كم كنت أتمنى لو كان معنا إبان تواجدنا في نهائيات كأس العالم 2006 ذلك الجندي الذي صوب فوهة بندقيته نحو مدرب الحدود بعد انفلات عقال الضبط مؤخراً عن ملاعبنا لسمع بنفسه تلك المحاضرة من قبل جهاز الأمن المكلف بمكافحة شغب الملاعب العالمية بشأن كيفية اختيارهم للعناصر التي جاءت وفق مواصفات نفسية وأمنية معينة عكست جانباً ثقافياً عن طبيعة مجتمعهم المعروفة بالعنصرية الحادة والغضاضة في التعامل مع كل من لا يجري في عرقه الدم الألماني أو ينطق بلغتهم، لكن الحق يقال: إن ما لمسناه كان تعاملاً راقياً وترحيباً حارا ًوبكل اللغات مصحوبا بابتسامات عريضة رسمت بخجل على محياهم قبل وبعد كل مباراة.
نعود الى ما حدث من أعمال شغب في دورينا وذلك التصعيد الخطير الذي من شأنه أن يضر بسمعة كرتنا ويؤثر على مستقبلها.. فمشهد اشتباك افراد من قوات الجيش مع اللاعبين كفيل بنسف كل الجهود والالتماسات المقدمة لإقناع إمبراطورية (فيفا) للسماح لنا بضيافة المنتخبات على ملاعبنا، وهو سلوك بعيد عن أخلاق لاعبينا ومشجعينا وينذر بقادم مريب ويبث الرعب في قلوب الجماهير المتعطشة لرؤية مدرجات الملاعب وهي تكتظ بالمشجعين ، لكنه يحمل أيضا ضمن طياته رسالة مبهمة نعجز عن تفسيرها وفك شفرتها كونها أرسلت بدهاء وعلى جناح السرعة إلى من يهمه الآمر بعد إن عاودت انهار الديمقراطية تدفقها العذب كالشلالات من سفوح العهد الجديد الذي نتطلع اليه بصدق واقعاً مغايراً لما سبقه ونقلة نوعية في كل شيء خصوصا أن ينابيع الممارسة الانتخابية الحرة فاضت على ارض الواقع وعكست بكل وضوح إرادات القطاعات الرياضية وإجماعها التام على من انتخبوهم اليوم.
إن الركون إلى مقررات التقرير الأسبوعي للاتحاد في معاقبة الأندية الخارجة عن الانضباط ليس الحل الأمثل للحد من هذه الموجة البائسة، بل يجب على سائر الهيئات الإدارية الجلوس ومناقشة هذه الخروق السافرة ومتابعة مسببات ذلك واستئصال العناصر المخربة المدعومة من بعض أعضاء الهيئات وتشخيصهم من دون إن ينصّب احدهم نفسه محامياً عنهم وعزف (لحن الوفاء) مع ترنيمة (الإخلاص والزهد) في حب النادي، لان القضاء على الشغب يتطلب من الجميع صراحة متناهية وشفافية مطلقة في النقاش ونزاهة ضميرية جادة ونوايا طيبة تكون حاضرة عند الطرح وحس ثقافي واعٍ بالتشجيع والمناصرة، لا أن نشتاق إلى ما كنا نشاهده علناً لممارسات بعض الهيئات سابقاَ عندما كانت تجلب لنا مهرجين مفلسين من أروقة المقاهي وزجهم مع الجماهير في المباريات الحاسمة لافتعال ضجة وقتية أو سب الحكام واللاعبين لاستفزازهم وإثارتهم بتعمد!.
من هنا نطالب اللجنة الاولمبية بضرورة مفاتحة وزارتي الدفاع والداخلية من اجل تأهيل عناصرهما وإرسال مجموعة من منتسبيهما لدورات خارجية لتدريبهم على قمع الشغب بشكل حضاري يتناسب مع جنس العصيان وضراوته على ان يميزوا إثناء معالجتهم للاختلالات بين من هو إرهابي مجرم يحاول العبث بأمن البلد، وبين الروح الرياضية وهوى المشجعين وانفعالات أعصاب اللاعبين وحماسهم الفطري كون الجميع يدرك إن هذه القوات وجدت لتهدئة الأوضاع وضبطها، لا لتأزيم المواقف لدرجة الهستيريا والهلع!
إنه من المؤسف حقاً ما شاهدناه مؤخرا من أن يهم احدهم بتوجيه (سلاحه) ضد احد اللاعبين وكأن المقابل رجلاً مسلحاً وليس رياضياً (اعزل) هذه الهفوة يجب عدم تكرارها ومعالجتها على الفور من دون إهمال كونها تنقل عن الكرة العراقية صوراً مغلوطة تنافي واقعها الحقيقي وتعطي للمتربصين لنا (دوليا) ذرائع وتوحي لهم بانطباعات سيئة تدل على همجية المجتمع الرياضي في تغليبه للغة السلاح على سمة التنافس الرياضي، فبدلاً من إن ننهي المباراة بالتحية والعناق حوّلناها إلى رياضة رمي بـ(البنادق) ولكن على أهداف (بشرية) متحركة.. يا العجب