان تربيع أبيه على العرش. فهذا على الأقل هو المبدأ القانوني الذي عرضه دماراتوس (Demaratos) على دارا لكي يقنعه بأن يجعل إجزركسيس خليفته، إذ قال له: "في إسبرطة أيضًا، إذا كان يوجد أبناء ولدوا قبل ارتقاء أبيهم العرش ثم أنجب هذا الأب ابنًا عندما أصبح ملكًا، فإن هذا الابن هو الذي كان يخلف أباه".

    وفي مقدونيا، كانت الملكية وراثية إلا في حالة النزاع على ارتقاء العرش، فإن الجيش هو الذي كان يفصل عندئذ بين المتنازعين. وكان التاج المقدوني يؤول عادة إلى أكبر الأبناء على الإطلاق.

    قواعد الوراثة عند البطالمة:

    فماذا فعل البطالمة؟ يرى بعض المؤرخين أنه لما كان البطالمة قد أخذوا عن الفراعنة حق الملوك الإلهي وعادة زواج الأخ من أخته، فإنهم لم يستحدثوا شيئًا في قانون الوراثة المصري. أما البعض الآخر فيرى أن البطالمة لم يرعوا إلا قانون الوراثة العادي عند الإغريق، فكان العرش ينتقل إلى أكبر الأبناء الذكور على الإطلاق، وكانت البنات لا يرثن العرش إلا عند عدم وجود وريث شرعي، وفي هذه الحالة كن يتزوجن من أقرب أقاربهن، وكان الأبناء غير الشرعيين يحرمون الإرث. وإذا اختلف هذان الرأيان في ظاهر الأمر فإنه يتضح مما أسلفناه أنهما متفقان في الجوهر. وعلى كل حال يجدر بنا أن نستعرض الحوادث قبل أن ندلي برأي في هذا الموضوع.

    إن القانون الخاص عند الإغريق كان يقسم الإرث بالتساوي بين الأبناء الذكور، ولم يجعل لأحدهم أفضلية على أحد، غير أن العرش لا يمكن تقسيمه بل يجب أن يؤول إلى أحدهم. وقد أكمل قانون إسبرطة هذا النقص، فجع الملكية من نصيب الابن الأكبر الذي ولد إبان تربع أبيه على العرش. ولكن هذا كان يخالف ما جرى به العرف في مقدونيا، ومن البديهي أنه لم يكن في وسع البطالمة تجاهل ذلك. ولاسيما أن جيش البطالمة، وكان يعتز بأنه مقدوني، قد احتفظ بالتقليد المقدوني، وكان يعطيه حق المناداة بالملك الجديد. وإذا تصفحنا تاريخ البطالمة فإننا نلاحظ أولاً أنه، باستثناء حالة بطلميوس كراونوس (الصاعقة)، كان أكبر أبناء الملك هو الذي يخلف أباه على العرش. لكن هل سبب حرمان كراونوس يرجع إلى أنه ولد قبل ارتقاء أبيه العرش أم لأن أباه لم ير أنه صالح لتولي الملك؟ يبين من القرائن أن الاحتمال الثاني هو الأدنى إلى الحقيقة.

    وفي سائر الممالك الأخرى كان أولياء العهد يتزوجون بمجرد بلوغهم سن الرشد، لكن ذلك كان مخالفًا لتقاليد البطالمة، فقد جرت العادة بألا يتزوج أولياء العهد في دولة البطالمة قبل ارتقائهم العرش، أو على الأقل قبل إشراكهم في الملك. ولذلك لم يتزوج بطلميوس الثاني والثالث والرابع قبل إشراكهم في الملك أو ارتقائهم العرش، ولما كان خلفاؤهم قد ارتقوا العرش في حداثتهم، فإنهم بطبيعة الحال لم يتزوجوا قبل أن يصبحوا ملوكًا. ولا يجوز القول بأن بطلميوس الأول لم يحترم هذا التقليد لأنه تزوج بل أنجب خليفته بطلميوس الثاني قبل أن يتخذ لقب ملك، وذلك لأن بطلميوس الوالي كان في الواقع ملكًا غير متوج في مصر ولم ينقصه سوى اللقب، بل لم يوجد ملك آخر سواه على عرش مصر. ولعل هذا المبدأ يفسر لنا لماذا اكتفى ميثريدانيس بأن يخطب ابنتيه للأميرين البطلميين الذين كانا عنده وأرجأ إتمام الزواج إلى أن يرتقي أحدهما العرش.

    وكيف نفسر التزام البطالمة هذا التقليد؟ لعل خير تفسير لذلك هو رغبة البطالمة في الجمع بين التقليد المقدوني الذي يقضي بأن يتولى العرش أكبر الأبناء على الإطلاق، والتقليد الإسبرطي الذي يشترط أن يكون مولد ولي العهد بعد ارتقاء أبيه العرش.

    ونلاحظ ثانيًا أنه لم يكن للمرأة حق وراثة العرش، إلا في الحالات التي تشابه ما نص عليها القانون الخاص الإغريقي. ولا أد على ذلك من أن كثيرات من أميرات البطالمة تزوجن ملوكًا من السلوقيين، ولم نسمع بأن إحداهن نقلت إلى زوجها حق اعتلاء عرش مصر، أو حق امتلاك جزء من ممتلكات مصر حتى عندما كانت الأميرة كبرى بنات الملك البطلمي، مثل كليوباترا ابنة بطلميوس السادس التي تزوجت على التتابع اسكندر بالاس وديمتريوس الثاني وأنطيوخوس السابع. وعندما توفي بطلميوس التاسع سوتر الثاني ولم يكن له وريث شرعي في مصر سوى ابنته برينيكي الثالثة، تقرر وفقًا للقانون الخاص الإغريقي أن تتزوج أقرب أقاربها وهو بطلميوس اسكندر الثاني. ولم تتول الملك كليوباترا السابعة ابنة بطلميوس الثاني عشر، إلا باعتبارها زوجة أولاً لأخيها بطلميوس الثالث عشر ثم لبطلميوس الرابع عشر. وعندما توفي أخواها، أشركت معها ابنها قيصرون الذي أعلنت أنها أنجبته من الإله آمون.

    ونلاحظ أخيرًا أنه لم يكن للأبناء غير الشرعيين حق في وراثة العرش، فقد مر بنا في معرض الكلام عن السياسة الخارجية أن بطلميوس الثامن أوصى بقورينايئة لابنه غير الشرعي بطلميوس ابيون، لكنه لما كانت نقود قورينايئة منذ عام 116 حتى عام 107 تحمل اسم بطلميوس التاسع سوتر الثاني، فإن هذا يدل على أمرين، وأحدهما امتداد سلطان هذا الملك على قورينايئة، والأمر الآخر عدم احترام الوصية طالما لم يتوافر لدى أبيون القوة اللازمة ولا الفرصة المناسبة لتأييد حقه وفقًا لهذه الوصية. ولم يتسن لأبيون أن يقيم نفسه ملكًا على قورينايئة إلا عندما انفجر الصراع في أسرة البطالمة وطرد بطلميوس التاسع من مصر في عام 107. ولكي يضمن أبيون الفوز بتأييد روما، وتبعًا لذلك عدم تصدي ملك مصر الجديد له، اقتفى أثر أبيه في عام 155 وأوصى بمملكته لروما من بعده.

    ويمكننا إذن أن نلخص القواعد الأساسية في قانون وراثة العرش عند البطالمة فيما يلي:

    1- كان يرث العرش أكبر الأبناء الذكور على الإطلاق.
    2- لم يكن للنساء حق وراثة العرش مادام يوجد وريث شرعي ذكر، أما إذا لم يوجد هذا الوريث الشرعي، فإنهن كن يرثن العرش بشرط أن يتزوجن أقرب أقاربهن.
    3- لم يكن للأبناء غير الشرعيين حق ورثة العرش.
    إن أثر القانون الخاص الإغريقي واضح في قانون وراثة العرش عند البطالمة، وكذلك أثر التقاليد المقدونية، ولا نرى في القانون البطلمي ما ينافي العرف الذي جرى عليه الفراعنة.




    3- ارتقاء العرش والإشراك في الملك

    لم يصل إلى علمنا شيء على الإطلاق عن مراسم ارتقاء الملوك العرش في إسبرطة أو مقدونيا أو الممالك الهلينيسية، فإن المؤرخين القدماء الذين أفاضوا في وصف جنائز ملوك إسبرطة لم يدر بخلدهم أن يصفوا لنا مراسم ارتقائهم العرش ومباشرتهم سلطة الحكم. غير أننا قد لا نعدو الحقيقة، إذا افترضنا أن تلك المراسم كانت عبارة عن تقديم الملك القرابين للآلهة القومية، وتعبير الشعب عن ولائه للملك.

    أما فيما يتعلق بالبطالمة فيجب أن نفرق بينهم باعتبارهم فراعنة، وهو ما كانوا يتظاهرون به أمام المصريين، وبينهم باعتبارهم ملوكًا إغريقًا، وهو ما كانوا يظهرون به أمام الإغريق. وقد كان الملك يؤكد سلطانه وقدسيته أمام المصريين بأداء مهامه الكهنوتية، وبرسامته في معبد فتاح بمنف أمام ممثلي المعابد المختلفة. وتحدثنا المصادر القديمة عن حفلات في الإسكندرية تدعى أناكلتريا (Anakleteria) وبروتوكليسيا (Protoklesia)، كان لها من الأهمية بحيث كان يدعى إليها مبعوثون من الدول الأجنبية. وإذا كان لا سبيل إلى الشك في أن الأنا كلتريا كان حفل إعلان بلوغ الملك سن الرشد، فلسنا نعرف على وجه التحقيق ماذا كان حفل البروتوكلسيا. فإن كل ما نعرفه هو أن الكتاب الثاني من تاريخ المكابيين يحدثنا بأن أنطيوخوس الرابع أرسل إلى مصر بمناسبة بروتوكليسيا بطلميوس السادس مبعوثًا يدعى أبولونيوس. يجب أن نستبعد أولاً ما يقترحه بعض المحدثين من أن هذا الحفل كان حفل زواج بطلميوس السادس، إذ أن كلمة بروتوكليسيا لا تمت إلى الزواج بصلة عن قرب أو بعد. ولنر الآن هل كان هذا الحفل هو حفل ارتقائه العرش؟ أم هو حفل إعلان بلوغه سن الرشد؟ أم هو حفل رسامته فرعونًا، الذي لابد من أنه قد أعقب ذلك. جريًا على التقليد الذي وضعه بطلميوس الخامس؟ ولما كانت صبغة حفل رسامة الملك فرعونًا مصرية بحتًا وينتفي معها حصور ممثلين من الدول الإغريقية، فإننا نستبعد أن أبولونيوس قد مثل أنطيوخوس في حفل رسامة بطلميوس السادس فرعونًا. ولما كان بطلميوس السادس قد ارتقى قبل حفل البروتوكلسيا، وكان هناك وجه للشبه بين معنى أناكلتريا وبروتوكليسيا، فلابد من أن هذا الحفل كان حفل بلوغه سن الرشد أي أن البروتوكلسيا والأناكلتريا كانا مترادفين. لكن أحد المؤرخين يرى أنه لم يوجد في عهد البطالمة سوى حفل واحد لإثبات مباشرة الملك سلطته، وهو حفل رسامته فرعونًا. غير أننا لا نستطيع قبول هذا الرأي، لأن هذا الحفل كان مصريًا بحتًا، كما مر بنا، ولأنه كان للبطالمة صفتان كما ذكرنا، إحداهما باعتبارهم فراعنة والأخرى باعتبارهم ملوكًا إغريقًا. وإذا كانت رسامتهم فراعنة تثبت للمصريين توليهم سلطة الملك، فلابد من أنه كان يوجد حفل آخر ليثبتوا أمام الإغريق مباشرتهم السلطة الشرعية. وفضلاً عن ذلك فإن البطالمة الأوائل لم يرسموا فراعنة، فهل لم يحتفلوا إذن بمباشرتهم سلطتهم؟ يدو جليًا مما أوردناه عند الكلام عن البطالمة واتخاذ صفة الفراعنة أن حفل رسامتهم فراعنة كان يأتي دائمًا عقب ارتقائهم العرش، أي بعد الاحتفال في الإسكندرية بتوليهم سلطتهم الملكية أمام الإغريق. ولعل هذا الحفل الإسكندري كان عبارة عن تقدم الملك إلى "جمعية الجيش" لتبايعه بالملك وفقًا للعرف المتبع في مقدونيا. فقد ورد في المصادر القديمة ذكر هذه الجمعية المقدونية التي وجدت في بعض الممالك الهلينيسية وخاصة في مصر. وقد كانت هذه الجمعية في الأصل مصدر السلطات بوصفها الشعب المقدوني منتظمًا في صفوف فرقه الحربية. ولعله حين فقدت هذه الجمعية أهميتها أصبح الملك يتقدم إلى ضباط القصر وجنوده ليبايعوه بالملك.

    ولننتقل الآن إلى دراسة نقطة أخرى، وهي إشراك وارث العرش مع أبيه في الملك. وقد لوحظ أنه في الأسر الناشئة التي لم يوطد مرور الزمن دعائمها، وفي البلاد التي يسمح فيها بتعدد الزوجات، وفي الممالك التي يؤول الملك فيها لأكبر الأبناء الذين يولدون بعد تربع أبيهم على العرش، يكتنف انتقال الملك من فرد إلى آخر بسبب الوفاة منافسات خطيرة. والوسيلة المثلى لاتقاء هذا الخطر، هي أن يجعل الملك خليفته في مركز يسمح له بالتغلب على أي منافس له بإشراكه معه في السلطان، وهكذا يضمن له منذ ذلك الوقت طاعة رعاياه واحترامهم. ولم يجهل الفراعنة هذه الوسيلة، فقد سلف القول أنه في عهد الدولتين الوسطى والحديثة كان ولي العهد يشرك مع أبيه في الملك. وإذا كانت الأمثلة المعروفة من عهد الفراعنة لا تسمح لنا بالجزم بأن كل الفراعنة درجوا على هذه العادة، فإنها تكفي لترينا أن هذه الوسيلة استخدمت في أحيان كثيرة، ولاسيما أنها وجدت ما يبررها فيما فعله الآلهة قديمًا، فإن والد أوزيريس هو الذي توجه وعلمه فنون الملك.

    ولقد كان لإشراك ولي العهد مع أبيه في الحكم ميزة أخرى، إلى جانب ضمان فوز ولي العهد بالملك، فإن مهمة الملك دقيقة، وتتطلب مرانا طويلاً عليها قبل الانفراد بالاضطلاع بأعبائها. ولذلك حرص البطالمة الأوائل على إعطاء أبنائهم ثقافة إغريقية ممتازة تكسبهم إعجاب العالم الإغريقي، كما حرصوا أيضًا على أن يكسبوا ورثتهم المعرفة التي حصلوا عليها من تجاربهم العملية. وكان ذلك لا يحدث بالتعليم النظري، وإنما بالمران العملي على إدارة دفة الملك بإشراك ولي العهد مع أبيه. ولم يقصد بالرسائل الكثيرة التي كتبت عندئذ حول الملكية، إلا تلقين الملوك وأبنائهم فلسفة الملكية والأساس المعنوي الذي كانت تقوم عليه. فإن هذه الرسائل كانت من وضع الفلاسفة، والفلاسفة بطبيعتهم لا يعنون بالحياة العملية، على حين أنه كان يتعين على الملوك وورثتهم أن يكونوا عمليين وألا يعتمدوا على النظريات وحدها. ومما يجدر بالملاحظة أن ضمان الملك للوارث الذي اختاره الملك الحاكم ليخلفه بإشراكه معه في الملك لم يؤد إلى وضع هذا الوارث على قدم المساواة مع أبيه، ولا إلى استعمال نظامين للتأريخ، أحدهما للأب والآخر للابن في أثناء اشتراكهما في الملك.

    وسواء لدينا أكان بطلميوس الأول قد اقتبس هذه الوسيلة من تقاليد مصر القديمة أم أملاها عليه بعد نظره وفطنته، فإنه أشرك معه في الملك ابنه الصغير بطلميوس الثاني. ولكي لا يدع أية فرصة لابنه الأكبر كراونوس، فإنه أعطى كل سلطته لابنه الصغير إلى حد أن المؤرخين اعتبروا ذلك نزولاً عن العرش. وترينا الوثائق أن بطلميوس الثاني أشرك "ابنه" معه في الملك منذ العام التاسع عشر من حكمه (عام 267/266)، لكن اسم هذا الشريك قد اختفى من الوثائق بعد العام السابع والعشرين من حكم بطلميوس الثاني (259-258). وقد سبق أن ناشنا هذا الموضوع ورجحنا أن هذا "الابن" الذي أشركه بطلميوس الثاني معه في خلال تلك المدة كان ابن أرسينوي الثانية من ليسيماخوس. وقد سبق أن ذكرنا كذلك أن بطلميوس الثاني أشرك معه في أواخر حياته ابنه من أرسينوي الأولى، منذ نوفمبر سنة 247 حتى يناير سنة 246.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:37 pm

    ولا نستطيع الجزم بأن بطلميوس الثالث أشرك معه في الملك خليفته بطلميوس الرابع، إلا أنه من المحتمل أن يكون قد اتخذ هذه الحيطة. ولما كانت لدينا من عهد بطلميوس الرابع وثيقة ديموتيقية مؤرخة بالعام الخامس عشر (208) من عهد الملك و"ابنه بطلميوس"، فإن هذا يدل على أن بطلميوس الرابع أيضًا لجأ إلى إشراك ابنه الصغير معه ليضمن له الملك على هذا النحو.

    وقد أشرك بطلميوس السادس فيلومتور معه في الملك أولاً ابنه يوباتور منذ عام 153/152 إلى أن توفي في عام 150، وبعد ذلك ابنه نيوس فيلوباتور. كما أن بطلميوس الثاني عشر بعد أن استرد عرشه في عام 55 أشرك معه ابنيه اللذين خلفاه على العرش، كليوباترا السابعة وبطلميوس الثالث عشر. وكذلك أشركت كليوباترا السابعة معها في الملك ابنها قيصرون.

    ويتسم عهد بطلميوس السادس فيلومتور بأربع ظواهر: الأولى، تولى أم الملك الوصاية عليه والاعتراف بها شركة له. والثانية، إدماج اسم زوجة الملك مشفوعًا بلقب ملكة في ديباجة الوثائق الرسمية. والثالث، اشتراك أكثر من ملك واحد في الحكم على قدم المساواة. والرابعة، تقسيم الدولة قسمين مستقلين أحدهما عن الآخر. وإذا كانت هذه الظواهر جميعًا وليدة مقتضيات الظروف وخارجة عن نطاق العرف والقانون، وكانت الظواهر الأولى والثالثة والرابعة قد زالت بزوال تلك الظروف، فإن الظاهرة الثانية لم تزل بل أصبحت تقليدًا ثابتًا منذ ذلك الوقت.

    إن وصاية كليوباترا الأولى على ابنها الصغير بطلميوس السادس فيلومتور كانت أمرًا من اليسير تبريره في نظر الإغريق والمصريين على السواء لعدم وجود وصي ذكر من الأسرة وبما أنها هي التي كانت تمارس السلطة فعلاً فإنه لم يكن هناك مفر من الاعتراف بها شريكة للملك. ولا أدل على أن ذلك كان ظرفًا خاصًا اقتضته ظروف لم تدبرها كليوباترا الأولى من أن هذه الملكة لم تلق عناء في الاعتراف بوضعها، على حين أن كليوباترا الثانية لم تستطع أن تحكم بمفردها، بعد طرد بطلميوس الثامن وكليوباترا الثالثة إلا بالاعتماد على القوة، وقد أخفقت في هذه المحاولة الثورية. وقد كانت محاولة كليوباترا الثالثة الاحتفاظ بسلطانها وإخضاع ابنيها لسلطانها مخالفة للقانون. أما ما حدث في عهد بطلميوس الثاني عشر أوليتس وبعده، فقد وقع في فترة فوضى لم يسد فيها أي قانون سوى رغبة روما. وقد كانت كليوباترا السابعة هي الملكة الوحيدة التي مارست السلطة باسمها، وإن لم تحكم بمفردها، وغني عن البيان المصدر الذي كانت تستمد منه سلطانها.

    ولا يوجد في كل هذه الحالات دليل على وجود قانون لوراثة العرش يسوي بين المرأة والرجل، ولا على إشراك المرأة في الملك إشراكًا شرعيًا يمنحها كل حقوق زوجها، أو يجعلها في مركز يسمح لها بمنافسة ابنها. لكن أحد المؤرخين يرى أنه وجد قانون جديد منذ عهد كليوباترا الثانية، إذ يرى هذا المؤرخ أن لقب ملكة، وذكر الملكات في قائمة البطالمة المؤلهين، وتصويرهن على النقود مع شارات الملك، تنهض دليلاً على إشراكهن في الملك فعلاً. أما دليل هذا الإشراك في رأيه، فهو إدماج الاسم مشفوعًا بلقب ملكة في ديباجة الوثائق الرسمية، ووضع سني حكم خاصة بهن على النقود. وقد وجد كل ذلك في حالة كليوباترا الثانية، على نحو ما رأينا آنفًا عند الكلام على تأليه البطالمة في نظر الإغريق. لكنه يمكن الرد على ذلك بأن إدماج اسم الملكات في الديباجة الرسمية لا يدل إلا على ازدياد نفوذهن، وبأن كليوباترا الثانية لم تستعمل سني حكم خاصة بها إلا عندما اغتصبت الملك في أثناء الحرب الأهلية مع أخيها وزوجها بطلميوس الثامن. ولم يؤد هذا الاغتصاب إلى إشراكها في الملك، بل إلى إحلالها مكان بطلميوس الثامن، وقد انتهى ذلك بعودة بطلميوس الثامن إلى العرش.

    وإزاء حداثة سن بطلميوس السادس لم ينطو اشتراك كليوباترا الأولى معه في الملك على اقتسام السلطة فعلاً بينهما، فإنه وإن كانت الوثائق تؤرخ باسميهما إلا أن كليوباترا بوصفها الوصية على الملك، هي التي كانت تمارس السلطة الفعلية. أما أول مثل فعلى لإشراك أكثر من ملك واحد على قدم المساواة فإنه يرجع إلى عام 170 قبل الميلاد، عندما تقرر إشراك بطلميوس الصغير مع أخيه الأكبر بطلميوس السادس فيلومتر وأختهما كليوباترا الثانية، وبذلك أصبح يحكم مصر الثلاثة الملوك فيلومتورس، أي ملكان وملكة ويختلف هذا الاشتراك في الحكم عن إشراك ولي العهد مع أبيه كما كان يحدث في الماضي بشيئين: أحدهما المساواة في السلطان شكلاً بين الملوك الثلاثة وفعلاً بين الملكين، والآخر استخدام نظام جديد للتأريخ في خلال فترة الاشتراك. أما بعد انتهاء هذه الفترة فإن كلاً من بطلميوس السادس وأخيه بطلميوس الصغير كان يعتبر بداية لحكمه منذ ارتقاء كل منهما العرش.

    لكن نظام الإشراك في الملك على قدم المساواة لم يكن وطيد الدعائم، وسرعان ما خلفه نظام تقسيم الملكة بإيعاز من روما، فأصبح بطلميوس الأكبر يحكم مصر وقبرص، وبطلميوس الصغير يحكم قورينايئة. وفي عهد بطلميوس الثامن أصبح يحكم مصر ثانية ثالوث ملكي، لكن هذا الثالوث كان يتألف هذه المرة من ملك وملكتين، وهم بطلميوس الثامن يورجتيس الثاني وكليوباترا الثانية وكليوباترا الثالثة، ولكن لا شك في أنه لم توجد إذ ذاك مساواة حقيقية بين هؤلاء الملوك. وفي عهد بطلميوس التاسع والعاشر لم يوجد إشراك في الملك، بل منافسات أدت إلى تقسيم المملكة من جديد، وكانت قبرص نصيب المنافس لملك مصر. ومن الخطأ تفسير هذه الظاهرة بأنها كانت تطبيقًا للقانون الإغريقي، الذي يقسم الإرث بالتساوي بين الورثة، إذ أن ما حدث كان وليد منازعات وظروف غير طبيعية. ومن الخطأ كذلك أن يفسر إشراك الملكات في الحكم بأنه كان تطبيقًا للقانون المصري الذي يجعل المرأة مساوية للرجل في الحقوق، لأنه لم توجد مساواة حقيقية بين الرجال والنساء في وراثة العرش في دولة البطالمة.

    ويمكننا أن نجمل ما أوردناه آنفًا في أن قانون الوراثة الطبيعي عند البطالمة كان يقضي. بأن يرتقي العرش أكبر الأبناء الذكور على الإطلاق. أما الاشتراك في الحكم أو تقسيم الملك، فإنه كان ينافي قانون وراثة العرش الذي لم يحترم في بعض الأحيان، وكان أول من خالفه بطلميوس الأول عندما حرم ابنه بطلميوس كراونوس وراثة العرش.




    4- سلطة الملـك

    كان الملك صاحب مصر وسيد رعيته المطلق الذي تتركز في يديه كل السلطات، فقد كان في الوقت نفسه الرئيس الديني، بل إله جميع رعيته، وكبير القضاة، والقائد الأعلى للجيش والأسطول ورأس الأداة الحكومية. وبما أنه كان إلهًا فإن سلطته كانت لا تحد، وكانت لأوامره سلطة القانون، بل كان السلطة الوحيدة التي تستطيع إصدار قوانين يخضع لها جميع سكان البلاد. وكان مصدر تلك الدساتير (Politeiai) وقوانين المواطنين (Politikoi Ilnomoi)، التي أباحت لذلك العدد القليل من المدن الإغريقية في مصر وللجاليات الأجنبية التي تكونت خارج تلك المدن أن تنعم بقسط من الاستقلال الذاتي. وكان أيضًا القاضي الأعلى الذي يفزع إليه رعاياه كلما حاق بهم ظلم. وفي بعض الأحيان كان يفصل شخصيًا في أمور تافهة، مثل تجنيد شاب مقدوني في حامية بلد غير البلد الذي سجل فيه، أو دفع ما تأخر من مرتبات صغار الكهنة. وكثيرًا ما كان يسمح لرعاياه بمقابلته لإنهاء أعمالهم سواء في الإسكندرية أم في خلال رحلاته العديدة في أنحاء البلاد. ولذلك كان يوجد على مقربة من الملك سكرتارية خاصة تضم عددًا كبيرًا من الموظفين، لتسجيل أوامره وقراراته والقيام بشئون مراسلاته السياسية والإدارية. ويمكننا أن نستنتج كثرة عدد موظفي سكرتارية الملك من عدد السكرتيرين الذين كانوا يصحبون أبولونيوس – وزير مالية بطلميوس الثاني – في رحلاته، لأن حاشية وزير المالية كانت صورة مصغرة لحاشية الملك. وتحدثنا وثائق زينون، وكيل أشغال أبولونيوس، بأن رجال السكرتارية كانوا يعمون آناء الليل وأطراف النهار. وقد كان المسئول عن كل مراسلات الملك سكرتير خاص يدعى إبيستولوجرافوس (Epistolographos). أما الأوامر وفيما يظن أيضًا التوقيعات على الشكاوى المرفوعة إلى الملك فكانت من اختصاص سكرتير آخر يدعى هيبومنيماتوجرافوس (Hypomnematographos). أما لتنفيذ سلطة الملك والاضطلاع بما تتطلبه إدارة البلاد، فكانت توجد أداة منظمة تنظيمًا دقيقًا سنعود إلى الكلام عنها فيما بعد.

    ويجدر بنا الآن أن نأتي على تعريف تلك المصطلحات (epistole, programma, diorthoma, diagramma, nomos, prostagma, entole) التي كانت شائعة في لغة الإدارة البطلمية لوصف ما يصدر عن سكرتارية الملك من رسائل.

    أما الاصطلاح الأول (epistole) فأمره يسير إذ أنه كان يعبر عن أية رسالة إدارية توجه إلى أي موظف، على حين أن الاصطلاح الثاني (entole) كان يعبر عن أي منشور إداري يوجه إلى عدد من الموظفين.

    أما الاصطلاح الثالث (prostagma) فكان يطلق على كل أمر يصدره صاحب سلطة، كأمر من الملك إلى مساعديه ورعاياه، أو أمر من موظف إلى مرءوسيه، أو أمر من أحد الآلهة إلى أحد أتباعه. وكانت الأوامر الملكية تستخدم أيضًا لإشهار الأحكام التي يصدرها الملك بوصفه القاضي الأعلى ولا يمكن الاستئناف منها. لكن الأوامر الملكية كانت قبل كل شيء أداة من أدوات سلطة البطالمة التشريعية، وبواسطة هذه الأداة كان البطالمة يشرعون لمصر وولاياتها وللمصريين والإغريق في كل ناحية من نواحي القانون العام والقانون الخاص.

    وكانت الأوامر الملكية نوعين: أحدهما عبارة عن أمر يتضمنه خطاب، والآخر أمر يذاع في الناس ويستهل بعبارة تفيد صدوره عن الملك. ويتبين من الوثائق أن الأوامر الملكية التي من النوع الأول قد تتناول أمورًا عامة أو خاصة، على حين أن الأوامر الملكية التي من النوع الثاني لا تتناول إلا مسائل عامة فقط.

    ويرى بيكرمان أنه يصعب التمييز من حيث الشكل بين ماهية الوثائق التي يطلق على بعضها nomoi (ومفردها nomos) وعى بعضها الآخر diagrammata (ومفردها diagramma) وذلك لأن كلا من النوعين كان يتألف من عدد من البنود تتعلق بموضوع واحد، وكلاً منهما كان ينشر في مقر الملك الذي يصدره ويبلغ للموظفين المختصين.

    ويرى ولز أنه يوجد وجه شبه بين طبيعة هذين النوعين، وأن اصطلاح دياجراما قد أدخل في لغة الإدارة الهلينيسية للتفرقة بين القوانين الجديدة التي وضعها الاسكندر وخلفاؤه وبين قوانين المدن الإغريقية.

    وترى الآنسة لانجيه أن عدد هذين النوعين من الوثائق محدود بحيث يصعب معه تعريف فحوى كل نوع، ومع ذلك فإنها تستخلص من دراسة هذه الوثائق أن كلمة nomos كانت تطلق عند البطالمة على نوع بعينه من القوانين هو قوانين الدخل. ولكنه فات هذه الباحثة أن قوانين المواطنين (poltikoi nomoi) كانت تنظم كل نواحي حياة مواطني المدن الإغريقية وأعضاء الجاليات القومية، ويدل اسمها ذاته على أن نطاقها لم يقتصر على الناحية المالية.

    وترى هذه الباحثة أن الدياجراماتا كانت تشريعات لا تقتصر على الشئون المالية بل تمتد إلى نواح أخرى، وأن هذه التشريعات كانت على ما يلوح تتخذ في كل حالة شكل مجموعة نظم خاصة بموضوع معين. وتشارك هذه الباحثة رأي ولز في أن الدياجراماتا بوصفها "قوانين عامة" كانت تحل بالتدريج محل القوانين القائمة التي كان نطاقها محدودًا. ويرى بيكرمان أن أكثر الدياجراماتا في مصر البطلمية كانت عبارة عن الخطط السنوية للاقتصاد الموجه، وأن بعض الدياجراماتا ذات طابع قانوني، وتستكمل بعض نواحي الإجراءات القضائية والقانون الخاص. ويبدو لنا أننا قد لا نعدو الحقيقة إذا اعتبرنا الدياجراماتا لوائح لتنفيذ القوانين القائمة والتنسيق بينها واستكمال ما فيها من ثغرات.

    والرأي السائد هو أن الديورثوماتا (diorthomata) كانت قرارات لتنقيح وتعديل القوانين واللوائح القائمة. والأمثلة التي وصلت إلينا خاصة بالشئون المالية، فقد كانت قوانينها كثيرة التعديل لتطابق احتياجات الملك المالية وظروف الحياة الاقتصادية. ويبدو أن هذه القرارات كانت غير معروفة خارج نطاق الشئون المالية.

    وكان لاصطلاح بروجراما (Programma) معنيان، وأحدهما هو الدعوة للمثول أمام القضاء، والآخر هو إعلان يتضمن أمرًا إداريًا. ومثل ذلك أنه عندما قدم بتيسيس (Peteesis) كبير المحنطين في مديرية منف التماسًا إلى الملك بطلميوس اسكندر الأول يطلب عدم الاعتداء على بيته، بعث الملك إلى كل موظفي الإدارة في مديرية منف منشورًا (entole) لتنفيذ هذا الالتماس وكلف المشرف على معبد أنوبيس بإعداد وتعليق إعلان (Programma) بالإغريقية والديموتيقية على بيت صاحب الالتماس يحظر فيه الاعتداء على ذلك البيت بناء على أمر الملك.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:38 pm

    5- حاشية الملـك

    قد احتفظ البطالمة وكذلك ملوك الدول الهلينيسية الأخرى بتقليد كان معروفًا في مقدونيا وفي مصر القديمة وفي بلاد الفرس، وهو تربية عدد من أبناء كبار الموظفين والأسر العريقة مع أبناء الأسرة الملكية. ويظن أنهم كانوا بمثابة رهائن لضمان ولاء أسرهم للعرش، على أنه كان يختار منهم كبار الموظفين. ولكن يجب ألا يفهم من ذلك أن كبرى المناصب المدنية والعسكرية كانت وقفًا عليهم، فقد أفسح الملوك الفرصة أمام أصحاب المواهب مهما كانت نشأتهم. وكان يطلق على هؤلاء الأولاد الذين يربون مع أبناء الأسرة المالكة اسم فتيان القصر (Paides Basilikoi)، وعندما يرتقي العرش الأمير الذي ربوا معه، كان يطلق عليهم أقران الملك (Syntrophoi Basileos). ويبدو أنه كان لبعض هؤلاء الأولاد صبغة عسكرية ويطلق عليهم اسم ملاكس (Mellakes). ومن المحتمل أن عددًا من البنات كان يربى كذلك مع أميرات الأسرة المالكة.

    وقد كان أغلب مساعدي الملك الرئيسيين في إدارة مملكته من بطانته، الذين كونوا على مضي الزمن بلاطًا ينقسم طبقات تميز كل منها بألقاب فخرية. فقد كانت توجد طبقة أقرباء الملك (Syngeneis) ونظرائهم (Homotimoi)، وطبقة الأصدقاء الأول (Protoi Philoi) ونظرائهم (Isotimoi)، وطبقة كبار رجال الحرس الخاص (Archisomatophylakes)، وطبقة الأصدقاء (Philoi)، وطبقة الخلفاء (Diadochoi). وكانت حاشية الملك تضم إلى جانب ذلك عددًا كبيرًا من موظفي القصر بأدق معاني الكلمة، مثل الأمين (Eisangeleus) وكبير الصيادين (Archikynegos) والياور (Epi tais heniais) وكبير المشرفين على طعام الملك (Archedeatros) وكبير الساقين (Archioinochoos) وكبير الأطباء (Achiatros) والأطباء العاديين (Iatroi) ومعلم الملك (Topheus) ومربيه (Tithenos) وخدم مخدعه (Kateunastai) وعدد كبير من الخدم والحشم (Archiyperetai, Heperetai).
    وقد كانت الألقاب الفخرية معروفة في بلاط مصر القديمة وبلاد الفرس ومقدونيا والممالك الهلينيسية. ففي مصر القديمة كان يوجد على عهد الفراعنة الوطنيين عدة ألقاب فخرية لعل أهم ما يعنينا منها هنا لقب "قريب الملك" (nsut-rekh) ولقب "الصديق الأوحد" (smer-wa). وكان لقب "قريب الملك" موجودًا كذلك في البلاط الفارسي، ويبدو أنه كان مقصورًا في الأصل على أفراد السبع الأسر التي كانت تعتبر أعرق الأسر الأرستقراطية هناك. لكن إذا صح ما يرويه ديودوروس من أن جيش دارا الثالث في موقعة جاو جميلا كان يضم ألف فارس ممتاز من "أقرباء الملك" فإن معنى ذلك أن هذا اللقب يمنح كذلك لفريق ممتاز من الفرسان. ويحدثنا جزنفون بأن لقب النظراء (homotimoi) ترجمة إغريقية للقب فارسي كانت تحمله فئة ممتازة من المشاة كاملي العدة في الجيش الفارسي.

    وفي الدول الإغريقية، سواء في العصر الكلاسيكي أم الهلينيسي، كان كثيرًا ما يوصف المقربون إلى الملك أو الطاغية بأنهم أصدقاؤه. وفي مقدونيا، نعرف أنه على الأقل منذ عهد أرخلاوس (413-399) كان بعض النبلاء يختارون لصحبة الملك ويدعون "رفاق الملك" (hetairoi). ويروي ديودوروس أنه في أثناء الاحتفال بزواج كليوباترا ابنة فيليب الثاني (عام 336) تقدم الملك في دخول المسرح بمدينة إيجي (Aegae) جماعة "من أصدقائه"، وأنه قبل أن يبدأ الاسكندر غزو آسيا عقد مجلسًا من كبار ضباطه وأبرز "أصدقائه" وكان من بينهم بارمنيو وانتيباتروس، وأنه عندما شفي الاسكندر على يدي فيليب الأكرناني رفعه إلى مصاب "أقرب الأصدقاء إليه"، مما يوحي بأنه كانت توجد طبقات فخرية متباينة في البلاط المقدوني. ويستوقف النظر أن أريانوس يطلق وصفي "أصدقاء" (Philoi) و"رفاق" (Hetairei) على ذات الأشخاص في الفقرة نفسها. وإذا كان يبين أن أصفياء الملك كانوا يوصفون تارة بأنهم أصدقاؤه وتارة بأنهم رفاقه، فإنه من المحتمل أنه منذ عهد خلفاء الاسكندر أصبحت كلمة "أصدقاء" تستخدم بدلاً من كلمة "رفاق" في وصف أصفياء الملك.

    وعندما تربع الاسكندر على عرش بلاد الفرس واعتنق التقاليد الشرقية، خلع على رجال البلاط من الوطنيين الألقاب الفخرية التي اعتادوا عليها وخاصة لقب "أقرباء الملك". وعندما ضاق المقدونيون ذرعًا باستشراق سيدهم وثاروا عليه في أوبيس (Opis) في عام 324 عبر له كالينس (callines) عن شعورهم بقوله: "إنه لما يؤلم المقدونيين يا مولاي أنكم اتخذتم لكم أقرباء من الفرس فأصبحوا يدعون أنفسهم أقرباء الاسكندر، وسمحتم لهم بتقبيلكم، على حين أنه لم يحظ بهذا الشرف أحد من المقدونيين". فأجابه الاسكندر: "لكنني أعتبركم جميعًا أقربائي وسأدعوكم على هذا النحو منذ الآن". وعندئذ تقدم منه كالينس وقبله وتبعه في ذلك كل من أراد، فقد كان حق تقبيل الملك مقصورًا على "الأقرباء". ويبدو أن الاسكندر أغدق أول الأمر لقب "أقرباء الملك" على الفرس من رفاقه الفرسان ثم توسع بعد ذلك فخلعه على كل المقدونيين من هؤلاء الرفاق. ومن ناحية أخرى قصر الاسكندر لقب "الحرس الخاص" على كبار ضباطه من المقدونيين، وتقرر منذ ذلك الوقت ألا يزيد عدد من يحملون هذا اللقب الفخري على سبعة أشخاص، إلا أن هذا اللقب لم يفصل بعد عن المنصب الذي كان ينم عليه، بمعنى أنه كان لا يمنح عندئذ لأشخاص يتولون مناصب تبعدهم عن شخص الملك. ونستخلص مما مر بنا أنه بعد القضاء على الإمبراطورية الفارسية أصبح لدى البلاط المقدوني على الأقل ثلاثة ألقاب فخرية وهي: "الأقرباء" و"الحرس الخاص" و"الرفاق".

    ويتردد ذكر "أصدقاء" الملك أنطيوخوس الأول في نقش من حوالي عام 287ق.م. وجاء ذكر "الأصدقاء" كذلك في القرار الذي أصدره سلوقس الثاني عقب ارتقائه العرش (264ق.م). وقبل اندلاع لهيب الحرب بين روما وأنطيوخوس الثالث كان يمثل الملك في المفاوضات مع السفراء الرومان شخص يدعى مينيو (Minio) وصفه ليفيوس بأنه "كبير الأصدقاء". ويتضح المقصود بهذه العبارة من الخطوة التالية التي اتخذها الملك وهي دعوة مجلسه للانعقاد، فقد كان أحد أعضاء هذا المجلس اسكندر الأكارناني الذي يصفه ليفيوس بأنه كان فيما مضى "صديق" فيليب الخامس ثم هجره إلى الملك السلوقي. ولما كان اسكندر ملمًا بشئون بلاد الإغريق والرومان، فإنه رفع إلى تلك المرتبة من أصدقاء الملك التي تبيح ه المشاركة في مجالسه الخاصة. ويستخلص من ذلك أن مرتبة "الأصدقاء الأول" كانت تعني عندئذ مستشاري الملك السلوقي وأن منيو كان أحدهم. ويستدل من المصادر اليهودية على وجود الألقاب "أقرباء الملك"، و"الأصدقاء الأول" و"الأصدقاء" في البلاط السلوقي.

    ولنر الآن ما كان من أمر البطالمة. إن بلوتارك يحدثنا بأن بطلميوس الأول كان يزور "أصدقاءه" ويتناول الطعام وينام في بيوتهم، وبأنه كان يقترض منهم أدوات الطعام عندما يدعوهم لديه، لأنه كان لا يملك أكثر مما يلزم له، إذ كان يرى أنه أحرى بالملك أن يعمل على إثراء الآخرين عن أن يثري هو نفسه. ويدعو ديودوروس القائدين كيلس (Killes) ونيكانور "صديقي" بطلميوس الأو. ويطلق استرابون على المهندس المعماري سوستراتوس لقب "صديق الملكين" أي صديق بطلميوس الأول والثاني. ويظن بعض المؤرخين أن "الصديق" أنتيجونوس الذي أحضر إلى فيلادلفوس جنودًا مرتزقة من الغال و"الصديق" أنطيوخوس الذي عهد إليه بطلميوس الثالث بكيليكيا لم يكونا أنتيجونوس جوناتاس وأنطيوخوس هيراكس بل رجلين من بلاط الإسكندرية.

    وتحدثنا إحدى برديات زينون بأن زويلوس اتصل "بأصدقاء" الملك قبل أن يكتب في 257ق.م إلى أبولونيوس وزير مالية بطلميوس الثاني طالبًا التصريح له ببناء معبد لسيرابيس في مدينة لم يحددها. ويحتمل أن بردية أخرى من عام 256/255 تمدنا بدليل على وجود طبقة "الأصدقاء الأول". ونجد في نقش من عهد بطلميوس الثاني أن بلوبس بن اسكندر حاكم ساموس قد وصف بأنه "صديق الملك بطلميوس".

    وإذا صح أن النقش الذي ذكر فيه ليونيداس بن فيلوتاس يرجع إلى عام 255ق.م. فإنه يمدنا بمثل طريف لأب وابنه كانا في عداد "الأصدقاء الأول" في عهد بطلميوس الثاني. وفي المراسلات التي تبودلت بين بطلميوس الثاني والعازار كبير كهنة أورشليم وصف مبعوثو الملك إلى العازار بأنهم "أجل الأصدقاء" ووصف أحدهم، وكان يدعى اندرياس، بأنه "كبير رجال الحرس الخاص" (archisomatophylax).
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:39 pm

    وتحدثنا أربع برديات من عهد بطلميوس الثالث إحداها من عام 230/229 والثانية من عام 227/226 والثالثة والرابعة من عام 225 بأن خريسيبوس (Chrysippos) وزير مالية بطلميوس الثالث كان يحمل لقب "كبير رجال الحرس الخاص".

    وقد كان أبولونيوس بن ثيون وزير مالية بطلميوس الخامس ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء" على حين أن بوليكراتس حاكم قبرص في عهد هذا الملك كان ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء الأول".

    ومن الثابت أن هيبالوس الذي يرجح ترجيحًا قويًا أنه أقيم حاكمًا عسكريًا عامًا على كل أقاليم مصر عدا الإسكندرية منذ إبريل عام 185 حتى ديسمبر عام 169، كان ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء الأول". وكان ينتمي إلى هذه الطبقة أيضًا كومانوس (حاكم مديرية أرسينوي ثم أحد مستشاري بطلميوس الصغير عندما أقامه الاسكندريون مكان أخيه في عام 170 عقب غزوة أنطيوخوس الرابع ووقوع بطلميوس السادس في قبضته) وكراتروس (حاكم منف في عام 176/175 أو 165/164) وديونيسوس (حاكم ليونتوبوليس بين 169 و164). وترينا هذه الأمثلة أنه في أوقات متقاربة كان ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء الأول" أشخاص تتفاوت أهمية مناصبهم تفاوتًا كبيرًا.

    وقبل الاستطراد في الكلام عن الطبقات الفخرية البطلمية يجدر بنا أن نشير هنا إلى ما سنلاحظه عند الكلام عن نظام الإدارة المحلية من أنه كان يوجد في منطقة طيبة ثلاث فئات من الحكام وهي: أولاً، الحاكم العام وكان نفوذه يمتد على المنطقة بأجمعها. وثانياً، فئة الحكام الذين كان نفوذ كل منهم يمتد على عدد من المديريات. وثالثاً، فئة الحكام الذين كانت منطقة نفوذ كل واحد منهم مديرية واحدة فقط.

    ومما يجدر بالملاحظة أنه طوال النصف الأول من القرن الثاني كان كل من نعرفهم من الفئة الأولى من حكام منطقة طيبة مثل نومنس (171/169) وهيرونيموس (169/163) وبويثوس (163/145) كانوا ينتمون إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص"، شأنهم في ذلك شأن أكثر من نعرفهم من حكام المديريات خارج منطقة طيبة مثل بطلميوس (حاكم أرسينوي حوالي 175/170) وسوتيون (حاكم بوباسطس 163/145) وأريوس (حاكم فاربايثوس 163/145) وبطلميوس (حاكم هيراكليوبوليس 156/155)، على حين كان كومانوس (حاكم أرسينوي) وكراتروس (حاكم منف) وديونيسيوس (حاكم ليونتوبوليس) ينتمون، كما مر بنا، إلى طبقة "الأصدقاء الأول". وإذا كنا نعرف أن خلفاء كراتروس حتى عام 158 مثل ديودوتوس وديونيسيوس وبوسيدونيوس ينتمون إلى طبقة "الأصدقاء"، فإننا مع الأسف لا نعرف شيئًا عن خلفاء ديونيسيوس حاكم ليونتوبوليس. ولا جدال في أن منطق طيبة بأسرها باعتبارها وحدة إدارية كانت أكثر أهمية من أية مديرية واحدة، ومع ذلك فقد رأينا كيف أن حاكم عام منطقة طيبة كان يحمل لقبًا مساويًا للقب حكام المديريات في أكثر الحالات وأقل مرتبة من لقب أولئك الحكام في حالتين. وقد كان حكام طيبة من الفئتين الثانية والثالثة مثل دايماخوس ولوكيسكوس وبطليموس ينتمون إلى طبقة الخلفاء مثل ما كان كودياس حاكم هيراكليوبوليس، بينما كان إنياس (Aineas) حاكم أفرودبتوبوليس (154/153) – وهي إحدى مديريات منطقة طيبة – ينتمي إلى طبقة "رجال الحرس الخاص".

    وفي النصف الثاني من القرن الثاني ارتفعت ألقاب الحكام جميعًا. ذلك أنه في عام 148 أصبح بويثوس ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء الأول"، وفي عام 136/135 إلى طبقة "الأقرباء". ومنذ ذلك الوقت أصبح كل من يتولى منصب حاكم عام منطقة طيبة ينتمي إلى طبقة "الأقرباء"، مثل باوس (عام 130) ولوخوس (127/126) وهرموكراتس (115) وفوموس (111/110) وأبولودوروس (بعد عام 105) وكاليماخوس (76/75). وفي المديريات الواقعة خارج منطقة طيبة، نعرف أن حكام أرسينوي أصبحوا في الربع الثالث من القرن الثاني ينتمون إلى طبقة "الأصدقاء الأول" مثل فانياس، وأبولونيوس، وفيلينوس، بينما كان بوليمارخوس حاكم هيراكليوبوليس ينتمي إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص" وأبولودوروس حاكم هرموبوليس إلى طبقة "نظراء الأصدقاء الأول". وفي الربع الأخير من هذا القرن كان حكام أرسينوي مثل بارثينيوس وليسانياس وأبولونيوس وايرينايوس وبطلميوس وكذلك اسكلبيادس حاكم هرموبوليس ينتمون إلى طبقة "الأقرباء".

    وفي القرن الأول كان جميع حكام المديريات سواء في منطقة طيبة أم خارجها ينتمون إلى طبقة "الأقرباء" مثل كاليماخوس حاكم عام منطقة طيبة وابيماخوس وابولونيدس وبسايس ومنكرع ونيكوماخوس وهم من الفئة الثانية من حكام منطقة طيبة، ومثل زينون وبانيسكوس وبلاياس وهم من الفئة الثالثة من حكام منطقة طيبة، ومثل أبولونيوس وديوسكوريدس حاكمي أرسينوي، ومثل ديونيسيوس وبانيسكوس وسلوقس وسوتلس ويورولوخوس وهليودوروس حكام هيراكليوبوليس.

    ولا جدال في أن منصب وزير المالية كان أرفع مقامًا وأخطر شأناً من أي منصب آخر في الحكومة البطلمية. وقد عرفنا أنه في النصف الأخير من القرن الثالث كان خريسيبوس ينتمي إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص" وأبولونيوس بن ثيون إلى طبقة "الأصدقاء" فقط. وفي القرن الثاني حين كان حاكم عام منطقة طيبة وأكثر حكام المديريات ينتمون إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص" بل حين كان اثنان من حكام المديريات ينتميان إلى طبقة "الأصدقاء الأول" كان وزيرًا المالية اسلكبيادس (163) وديوسكوريدس (156) ينتميان إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص" بل إن ديوسكوريدس كان لا يحمل في عام 158 سوى لقب "صديق"، لكن الوزير سارابيون كان ينتمي حوالي عام 150 إلى طبقة "الأقرباء". وحين كان بويثوس حاكم عام طيبة ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء الأول" كان الوزير ديونيسيوس (حوالي عام 148) ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء"، وحين كان باوسن حاكم عام منطقة طيبة ينتمي إلى طبقة "الأقرباء" كان الوزير أبولونيوس ينتمي إلى طبقة "الأصدقاء الأول". لكنه منذ أصبح ايرينايوس (114/112) وزيرًا للمالية كان كل وزراء المالية الذين نعرفهم سواء في القرن الثاني مثل بطلميوس (108) أم في القرن الأول مثل أثينايوس (64/63) وكاستور (75 أو 89) ونومنيوس (57/56) وثيون (القرن الأول) ينتمون إلى طبقة "الأقرباء" شأنهم في ذلك شأن حكام جميع المديريات.

    وقد كان حكام ممتلكات مصر الخارجية يحملون مختلف الألقاب، فقد كان لادموس (164/163-150/149) وأريستيبوس (163) [ثيرا] ينتميان إلى طبقة "الخلفاء"، وكان بلوبس (عهد بطلميوس الخامس) [ساموس] وتيمايوس (عهد بطلميوس السادس) [مثانا] يحملان لقب "صديق"، وكان اجياس (عهد بطلميوس الخامس) [كريت] ينتمي إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص"، وكان بوليكراتس (عهد بطلميوس الخامس) [قبرص] وفيلوتاس قائد حامية إتانوس (حوالي بداية القرن الثاني) ينتميان إلى طبقة "الأصدقاء الأول"، على حين أن خلفاء بوليكراتس في حكم قبرص، مثل ارخياس وهلنوس وسلوقس بن بيثوس وثيودوروس بن سلوقس، وهم الذين تولوا حكم تلك الجزيرة في عهد بطلميوس السادس وكليوباترا الثانية وعهد بطلميوس الثامن، وكذلك أونساندروس الذي شغل المنصب نفسه في عهد بطلميوس التاسع سوتر الثاني كانوا جميعًا ينتمون إلى طبقة "الأقرباء".

    وما الذي نستطيع استخلاصه من كل ذلك؟

    ينهض كل ذلك دليلاً على أن أدلة القرن الثالث ق.م. طفيفة إذا ما قورنت بأدلة القرنين الثاني والأول، وفضلاً عن ذلك فإنها لا تمدنا بكل مراتب الألقاب التي نجدها في القرنين الأخيرين. ومع ذلك فإن تلك الأدلة على ندرتها ترينا أن لقبين على الأقل – إن لم يكن ثلاثة – كانا يستعملان قبل عصر بطلميوس الخامس. وإزاء ذلك لا يمكن قبول الرأي القائل بأن بطلميوس الخامس هو الذي أنشأ الألقاب الفخرية في دولة البطالمة، ولاسيما أنه لا يمكن أن نتصور أن البطالمة الأوائل عاشوا وحيدين لا تحيط بهم نخبة من الأصفياء، وبخاصة أنه كان للاسكندر وكل الخلفاء مثل هؤلاء الأصدقاء.

    ولكن كيف يمكن تفسير ندرة الأدلة المستمدة من النقوش والوثائق البردية عن الألقاب الفخرية في عهد البطالمة الأوائل؟ هناك حقيقة مسلم بها وهي أن النقوش والوثائق البردية الإغريقية التي ترجع إلى نصف القرن الأول من عهد البطالمة، وهي الفترة التي يحتمل أن تكون الألقاب قد أنشئت فيها، قليلة إلى حد أننا نفتقر افتقارًا شديدًا إلى أدلة من هذه الفترة عن سائر النظم البطلمية، ومن ثم فلا عجب أن الأدلة التي لدينا من هذه الفترة عن سائر النظم البطلمية، ومن ثم فلا عجب أن الأدلة التي لدينا من هذه الفترة عن الألقاب الفخرية قليلة. أما قلة الأدلة عن هذه الألقاب طوال القرن الثالث ق.م، فإنها يمكن أن تعزى إلى أحد أمرين أو كليهما معًا، وأحدهما الصدفة، والآخر الاحتمال بأنه في عهد البطالمة الأوائل كان منح الألقاب محدودًا مثل ما كانت الحال في عهد الاسكندر الأكبر، عندما قصر لقب "رجال الحرس الخاص" على سبعة فقط إلى أن أدمج بيوكستاس في عداد تلك الفئة الممتازة فأصبح عددهم ثمانية. وفضلاً عن ذلك فإن النقوش والبرديات لم تكن قوائم ولا نشرات رسمية صادرة عن القصر الملكي أو الدوائر الحكومية بحيث أنه كان يتعين دائمًا قرن الأسماء الواردة فيها بألقاب أصحابها الفخرية. ولما كنا نعرف عن يقين أنه حتى بعد عهد بطلميوس الخامس كثيرًا ما أغفلت النقوش والبرديات ذكر ألقاب أشخاص حدثتنا نقوش وبرديات أخرى أقدم منها بأنهم كانوا يحملون ألقاب فخرية، فلا عجب أن كان إغفال ذكر الألقاب أكثر وأعم في برديات ونقوش الفترة التي يرجح أن تكون الألقاب أنشئت فيها واقتصد في منحها اقتصادًا شديدًا، وتبعًا لذلك كان عامة الناس قليلي الألفة بها.

    وإذا صح أن بطلميوس الخامس هو الذي أنشأ فعلاً الألقاب الفخرية في مصر البطلمية، فكيف تأتي أن الكتاب القدماء أغفلوا الإشارة إلى هذا الحدث الجديد؟ وكيف يمكن أن نقبل الرأي القائل بأن بطلميوس الخامس أنشأ الألقاب الفخرية تقليدًا للبلاط السلوقي مع أنه لا يوجد دليل على وجود كل هذه الألقاب في ذلك البلاط على نحو ما لاحظ ديتنبرجر. وأخيرًا، كيف كان يتسنى لملك مثل بطلميوس الخامس – بعد ما عاناه من وصاية منكودة ومن ذل الحماية الرومانية ومن ضياع ممتلكات مصر الخارجية في مستهل عهده – أن يضفي على مجموعة من الألقاب تبتدع دفعة واحدة في عهده مجدًا كان هو نفسه يفتقر إليه؟
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:40 pm

    إزاء كل الاعتبارات التي أوردناها نرى أن إنشاء الألقاب الرئيسية على الأقل يجب أن يعزي إلى البطالمة الأوائل الذين يبدو أنهم كانوا شددي الاقتصاد في منحها، ولكن على مر الزمن زيد عدد الألقاب واتسعت دائرة الأشخاص الذين كانت تغدق عليهم.

    وكما تصور قلة الأدلة من القرن الثالث، فيما يحتمل، اقتصاد البطالمة الأوائل في منح الألقاب، فإنه يحتمل أيضًا أن وفرة الأدلة من القرنين الثاني والأول تصور سخاء البطالمة الأواخر في هذا الصدد. وقد لا نعدو الحقيقة إذا عزونا بداية هذا الاتجاه نحو السخاء في منح الألقاب الفخرية إلى عصر بطلميوس الرابع، فإن هذا الملك عندما اشتعل لهيب الثورات المصرية اضطر إلى محاولة كسب ود المصريين بحدبه على الديانة المصرية ورسم نفسه فرعونًا وقرن اسمه بالألقاب الفرعونية التقليدية لا في الوثائق المصرية فحسب بل في الوثائق الإغريقية أيضًا. ولما لم يكن في وسع بطلميوس الرابع إغفال الإغريق الذين كانوا سنده وعضده ولاسيما بعد قيام الثورات المصرية ولم يرضهم بطبيعة الحال ما أظهره الملك من عطف نحو المصريين، فإنه من الجائز أن يكون هذا الملك قد عمل على استرضاء الإغريق ودعم سيطرته عليهم بالتوسع في إغداق الألقاب الفخرية عليهم، فضلاً عن اهتمامه بعبادة ديونيسوس اهتمامًا شديدًا وتحويل عبادة البطالمة عبادة إغريقية رسمية عامة إلى عبادة أسرية، وجعل عبادة بطلميوس الأول في مدينة بطوليميس عبادة رسمية عامة في منطقة طيبة لبطلميوس الأول والملك الحاكم.

    وإزاء تفاقم المتاعب التي واجهت خلفاء بطلميوس الرابع، كان طبيعيًا أن يزداد سخاء البطالمة الأواخر في منح الألقاب الفخرية. ويبدو محتملاً أن هذا الاتجاه كان مزدوجًا بحيث تضمن زيادة في عدد المنتفعين وكذلك في عدد مراتب الألقاب من أجل الاحتفاظ، على حد رأي هن (Henne)، بقدر من التفرقة بين حملة الألقاب. وعندما نلقي سلسلة الألقاب البطلمية الفخرية كاملة نجد أنها أصبحت تمنح لمختلف أنواع الموظفين عسكريين ومدنيين، في الإدارة المركزية والإدارة المحلية، في الإسكندرية وفي الريف، في مصر ولا ولاياتها.

    ويتضح جليًا من الأمثلة والمقارنات التي أوردناها أنه:

    أولاً: لم تكن هناك صلة بين الألقاب والمناصب، وإلا لما حمل لقبًا بعينه رجال تتفاوت مراتب وظائفهم تفاوتًا كبيرًا، ولما حمل أشخاص في وظائف أجل شأنًا من وظائف غيرهم ألقابًا أقل مرتبة من ألقاب هؤلاء الأشخاص. لكننا لا نعرف الأساس الذي كانت الألقاب تمنح بمقتضاه، وإن كنا نعرف أنه منذ أواخر القرن الثاني أصبح أمرًا مألوفًا أن ينتمي كبار الموظفين حتى في الإدارة المحلية إلى طبقة الأقرباء.

    ثانياً: قد صاحب التوسع في منح الألقاب الفخرية اتجاه عام نحو هبوط قيمة الألقاب لم يكن مقصورًا على حكام الأقاليم بل تعداهم حتى شمل كل الموظفين المدنيين والعسكريين.

    ثالثاً: لم تتمتع مديرية أرسينوي (الفيوم) بأية ميزة خاصة تكسب حاكمها مكانة أسمى من مكانة حكام المديريات الأخرى.

    رابعًا: من الجائز أن العسكريين كانوا أول الأمر أكثر امتيازًا من المدنيين بوجه عام من حيث الألقاب التي حملوها، غير أن هذه الميزة – إذا كانت قد وجدت على الإطلاق – لم يعد لها وجود عند نهاية القرن الثاني، لكنه لا يمكن القول بأنه على مر الزمن سبق المدنيون العسكريين في شوط الألقاب.

    وقد كانت الألقاب الفخرية على الأقل في القرن الثاني تشمل الطبقات التالية مرتبة على هذا النحو:

    1- الأقرباء 2- نظراء الأقرباء
    3- الأصدقاء الأول 4- نظراء الأصدقاء الأول
    5- كبار رجال الحرس الخاص 6- الأصدقاء
    7- الحرس الخاص 8- الخلفاء

    وهذا يبين أن البطالمة لم يستحدثوا جديدًا عند إنشاء الأرستقراطية التي تحيط بهم، لأن نظم البلاط في مقدونيا وبلاد الفرس ومصر الفرعونية كانت بوجه عام متشابهة ولم تختلف عنها كثيرًا النظم التي وضعها البطالمة لبلاطهم. ويجب أن نشير هنا إلى أنه لم يكن في وسع بلاط البطالمة، وقد أنش في بيئة غريبة عنه لا تربطه بها صلة القربى، أن يرتكز على أرستقراطية وراثية وإنما على أرستقراطية حكومية في مجموعها تتألف من كبار الموظفين الذين خلع الملك عليهم ألقاب التشريف. وإذا كان من المحتمل أن بعض أفراد الأسر المقدونية النبيلة استمروا يتمتعون بمكانة خاصة في البلاط البطلمي، فإنه لم يكن هناك مفر من أن تتضمن الأرستقراطية الحاكمة فريقًا من الإغريق الذين وفدوا على مصر. إذ لا شك في أنه بمضي الزمن اكتسبت بعض الأسر التي استقرت في مصر نفوذًا كبيرًا عندما تولى أفرادها مناصب رفيعة وضمنوا لأبنائهم مثل هذه المناصب ونحا هؤلاء نحو آبائهم.

    ولا جدال في أن لقب "قريب الملك" كان أعلى الألقاب الفخرية. ويلاحظ أن الرسائل الملكية إلى "الأقرباء" كانت أحيانًا تدعو المرسل إليه "الأخ"، على نحو ما يفعل الملوك في مخاطبة بعضهم بعضًا، فنجد أمرًا من يورجتيس الثاني وكليوباترا الثانية إلى "لوخوس الأخ"، وخطابًا مرسلاً إلى "لوخوس القريب والقائد"، وخطا بين مرسلين من بطلميوس سوتر الثاني وكليوباترا أحدهما إلى "فوموتس (Phommoutes) الأخ" والآخر إلى "هرموكراتس الأخ".

    وخير دليل على تسلسل الألقاب بالترتيب الذي أوردناه أن بويثوس حاكم عام منطقة طيبة حين نلقاه لأول مرة كان ينتمي إلى طبقة "كبار الحرس الخاص" ثم نلقاه بعد ذلك في طبقة "الأصدقاء الأول" وأخيرًا في طبقة "الأقرباء". والنتيجة المنطقية لهذا الترتيب أن طبقة "كبار رجال الحرس الخاص" كانت أعلى مقامًا من طبقة "الأصداء". ويؤيد ذلك أولاً أن هيراكلايدس حاكم مديرية بريثيبس كان رئيس المحكمة التي نظرت قضية هرمياس المشهورة وكان ينتمي إلى طبقة "كبار رجال الحرس الخاص" على حين أن اثنين من أعضاء هذه المحكمة وهما أبولونيوس وهرموجنس كانا ينتمان إلى طبقة "الأصدقاء"، ومن غير المعقول أن يكون المرءوس أعلى مقامًا من الرئيس. وثانيًا أن وزير المالية ديوسكوريدس قد وصف في عام 157 بأنه من "الأصدقاء" وفي العام التالي بأنه من "كبار رجال الحرس الخاص".

    ولما كانت القرائن توحي بأن الألقاب الفخرية كانت مرتبة طبقات، فلابد من أنه في الظروف العادية كان يجب التقدم في سلكها خطوة إثر أخرى دون القفز عدة خطوات دفعة واحدة. لكنه لما كان منح هذه الألقاب عادة رهن إرادة الملك، فإن وجود نظام معين لهذه الألقاب كان لا يحول دون الخروج على هذا النظام أحيانًا إرضاء لرغبة الملك. ولسنا نعرف إذا كانت الألقاب البطلمية تبيح لصاحبها أن يحمل شارة تدل على لقبه، ولا إذا كانت تستبع التزامات معينة أو على العكس نحمل معها منحًا معينة من الملك. ولا توحي الأدلة بأن الألقاب كانت تورث، وإن كنا لا نستبعد إفادة الأبناء من مكانة آبائهم وإيثار أبناء أصحاب الألقاب على غيرهم.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
    bassant
    عضو ذهبي
    عضو ذهبي
    bassant


    المساهمات : 1520
    تاريخ التسجيل : 11/12/2008
    العمر : 36

    السلطة المركزيـة Empty
    مُساهمةموضوع: رد: السلطة المركزيـة   السلطة المركزيـة I_icon_minitimeالأربعاء فبراير 18, 2009 10:41 pm

    6- القصر الملكي

    بالرغم من الإشارات المتعددة إلى قصور البطالمة فيما كتبه المؤرخون القدماء، فإننا لا نعرف عنها شيئًا يستحق الذكر، إذ أنه لم يصل إلينا أي وصف لها، ولم يعثر المنقبون عن الآثار على أطلالها. ولا شك في أن قصور البطالمة كانت ترفل في كل مظاهر الجلال والعظمة، فقد كان غنى البطالمة مضرب الأمثال بفضل ثروة مصر ورخائها. وإزاء ذلك نعتقد أنه ليس من الأسراف القول بأنه كان لا يدانى قصور البطالمة قصور الملوك في أية دولة هلينيسية أخرى. ومع ذلك لابد من أن الذوق الإغريقي قد حد من مظاهر العظمة، التي كانت تسرف فيها قصور الفراعنة وملوك الفرس، أو قصور ملوك فرنسا في القرن الثامن عشر.

    ولا شك في أن الصبغة العامة التي سادت قصور البطالمة كانت إغريقية لأن هؤلاء الملوك نصبوا أنفسهم زعماء للحضارة الإغريقية، وزعموا أنهم من سلالة الآلهة الإغريقية، فقد كانوا يدعون، كما سلف القول، أنهم ينحدرون عن هرقل وديونيسوس. هذا وإن سمحوا للكهنة المصريين بأن يصوروهم على جدران المعابد المصرية في شكل الفراعنة، ويصفوهم بأنهم أبناء رع، من أجل الفوز بولاء رعاياهم الوطنيين. وكانت لغة البلاط الرسمية هي اللغة الإغريقية، لكنه يبدو أن اللغة المقدونية كانت تستعمل في دوائر الأسرة المالكة. وعندما تعلمت كليوباترا السابعة اللغة المصرية، اعتبر ذلك أمرًا فذًا غير عادي.

    ولابد من أن ملابس رجال البلاط كانت إغريقية بسيطة في مظهرها. ويبدو أنه لم يفرق بين ملابس الملك أو رجال البلاط وبين ملابس المواطنين الإغريق العاديين إلا جودة القماش ولونه – اللون القرمزي الذي اشتهرت به صور – ودقةزركشته. وكان رداء الملك في الحفلات الرسمية الزي المقدوني العسكري، ويتألف من قبعة من الفل لها دائر عريض (Kausia)، ومن عباءة (Chlamys) تعلو سترة قصيرة، ومن نعل بأشرطة على الساق لمسافة غير قصيرة (Krepides). ولم يكن لأحد من ملوك العصر الهلينيسي تاج بالمعنى المعروف، إذ أنهم اقتفوا أثر الإسكندر فكانوا يلفون حول رءوسهم شريطًا (Diadema) يربطونه عند مؤخرتها فيتدلى طرفاه على ظهر العنق. وكان هذا الشريط عادة أبيض وأحيانًا أبيض وقرمزي اللون. وعندما يرتدي الملك القبعة، كان الشريط الملكي يربط حول قرص القبعة ويتدلى طرفاه إلى الخلف. ويحتمل أن سراة المصريين – فيما عدا الكهنة – أو على الأقل أولئك المصريين الذين يتولون مناصب في القصر أو في الحكومة كانوا يرتدون ثيابًا إغريقية. وترينا تماثيل البطالمة أنهم كانوا حليقي الذقن والشوارب في العالم الإغريقي بعد عصر الاسكندر، واعتنقتها الأرستقراطية الرومانية في القرن الأول قبل الميلاد، واستمرت هذه العادة إلى أن خلفتها عادة إطلاق اللحى في عهد الإمبراطور هادريانوس.

    ولا يبعد أن قصور البطالمة كانت تشبه منازل أغنياء الإغريق، وإن كانت أكثر منها اتساعًا وبها. ويظن أن جدران القصور الملكية بنيت إما من ألواح من الصخور الملونة أو من الطوب الذي غطى بهذه الألواح، وأن غرفها كانت تزخر بأثاث أنيق صنع من الخشب ورصع بالعاج والمعادن النفيسة، وكانت مفروشة بطنافس بديعة فوق أرضية مرصوفة بالفسيفساء. ويرى بعض الباحثين أن عمارة هذه القصور وأثاثاتها كانت إغريقية في طرازها فلا تشبه بقايا المباني الفرعونية، وإنما تشبه ما نراه في الصور التي حليت بها جدران المنازل في بومبي. ولذلك يظن أن أبهية الأعمدة في قصور البطالمة كانت مكونة من أعمدة إغريقية كورنثية أو أيونية، ولم تكن مؤلفة من أعمدة مصرية. لكننا نعتقد أنه من الخطأ الجزم بأن القصور الملكية كانت إغريقية في جميع مظاهرها برغم افتقارنا إلى دليل، وبرغم معرفتنا أن قاعة الاحتفالات العظيمة التي شيدها بطلميوس الثاني، والمركب الفخم الذي بناه بطلميوس الرابع كان يزدهيان بأعمدة مصرية. ولذلك نرى أنه بالرغم من الصبغة الإغريقية العامة التي كان يصطبغ بها البلاط والقصور البطلمية، لا يبعد أنه كانت توجد في المباني بغض عناصر العمارة والزخرفة المصرية.

    وكان البلاط يقيم عادة في الإسكندرية، منذ نقل العاصمة إليها، إلا أنه كان ينتقل فيما يبدو مع الملك في مناسبات معينة من الإسكندرية إلى كانوب، إذ تحدثنا وثائق زينون البردية عن وجود البلاط في كانوب، بمناسبة الاحتفال بعيد ميلاد الملك. وقد كان البطالمة المتأخرون يقيمون كذلك فترات قصيرة في منف.

    وعندما استخدم بطلميوس الأول المؤرخ هكتايوس (Hecataeus) من أبديرها (Abdera) ليكتب تاريخ مصر، مجد الملكية وصورها على النحو الذي يتمثله الإغريق، فوصف الحياة التي كان الملوك يحيونها بأنها لا تشبه حياة غيرهم ممن يتمتعون بسطة مطلقة ويتصرفون في كل شيء على نحو ما يروقهم. فمثلاً في حالة أعوانهم لم يكن من بينهم عبد واحد بل كانوا جميعًا أبناء أبرز رجال الدين، وذلك ليكون الملك – وقد أحاط نفسه بأنبل الرجال للعناية بشخصه والقيام على خدمته آناء الليل وأطراف النهار – في مأمن من الانحدار إلى الدنايا... وقد نظمت أوقات الملوك ليلاً ونهارًا بحيث خصص وقت معين لكل شيء، وكان عليهم مراعاة ذلك بدلاً من مراعاة رغباتهم الخاصة. فقد كان هناك وقت محدد لاستقبال الناس أو تصريف العدالة، ووقت للنزهة ووقت للاستحمام، ووقت لمعاشرة الزوجة. وكان على الملوك أيضًا أن يتبعوا نظامًا معينًا في الأكل يبدو أنه من وضع أحكم الأطباء. ولما كان مثل هؤلاء الملوك يعيشون وفقًا لنظم اختارها لهم أرشد الناس، وكانوا يعاملون رعاياهم بالعدل، فإنهم كانوا لا يرتكبون إلا أقل الأخطاء وكان رعاياهم يظهرون نحوهم من المحبة ما يفوق حبهم لذويهم.

    ولما كنا نعتقد أن ما كتبه هكتايوس يصور سلوك الفراعنة من وجهة نظر الفلسفة السياسية الإغريقية، فإن هذا التاريخ يعطينا فكرة جلية عما كان الإغريق النابهون يتوقعونه عندئذ من الملوك المعاصرين. ولا نستبعد أن يكون بطلميوس الأول قد اهتدى ببعض هذه الأفكار في وضع أساس التقاليد التي يجب أن يعيش هو وخلفاؤه على نمطها. وإذا صح أن يكون البطالمة الأوائل قد راعوا مثل هذه التقاليد، فإنه لا يخامرنا شك في أن البطالمة الأواخر، ولاسيما العابثين منهم، قد انحرفوا عنها انحرافًا شديدًا فأهملوا شئون الدولة وانغمسوا في ملاذهم وأصبح بلاطهم يعج بأحط العناصر مما كان له أسوأ الأثر في مصير دولتهم.




    7- الوزراء


    ومن بين رجال البلاط كان الملك يختار مجلسه، الذي لا نعرف عنه شيئًا، وكذلك وزراءه وكبار موظفيه. ويذكر "جوجيه" أنه كان يأتي في مقدمة رجال السلطة المركزية "كبير الوزراء"، ويصفه بأنه كان حامل أختام الدولة ويرجح أن لقبه كان مثل لقب كبير الوزراء في دولة السلوقيين "المشرف على شئون الدولة" (Ho epi ton pragmaton). ويبين أن جوجيه قد استخلص ذلك من النظام الذي كان معمولاً به عند السلوقيين ولم يستخلصه من الوثائق البطلمية، إذ ليس فيها أي سند لهذا الرأي. ولعل هذا هو ما حدا به إلى القول في موضع آخر إنه من العسير القول بأنه كان في خدمة البطالمة عادة موظف يمكن أن ندعوه كبير الوزراء وأن نشبهه بالوزير عند فراعنة الدولة الحديثة. والواقع أنه يصعب أن نتصور وجود وزير في دولة البطالمة يفوق في أهميته ومكانته واتساع سلطانه ونفوذه وزير المالية الذي كان يتمتع بمكانة سامية في البلاط ويكاد يسيطر سيطرة تامة على كل نواحي الحياة العامة في البلاد. ولا غرو فقد كان يشرف على حياة البلاد الاقتصادية وكافة موارد الخزانة العامة وخرجها، وكان يطلق عليها اسم "خزانة الملك" (Basilikon). ولعل السبب في هذه التسمية يرجع إلى أن الملك والدولة كانا لا ينفصلان، ولذلك فإنه لم يكن في الوسع التفرقة بين ما يملكه أحدهما ويملكه الآخر، حتى ليمكننا القول بأن شعار البطالمة كان كشعار لويس الرابع عشر "الدولة أنا" (L'Etat c'est moi). وكان الوزير الذي يضطلع بمهام هذه الأعباء الخطيرة يدعى ديويكيتس (Dioiketes)، وهو لقب متواضع يحمل معنى "مدير الضيعة"، ومع ذلك فإن هذا اللقب بالغ الدلالة على أن البطالمة كانوا يعتبرون مصر ضيعتهم الخاصة، ومن ثم فإنه يتفق تمام الاتفاق والنظم التي استنوها لحكم هذه الضيعة. وسنعود مرة أخرى إلى الكلام عن هذا الوزير الخطير.

    ويمكن اعتبار موظف كبير، يدعى أرخيديكاستس (Archidikastes)، وزير العدل. وبالرغم من أننا لا نعرف مهامه على وجه التحقيق، فإنه من المرجح أنه كان يعين بعد موافقة الملك القضاة الإغريق (خرماتيستاي، Chrematistai) والقضاة المصريين (لاؤكريتاي، Laokritai) في طول البلاد وعرضها. ويظن أنه كان أيضًا يحضر للملك القضايا التي كان أربابها يستأنفون الأحكام التي صدرت فيها إلى الملك، باعتبارها محكمة الاستئناف العليا. وعلى عهد البطالمة الأوائل كان يوجد وزير للأشغال (Architekton) كانت مهمته العناية بنظام الري وصيانة وسائله. وكان ينفذ أوامره في كل مديرية مهندسون كان لديهم من السلطة ما يمكنهم بمساعدة قائد المديرية من تسخير ما يلزمهم من الأيدي العاملة. ويرجح البعض أنه كان يوجد كذلك وزير للحرب يقوم بالإشراف على تجنيد الجيوش ودفع مرتبات الجنود ومنح الإقطاعات. ويرى البعض الآخر أن الملك بوصفه القائد الأعلى للجيش هو الذي كان يشرف على التجنيد. وإذا كان يصعب الإدلاء برأي حاسم في هذه المسألة بسبب قلة ما لدينا من الأدلة، فإنه مع ذلك يبدو لنا أن الملك أو الوصي على العرش هو الذي كان يضطلع بكل هذه المهام بمساعدة وزير المالية وأصحاب الحظوة لدى البلاط وكذلك قائد الجيش، حين يكون للجيش قائد غير الملك.
    الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
     
    السلطة المركزيـة
    الرجوع الى أعلى الصفحة 
    صفحة 1 من اصل 1
     مواضيع مماثلة
    -

    صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
    منتديات لعيونكم :: الصفحه الرئيسيه :: منتدى التأريخ-
    انتقل الى: