ابو كرار الساعدي المشرف العام للمنتدى
المساهمات : 1559 تاريخ التسجيل : 10/08/2008 العمر : 54 الموقع : العراق
| موضوع: أحببتُ تلميذتى ( قصة قصيرة ) الجمعة يونيو 04, 2010 6:53 pm | |
| وقفَ الأستاذ ( شديد ) مدرس التاريخ فى الفصل وسط خوف
التلاميذ مِن نظرته القوية التى تجعلُ الواحد منهم يمتلئ مِن
الرعب ؛ خوفاً مِن أنْ تطوله يدُ الأستاذ العنيف ، وأما الأستاذ
( شديد ) فأخذ يفكرُ فى حاله ، وكيف أصبحَ مدرساً للثانوى
ولم يتعدَّ عمره ( 32 ) عاماَ ، فكم مِن الدراساتِ قد حصّلها
ليصلَ إلى مافيه ، ثم أخذته لحظاتٌ مِن الحسرة والمرارة على
طلاقه السريع ، بعد زواجٍ لم يدمْ أكثر مِن سنةٍ واحدةٍ ، فلايدرى
هل كان الطلاقُ بسبب شدته ، أم تمسكه برأيه ، وكيف أنه لم
يقلْ عن طلاقه لأى أحدٍ مِن زملائه حتى الآن ، فالجميعُ
يعتقدون بأنه إنسانٌ سعيدٌ فى زواجه ...
وبينما هو يفكرُ إذا بأحد المفتشين فى مكتب الناظر ، يطلبُ منه
مدرساً لمدرسة البنات الثانوية حيث أصبحَ هناك عجزٌ ؛ لأن أحد
المدرسين هناك قد سافر للعمل بدولة الإمارات ، ويتمنى المفتش
لو يرشحُ له الناظر مدرساً قوى الشخصية ، وطبعاً يكون
متزوجاً ؛ كى لايضعفَ أمام الطالبات ، وخصوصاً وأنّ كثيراً
منهن قد جاوزتْ العشرين مِن عمرها ، فاختار الناظر الأستاذ
شديد لهذا المكان ؛ ليتسلمَ عمله غداً فى مدرسة البنات ، وفى
حى غرب القاهرة دخل الأستاذ شديد المدرسة ، فوجدَها تزيدُ عن
الأربعة الاف فتاةٍ ثم دخلَ الفصل ، فوجدَ أنّ عدده قد وصل
لسبعين طالبة ، فظلّ عدة أيام يشرحُ دروسه ، ثم ينصرفُ فى
هدوءٍ ، حتى وجد طالبة تظهر ملابسها مظاهر الثراء ، وإذا بها
ابنة رئيس الشرطة ، وكانت تضايقُ زميلاتها دائماً ، والكل
يطلبُ رضاها ، حتى ناظرة المدرسة ، ولما نستْ نفسها فى
الحصة ، وبّخها الأستاذ ( شديد ) ، فقالتْ له بتكبرٍ : أنتَ نسيتَ
نفسكَ ولا إيه ؟!....هو أنتَ مش عارف أنا مين ؟ !... وهنا
انفعلَ الاستاذ ، وصفع الطالبة المتكبرة ( يارا ) وسط ذهول
الطالبات ، وذهولها ، فطلبتْ أباها مأمور القسم على التليفون
المحمول وبسرعةٍ حضر رجالُ الشرطة ، وقبضوا على الأستاذ .....
وفى اليوم التالى قالتْ زميلة ليارا :إن الطالبات فرحن لأن
الأستاذ ضربكِ ،ولم يعتذرْ إليكِ ، وفى ذلك قمة الاهانة لكِ،
وأنصحكِ لو تُخرجيه من السجن ؛ ليعتذر لكِ...
فطلبتْ مِن والدها أنْ تزورَ الأستاذ فى السجن ، وعرضتْ عليه
أنْ يُفرَج عنه ، ويعود للمدرسة فى مقابل أنْ يعتذرَ لها ، ولكنه
رفض بكل شموخٍ ، وفشلتْ فى اقناعه .....
ومرتْ ثلاثة أيام لايشغلها إلا كرامتها ، وأنْ يعتذر لها الأستاذ
أمام الطالبات ،وهنا قررتْ أنْ تستخدمَ سلاح المرأة فى المكر ،
وجعلتْ والدها يفرج عنه ، وأفهمتْ الأستاذ أنها نادمة على
سجنه ، وترجوه أنْ يسامحَها ، وأنْ يعودَ للمدرسة ، وأنها
أصبحتْ لا تنتظرُ منه أى اعتذارٍ ، ثم طلبتْ منه أنْ يعطيها درساً
خصوصياً لوحدها فى منزلها ، وعندما حضر لمنزلها أرادتْ أنْ
تذله بحبها ، وعرضتْ نفسها عليه ، لكنها لم تلحقْ لأنّ آذان
المغرب كان عالياً فى المسجد المجاور لمنزلهم ، وفوجئتْ
بالأستاذ يطلبُ منها الوضوء ؛ لتشاركَه الصلاة الجماعية
فتظاهرتْ بإطاعة كلامه ، ولتفعل بعد الصلاة ماتريد ، ووقفتْ
خلفه وهو يتلو آيات القران الكريم بصوتٍ جهرىٍّ رائعٍٍ ومؤثرٍٍ
وإذا بها تنسابُ دموعُها ؛ ندماً على ما كانت تفكر فيه ، وعلى
كبريائها المزيف ، وهنا بدأتْ تسمع لهمس قلبها ، ولحن
خفقاته ، وبدأ الحبُّ الطاهر يتغلغل فى أعماقها ، واعترف
الأستاذ آخيراً بحبه لها ، وفى لحظةًٍ من الصفاء قال لها الأستاذ
مداعبا : ما أهم شيئٍ أعجبكِ فىّ يا حبيبتى ؟..
فردت يارا وقد عدلتْ مِن حجاب شعرها الذى ارتدته مؤخراً
تنفيذاً لرغبة حبيبها الأستاذ : كل شيئٍ فيكَ يعجبنى ...ولكن
يبقى أهم ما أعجبنى فيكَ ، وهو عصبيتك ...لأنى أحب الرجل العصبى...
فبادرها الأستاذ بابتسامةٍ فيها حنو أبوى : أنتِ أيضاً كل شيئ
فيكِ حلو...ولكن تبقى لديكِ صفة حلوة ظهرتْ بعد تغير
شخصيتكِ للأحسن ، وهى كلمة ( حاضر ) فعندما تقوليها لى ،
أشعر بأنى خادمكِ المطيع ....
وهبتْ العاصفة منذرةً بفراقٍ وشيكٍ ، فلقد جاءَها عريس ثرىٌّ
وافقَ عليه أهلها ، ولكنّها رفضتْ وبإصرارٍ ، وصرّحتْ لأمها
بحبها للأستاذ ، فذهبتْ أمها للأستاذ ، وطلبتْ منه إنْ كان حقاً
يحبُ ابنتها ، ويتمنى لها السعادة ، فعليه أنْ يتركَها ؛ لتعيشَ
مع إنسانٍ يناسبُها عمراً ، ومن نفس مستواها الاجتماعى ، لأنّ
الأستاذ أكبر مِن ابنتها ب ( 13 ) سنة ، وأيضاً فإنّ مستواه
المادىّ أقل كثيراً مِن مستواهم المادىّ ، وإنّ الحب تضحية
وعليه أنْ يبعدَ عن حياة ابنتها....
واقتنع الأستاذ شديد بكلام والدة يارا ، وحصل بسرعةٍ على عقد
عمل بدولة قطر ؛ ليبعدَ عمَن أحبها قلبه ، ويعودَ للوحدة
والحزن والحسرة والمرارة ، فهم أصدقاؤه الذين لايفارقونه
أبداً ...ليكونَ الفراق قدرا دائما...............
تمت بحمد الله
بقلم سمير البولاقى منقول | |
|