دراسة تقنية النانو تكنولوجى

مؤتمر النانو الدولي وجسر الهوةبين الواقع والمأمول
د. سامي سعيد حبيب
تطلع مركز التقنيات متناهية الصغر بجامعة الملك عبد العزيز إلى انعقاد المؤتمر تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين كأحد منطلقات جسر الهوة بين واقع التقنيات متناهية الصغر حالياً بالمملكة والمستقبل الباهر المأمول لها.?يعقد?بحول الله تعالى بعد قرابة ثلاثة أشهر من الآن وبالتحديد في الثالث عشر من جمادى الآخرة 1429 هـ مؤتمر علمي دولي لتقنيات النانو تحت الرعاية الكريمة لخادم الحرمين الشريفين ملك العلم والتقنية الملك عبد الله بن عبد العزيز أيده الله ، تحت عنوان التقنيات متناهية الصغر : الفرص والتحديات ، ويسبق المؤتمر بثلاثة أيام ورشة عمل عالية التخصص يقدمها نخبة من خبراء تقنية النانو في العالم بهدف تأهيل المزيد من الطاقات البشرية السعودية في شتى تخصصات النانو التي تشمل العلوم التطبيقية قاطبةً. كما يصاحبه معرض تقني لأجهزة ومعدات النانو المستجدة على الساحة العالمية. كما سيعقد المؤتمر بتوفيق الله بالشراكة العلمية مع اتحاد الجامعات العربية الذي يضم في عضويته ما يزيد عن 170 جامعة عربية وهو من هذا المنطلق سيكون تظاهرة علمية عربية دولية لعلها الكبرى حتى الآن في المملكة في هذا المجال ، وقد يكون الأهم هو أن القائمين على المؤتمر وعلى رأسهم معالي مدير الجامعة رئيس المؤتمر يصبون إلى أن يتخطى أثره حصر الاستفادة في الأوساط الأكاديمية إلى دوائر وشرائح المجتمع ككل من خلال شراكة القطاع الحكومي والخاص وربما الأهم من ذلك محاولة المؤتمر رسم مسار مهني رفيع التخصص وعالي المردود للفئات المستشرفة للمستقبل الواعد من شباب الوطن ، وتلمس المكانة الدولية للمملكة العربية السعودية في هذا المجال بالغ الأهمية في المستقبل المنظور. ربما تكون إحدى مزايا المؤتمر النظرة الشمولية المتوازنة لتقنيات النانو حيث سيصاحب الحماس الكبير للإبداعات التقنية والفتوحات العلمية في مجال النانو التي سيتطرق إليها المؤتمر قضايا تهتم بالجوانب الترشيدية للتقنية وإتقاء غائلتها – ولكل تقنية مهما كانت جوانب سلبية – حيث ستناقش طروحات علمية بالمؤتمر جوانب سلامة تقنية النانو على الإنسان والبيئة ، سواءً الإنسان المصنّع أو المستفيد النهائي من التقنية حيث كما أصبح مشهوراً فإن تقنية النانو تتعامل مع المواد والأجهزة والمعدات على مستوى بالغ الصغر قدره واحد من المليار من المتر ( 10 -9 م ) ، أو بلفظ أقرب لتصور غير المتخصص في العلوم بمقياس أدق من الشعرة البشرية بألف مرة. من بين طروحات التوازن في المؤتمر تناول أحد أهم الأهداف لأي تقنية كانت ألا وهو الجانب الاقتصادي إذ لن تقتصر طروحات المؤتمر على تناول تقنية النانو من حيث أسسها العلمية وطرق تصنيعها وتطبيقاتها في المجالات الطبية كمثل تجديد نمو الأعضاء والهندسية والصيدلانية وفي مجال مستحضرات التجميل والطفرات المتوقعة في الإلكترونيات والحاسبات الملبوسة ( نعم الملبوسة وليست المحمولة ) إلى آخر التطبيقات الحالية والمستقبلية في العالمين النامي والمتطور وجوانب السلامة والترشيد التي يجب أن تصاحبها بل سيكون إلى جانب كل ذلك طروحات تتناول تسخير تقنية النانو كأداة اقتصادية واعدة تخدم تنويع مصادر الدخل والتنمية المستدامة وإيجاد طبقة من المهنيين في التقنيات المتقدمة بالمملكة العربية السعودية والعالم العربي. ربما كان من بين المؤشرات على صدارة التنافسية العالمية وتسابق الأمم للأولوية في مجالات تقنية النانو التي يرى المتخصصون أن من سيمتلك ناصيتها سيهيمن على الصناعة على مدى القرن الحادي والعشرين هو حجم الميزانيات المخصصة عالمياً من قبل القطاعين الرسمي والخاص لأبحاث وتطوير النانو والبالغة إجمالاً 17 مليار دولار سنوياً 12 منها من قبل القطاع الخاص العالمي و5 من قبل القطاع الرسمي على تفاوت بين دول العالم في حجم الإنفاق البحثي على تقنيات النانو ، وتستخدم بعض الدراسات العلمية للمفاضلة بين الدول حجم الميزانيات بالنسبة لتعداد المواطنين للدولة المعنية المنفقة على أبحاث تقنيات النانو ، تتقدم إيرلندا العالم بهذا المقياس حيث تخصص 10 يورو لكل مواطن تنفق على أبحاث النانو ، يليها إسرائيل التي تخصص 9 يورو لكل مواطن ، وتأتي كل من اليابان والولايات المتحدة في الترتيبين السابع والثامن ، وإن كانت الأخيرة هي الأكثر من حيث الإنفاق المطلق على هذا المجال. إلى جانب تقدم إسرائيل كما أسلفنا في أبحاث وتطبيقات النانو عالمياً وفي المنطقة العربية على وجه الخصوص ، فإن إيران ماضية أيضاً بخطى تطويرية كبرى وطموحات في مجالات النانو لا تقل عن التطلعات الإسرائيلية واستحدثت لتحقيق طموحاتها تلك إدارة خاصة مرتبطة لأهمية تقنيات النانو من وجهة نظر الإيرانيين برئيس الدولة مباشرة أطلق عليها مسمى ( المكتب الخاص لتطوير تقنيات النانو ) وذلك ضمن رؤية إيرانية عشرينية شاملة تتصور الصدارة المطلقة لإيران في المنطقة اقتصادياً وعلمياً وتقنياً ، ومهمة مفادها أن تحتل إيران مرتبة مناسبة بين أكثر 15 دولة تقدماً في مجال النانو على مستوى العالم خلال العقد القادم وبذل المساعي المتواصلة لدول الارتقاء في هذه القائمة الخمسة عشرية ، كما وضعت المبادرة الوطنية الإيرانية للنانو ثلاثة أهداف رئيسية في المجال هي : الحصول على حصة عادلة من التجارة العالمية بالاستفادة من تقنيات النانو ، وضع الأسس للإفادة من الترقي في المستوى المعيشي للشعب الإيراني بما تتيحه تقنيات النانو من ارتقاء في نوعية الحياة ، والتصنيع والتنمية المستدامة من خلال علوم وتقنيات النانو. وخصصت لهذه التطورات حصة متناسبة من مجمل الميزانية الوطنية لإيران. وحري بالمملكة العربية السعودية أن تضارع الخطط العالمية والإقليمية – ولا أغفل الدور الريادي الذي تضطلع به مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية – في تبوؤ الصدارة اللائقة بالثقل الاقتصادي والسياسي بالمملكة في مجالات تقنيات النانو الواعدة والتي يمكن للمؤتمر القادم أن يكون منصة انطلاق نحو تحقيق المكانة العلية التي يتطلع إليها كل من يعنى بتقنية النانو بالمملكة لا سيما من منطلقات تحقيق التنمية المستدامة. وغني عن القول إن في إيلاء قمة هرم اتخاذ القرار بالمملكة أهمية متقدمة لتقنيات النانو في سلم الاوليات التطورية في المملكة ممثلة في الدعم المعنوي والمادي والذي يعكسه موافقة خادم الحرمين الشريفين على تأسيس مركز التقنيات متناهية الصغر بجامعة الملك عبد العزيز في 24/3/1428 هـ ، وكذلك الموافقة الكريمة على رعاية المؤتمر الدولي للنانو: الفرص والتحديات ، ناهيك عن الدعم المادي المتمثل في التبرع الشخصي لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله للمركز بمبلغ 12 مليون ريال ، حافز للإبداع والتميز. ويتطلع مركز التقنيات متناهية الصغر بجامعة الملك عبد العزيز إلى انعقاد المؤتمر تحت رعاية خادم الحرمين الشريفين كأحد منطلقات جسر الهوة بين واقع التقنيات متناهية الصغر حالياً بالمملكة والمستقبل الباهر المأمول لها بتوفيق من الله ثم بدعم وبعد نظر القيادة الرشيدة ، كما يتطلع بعد توفيق الله إلى مزيد من النجاح من خلال الموافقة على تخصيص ميزانية سنوية للمركز تتناسب مع الدور الوطني الذي يطمع في تحقيقه من خلال البحث والتطوير كإحدى قنوات التنمية المستدامة في هذا الكيان العظيم المملكة العربية السعودية ، وأن يترقى المركز للاضطلاع بدور تعليمي وتدريبي فاعل في مجال تقنيات وعلوم النانو ويتحول لمعهد الملك عبد الله لتقنيات النانو بجامعة الملك عبد العزيز ، آمال علمية نرجو أن تحملها للجامعة وللمركز زيارة الرعاية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز المأمولة لرعاية المؤتمر ، وما ذلك على الله بعزيز. ?مدير مركز التقنيات النانو جامعة الملك عبد العزيز?
منقول من جريدة المدينة